هذا المشروع.. لماذا؟
الأحد 01/أبريل/2018 - 12:52 ص

بقلم: عبد الرحيم علي
يواجه العالم الآن جملة من التحديات، لعل أهمها ما يتعلق بمدى القدرة على التصدي للإرهاب وزحف أفكار التطرف والتعصب الأعمى، الذي تنشره جماعات الإسلام الحركي في العالم أجمع بشكل منظم وممول ومخطط ودقيق.
ولعل انكسار شوكة تلك الحركات في دول عديدة بالعالم العربي في السنوات الأخيرة، كمصر والإمارات والسعودية والكويت والبحرين وغيرها من البلدان، جعلها تتطلع لغزو أوروبا؛ أملًا في إيجاد أرضية سانحة للانتشار والتمدد ونشر أفكارها بشكل واسع عبر تكثيف عمليات التجنيد للجيل الثاني من المهاجرين، يساعدها في ذلك تمويل سخي تتلقاه من دول عدة لها مصلحة في انتشار وقوة هذه التنظيمات في أوروبا كقطر وتركيا وإيران.
ولعل انتشار أفكار مغلوطة حول تلك الجماعات في الغرب باعتبارها مؤسسات ديمقراطية تم اضطهادها في بلادها بواسطة حكومات ديكتاتورية قد ساعد كثيرًا في تغلغل تلك الحركات المتطرفة في أوروبا، الأمر الذي آن له أن يتوقف أو على الأقل يجد من يفسر ويحلل من وجهة نظر أخرى عايشت تلك التنظيمات وعاينت أفكارها بدقة واشتبكت معها ومع قادتها وكوادرها ومناصريها في سجالات عديدة لم يستطيعوا خلالها الثبات دقيقة واحدة.
وقد تأكد لنا خلال ثلث قرن من المتابعة الدقيقة لتلك الجماعات أن امتلاك ناصية المعرفة هو الجسر القادر على الوصول بنا نحو فهم صحيح لأفكار ومخططات تلك الجماعات، سواء في بلادنا العربية والإسلامية أو في أوروبا وأمريكا، ذلك أن ندرة البيانات لم تعد مشكلتنا مثلما كان الحال فى عصور سابقة، بل على العكس، فقد أصبحت الإشكالية المطروحة الآن هى فيض البيانات، وهو ما يجعل الباحث عن الحقيقة، أو الراغب فى بناء رؤية، يغرق في كم هائل من البيانات، بعضها يناقض البعض الآخر، مما يجعله فريسة سهلة للتشوش ما لم يمتلك القدرة المعرفية التي تؤهله لفرز الغث من الثمين.
لذا فقد باتت أساليب وطرائق معالجة البيانات تحتل أهمية كبيرة في عالمنا المعاصر؛ نظرًا لوجود فروق جوهرية كبيرة بين البيانات (Data) والمعلومات (Information) ، فبينما يشير مصطلح البيانات (Data) إلى ما يمكننا وصفه بالمعلومات فى صورتها الخام، فإن مصطلح المعلومات (Information) يشير إلى "البيانات" بعد إجراء عمليات معالجة متنوعة عليها.
مستخدمين في ذلك سلاح الخبرة المتنوعة بقضايا الفرز، والتصنيف، والفهرسة، بحيث نقدم المعلومات في النهاية بصورة مفيدة ومباشرة، وفي حدود ما هو مطلوب.
وفيما يتعلق بقضايا تيار الإسلام الحركي وقضايا الإرهاب، تبرز الحاجة الملحة ، أكثر من أي قضية أخرى، لجهد ملموس وحقيقي في مجال المعلومات، يحرص على استكمال ما هو غير متاح، ويعالج ما هو متوفر، وبخاصة بعد أن أصبحت تلك القضايا تقض مضاجع الجميع في الشرق والغرب ليس فقط عبر عمليات إرهابية تحصد أرواح الأبرياء بلا تمييز، ولكن عبر نشر أفكار تحاول تغيير العالم نحو الأسوأ، خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية العقيدة، والموقف من المرأة والفن وقضايا الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة والنظرة إلى الآخر، المختلف في العقيدة أو المذهب.
لقد دفع المجتمع الدولي كلفة كبيرة نتيجة اعتماد معالجات تستند إلى انطباعات سطحية، تتناول، أو بالأحرى تنتهك، هذه القضايا بخفة، وتصل إلى نتائج لا تستند على معلومات أو أسس معرفية .
لهذا كان هذا المشروع، مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، مركزًا متخصصًا في دراسات الإسلام الحركي وقضايا الإرهاب، أنشأ موقعًا على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت» متخصص بأربع لغات، «العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية»، وكذلك ينشر كراسة شهرية بذات الأربع لغات، كما يقوم بنشر هذه المجلة التي بين أيديكم «المرجع» باللغات الأربع العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية.
مشروع نأمل أن يكون إضافة حقيقية لهذا الحقل من الدراسات يقدم شيئًا يساعد العالم على الفهم والتدبر، بعيدًا عن الرؤى المتخبطة والعشوائية والبعيدة عن الدقة.