يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«المرجعية الدينية».. تواجه التشدد في الجزائر.. وعلماء يشككون في جدواها

السبت 10/نوفمبر/2018 - 03:29 م
المرجع
رباب الحكيم
طباعة

يقود وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، محمد عيسى، دعوات لمحاربة النِّحَل والمذاهب، على خلفية زيادة عمليات اغتيال الأئمة بأنحاء البلاد في الفترة الأخيرة؛ كما دعا لتأسيس مرجعية دينية وطنية تعتمد على المذهب المالكي؛ إلا أن دعوة وزير الشؤون الدينية قوبلت بالتشكيك والحكم عليها بالفشل من قِبل الشيخ بن حنفية.

«المرجعية الدينية»..

وأكد رئيس لجنة الإفتاء في جمعية العلماء المسلمين، الشيخ بن حنفية العابدين، في خاطرة 96 المنشورة 30 أكتوبر الماضي، عبر صفحة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن الدعوة المُقدمة من وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، للحكومة الجزائرية ودول المغرب؛ لتثبيت ما تسميه «المرجعية الدينية الوطنية» لا تجدي شيئًا، خاصةً في تصحيح الأحوال الدينية المتزعزعة بالفترة الأخيرة.


وأشار العابدين إلى أسباب اشتداد الدعوة إلى «المرجعية الوطنية في العقيدة والفقه والسلوك»، المتمثلة في: حدة خطاب الذين يدعون إلى ترك التمذهب، وهم ما بين صادق محب للسُّنة، غيور عليها، وجاهل مقلد يدعو إلى ترك التعصب، وهو يتعصب، مضيفًا أن التعصب المذهبي ترعرع في ظلّه التسلط والاستبداد والهيمنة من الهيئات.


وأوضح أن المذهبية تُتَلقى وتُنْتقل غالبًا عن طريق التقليد والمحاكاة البعيدين عن التعلم الصحيح، الذي لم يتوفر لمعظم الناس، مشيرًا إلى أن المرجعية تُسقط الضوء على منع قراءة غير الإمام نافع رحمه ا̖لله، وفي التزام وقف «أبوعبدالله الهبطي» (واضع وقف القرآن بالمغرب) وقراءة الحزب الراتب، والتزام الخط المغربي الذي تعسر قراءته على معظم الناس اليوم، وأخيرًا نغمة البلد في الأذان .


وأوضح أن هذه الدعوة غير صادقة في كل الأمور المختارة للإقامة المراجعية بهما، فإن الكثير من الأمور المتناولة بالمساجد ليست تطبيقًا لمذهب مالك، بل مردها إلى الماجريات (ما جرى به العمل)، أو إلى أقوال ضعيفة في المذهب، وضعت ضوابط للعمل بها، فضلًا عن مشهور المذهب الضعيف الذي قَوَّتْه السياسة من قَبل.

 

وأكد أن مذهب الإمام مالك وغيره من المذاهب لا تدرس بالمناهج الدراسية للنشء الساطع في الجزائر، كذلك لا أحد يعرف مذهب مالك من الآمر والمأمور؛ فلا يدرس اليوم في المساجد إلا نادرًا لأسباب عدة، قائلًا في نهاية خاطرته 96: «وأنا هنا إنما أصف واقعًا، ووصفي ليس إقرارًا له كما قلت».


للمزيد: متشددو الجزائر يحتلون المساجد وينكلون بأئمتها المعتدلين

 وزير الشؤون الدينية
وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر محمد عيسى

وتقدم وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر محمد عيسى، في يونيو الماضي بمشروع قانون يتضمن بنودًا عدة؛ لحماية المرجعية الدينية الوطنية المبنية على هدم جدران التشدد، والعودة للوسطية والمحبة والتسامح، والحفاظ على الهوية الوطنية.

 

وأوضح «عيسى» في ندوة الصحفية (الوطنية لإطارات القطاع)، بأن «المرجعية الدينية الوطنية تتقدم للحكومة قبل نهاية المخطط الخماسي، مشيرًا إلى أنها تحمي الأئمة من عمليات السطو والقتل».

 

وترجع دعوة وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري إلى المرجعية الوطنية والدينية في هذا الوقت لأسباب عدة، منها تعرض الأئمة للقتل والضرب الناتج عن خلافات شكلية، واختلاف التوجهات المذهبية الدينية بين الأئمة والمصلين.

 

وفي يوليو الماضي، لفت «عيسى» خلال لقائه على هامش اختتام موسم «المركز الثقافي الإسلامي» بالجزائر إلى أن عدد قتلى الأئمة قد زاد بالآونة الآخيرة؛ حيث سجلت 93 اعتداءً ضد أئمة المساجد منذ عام 2016 حتى اليوم، وقعت خارج المساجد.

 

واقترح عيسى إدخال مواد قانونية؛ لحماية المرجعية الدينية ضد المد الطائفي، والحركات التي بدأت تزحف إلى الجزائر، مؤكدًا أن القانون سيمنح إدارته قوة ضد هذا المد الدخيل، وذكر قانون 2006، وما نص عليه من دفاع عن الجزائريين ضد التنصير وتغيير الدين وشراء الذمة.

 

للمزيد: العشرية السوداء.. دموية السلفيين تتجدد في الجزائر انتقامًا من الحكومة

 


عبدالرحيم رحموني
عبدالرحيم رحموني

وقال الباحث المتخصص في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية، عبدالرحيم رحموني: إن المرجعية الدينية عامل محوري لاستقرار الوضع، وتكريس مبادئ الأمن الإسلامي الوسطي، وما يدعو إليه من السماحة والمحبة، موضحًا أن المرجعية الدينية متواقفة عن الاستقرار الديني.


وأضاف «رحموني» لـ«المرجع»، أن المرجعية الدينية والوطنية تؤسس على العديد من المجالات المركزية، أولها الاستقرار الديني، خاصةً في ظلِّ الأحداث السياسة التي يمر بها العالم، إضافهً إلى تداعياتها بالبيئة المحلية، منوهًا بأهمية تكريس كل المنطلقات الحقيقية محليًّا ودوليًّا؛ لتعزيز المرجعية الدينية المضبوطة بأسس وضوابط يتوافق عليها العلماء كافة.


للمزيد: النور يعانق وجه الجزائر.. الحكومة تحظر النقاب في أماكن العمل والسلفيون يثورون


وعلى صعيد متصل، قال الدكتور سلمان حسام أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر: إن الجزائر تمتعت بالحرية فرحبت بالتيارات الدينية جميعها، المتمثلة في (الصوفية، والسلفية بفرقها، والإخوان)، مؤكدًا أنه ليس هناك إشكالية مذهبية بالجزائر؛ فلا جدال على المذهب المالكي، ولا اعتراض عليه من التيارات الأخرى.


وأضاف «حسام» لـ«المرجع»، أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف، لديه رغبة في بناء وتأسيس مرجعية دينية وطنية، تضم داخلها هذه التيارات الموجودة بالمجتمع الجزائري، موضحًا أن المرجعية تجمع التيارات في بوتقة تمنع التطرف أن يُمرر بينهما، كما حدث في فترة التسعينيات.

 

وأكد أن المرجعية تمنع التلاعب بالدين أو توظيفه بما قد يخلق الفُرقة والصراعات والحساسيات بالمجتمع، ولكي تختفي الصراعات الناشئة بين التيارات، فعلى الجزائريين الالتزام بالمرجعية الوطنية والدينية كأساس للإفتاء، مؤكدًا على أن المسعى ليس سهلًا في التنفيذ على أرض الواقع.

الكلمات المفتاحية

"