اندماج الأحزاب وتلاشي الدعم الدولي.. صفعات جديدة لـ«إخوان تونس»
ازداد المشهد السياسي التونسي تعقيدًا، بإعلان اندماج
حزب «الاتحاد الوطني الحر» ( تأسس في 19 مايو 2011 على يد رجل الأعمال سليم
الرياحي) في حزب «نداء تونس»، الذي يرأسه حافظ باجي السبسي، نجل رئيس الجمهورية،
إذ تسهم تلك الخطوة في إعادة التوازنات السياسية في البلاد، لا سيما أن انصهار
الحزبين معًا يؤثر سلبًا على حركة «النهضة»، امتداد جماعة الإخوان في تونس.
صفعات متتالية يتلقاها «إخوان تونس» في الآونة الأخيرة،
أولها إعلان الرئيس باجي السبسي إنهاء التوافق مع «النهضة»، واتهام الحركة بتأسيس
نظام سري تورط في عدة اغتيالات، ثم تخلى «الاتحاد الوطني» عن دعم «الائتلاف
الوطني»، المساند لحكومة «يوسف الشاهد».
للمزيد: «قتال الدراجات النارية».. وثيقة جديدة تفضح إخوان تونس
ومن جهته، علّق عبدالحميد الجلاصي، القيادي في «النهضة»
على هذا الإندماج، بالقول إن حسابات الأحزاب مشروعة، وإن الحركة ستنظر في خارطة
تحالفاتها، باعتبارها أحد مكونات المشهد السياسي.
ويضمن التحالف الجديد صعود كتلة «نداء تونس»
في البرلمان، بعد أن شهدت موجة استقالات، إلى المرتبة الثانية بـ50 نائبًا، بعد
انضمام 12 نائبًا من حزب «الاتحاد الوطني الحر»، خلف كتلة «النهضة»
التي تضم 68 نائبًا، في حين يتقلص عدد نواب كتلة «الائتلاف الوطني» الداعمة
لـ«الشاهد» إلى 39 نائبًا.
بدورها، قالت النائبة التونسية، فاطمة المسدي، إن انصهار
حزب «الاتحاد الوطني الحر» في حركة «نداء تونس»، هي الخطوة الأولى التي تعبر
عن مشهد سياسي جديد، مشيرة إلى أن هذا المشهد يوضح عدم التعاطي مع تنظيم الإخوان
في تونس، الذي يمثله «النهضة».
وتابعت:«الرداءة السياسية لا تعالج إلا بطبقة سياسية
جديدة يفرزها الصندوق الانتخابي، وما يحدث في تونس الآن، هو قطع التعاطي مع
الإخوان سياسيًّا»، مطالبة بحل الحركة استنادًا إلى قانون مكافحة الإرهاب، خاصة
بعدما توفرت أدلة إدانتها.
وهم «الدعم الإقليمي» يتلاشى
من قبل، كان «راشد الغنوشي»، رئيس «النهضة» يسوّق للحركة
أنها تحظى بدعم إقليمي ودولي، الأمر الذي أغضب عددًا من قيادات الحركة، الذين طالبوه
بعدم الاطمئنان لهذا الدعم، مؤكدين -في رسالة له- أن الأحداث السياسية أكدت عدم
وجود تغييرات في الوضع الإقليمي والدولي تبرر أو تدعو إلى هذا التحول في موقف
الحركة، وأن الجار الغربي لم يبد منه إن كان مرتاحًا لنتائج الانتخابات البلدية أو
انفراد النهضة بالحكومة أم لا.
اعتقاد «الغنوشي» بوجود مساندة خارجية، جعلته لا يرى
مانعًا في تقدم الحركة نحو السلطة، وحتى في تقديم مرشح منها للرئاسة، في حين جاءت
كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، مغايرة لمعتقدات رئيس
«النهضة»، خاصة وصفه لمواقف الحركة تجاه المساواة في الميراث بـ«الظلامية».
ووجه «ماكرون» رسائل ضمنية لـ«النهضة» خلال افتتاح القمة
الفرنكفونية في دورتها الـ17 في« يريفان» عاصمة أرمينيا، إذ شهدت كلمته على الجانب
الآخر دعمًا لافتًا، وغير مسبوق للرئيس الباجي قائد السبسي، إلى جانب ما تضمنته من
مُفردات وأوصاف منها عبارة الظلامية.
وزادت «ماكرون» من مخاوف الحزب الإخواني، حين قال
إن فرنسا وكل الدول الأعضاء في المنظمة سيقفون بجانب الرئيس «السبسي» ضد
«أولئك الذين يريدون سجن قارة بأكملها في قراءة مشوهة للدين».
مستقبل «النهضة»
في سياق متصل، قال المحلل السياسي التونسي، نزار مقني،
إن اندماج الحزبين بدأ يؤشر على معركة «لي أذرع» مرتقبة بين
الطرفين؛ خاصة في الصراع القائم بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، والذي
ترجم إلى صراع في البرلمان.
وأضاف لـ«المرجع» أنه بالرغم من تأثير الاندماج على
التركيبة البرلمانية؛ بأن أصبحت كتلة «نداء تونس» هي الثانية في المشهد
البرلماني، إلا أن «النهضة» ما زالت تحافظ على نفس المرتبة الأولى نيابيًا
وسياسيًا.
وتابع:«لكن يبدو أن النهضة بدأت تنظر الى هذا
الاندماج بتوجس كبير، إذ من الممكن أن يشمل التحالف السياسي الجديد حتى حركة
«مشروع تونس» التي يتزعمها محسن مرزوق؛ وبالتالي ستصبح أمام خيارين: إما أن تعيد
رسم خطوط التحالف مع رئيس الجمهورية بإعادة التوافق معه، ما يعني سحب البساط
من تحت أقدام «الشاهد»، أو تظل في نفس الموقف؛ بما يعني مزيدًا من العزلة، إذا ما
تضخم النداء الجديد وعاد ككتلة أولى في البرلمان».
وأكد المحلل السياسي التونسي، أن الحركة تقدم نفسها
كحامية لمصالح الغرب في تونس، ومن هذه الزاوية ساندت بقاء رئيس الحكومة.





