يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

علي بلحاج.. سفاح «البلطة والفأس» وأمير «عام المجازر»

الثلاثاء 10/يوليو/2018 - 06:39 م
علي بلحاج
علي بلحاج
عبدالرحمن صقر
طباعة
أفعى متلون، وارهابي عتيد، كان طرفًا فاعلًا، وقاتلًا، فيما عرف بــ«عام المجازر» الذي عاشته الجزائر واكتوت بناره في حقبة التسعينيات من القرن الماضي، سنوات من «الجمر» اكتوت بها البلاد، وكانت قراها مسرحًا لأبشع العمليات الإرهابية من تقتيل وذبح وتنكيل، وغيرها من الصور اللاإنسانية التي خلفتها أيادي الإرهاب الوحشي الهمجي، مستخدمة «البلط والفؤوس والسيوف»، وسفكت بها دماء أكثر من 200 ألف شهيد من أبناء الجزائر.

عقب الاحتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالعاصمة الجزائرية في أكتوبر 1988، أدى ذلك لانفتاح في التعددية السياسية في البلاد، فظهرت بقوة ما تعرف بــ«رابطة الدعوة الإسلامية» عام 1989، وكان «علي بلحاج» نائبًا لرئيس الرابطة «أحمد سحنون».

وفي 1989، أسس «بلحاج» «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، المحظورة حاليًا، بالتعاون مع الهاشمي سحنوني، عباسى مدني، وعُرف «بلحاج» بمعارضته للنظام الحاكم، كما اشتهر بخطبه الحماسية وتصريحاته التي قادته إلى الاستجواب أو السجن في العديد من المرات، واتفق الثلاثة «سحنوني، مدني، بلحاج» على فكرة تأسيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» وأعلنوا قيامها من أحد مساجد العاصمة الجزائر.

علي بلحاج.. سفاح
النشأة 

ولد «بلحاج» في 16 ديسمبر 1956، بتونس، وهاجرت إليها عائلته تحت ضغوط الاستعمار الفرنسي في ذلك الوقت، وتعود أصوله إلى ولاية أدرار في الجنوب الجزائرى، ووالده هو محمد الحبيب بن محمد الطيب بن حاج، شارك في الثورة الجزائرية (1954 ـ 1962) وتُوفي عام 1961، وفي عام 1963 وبعد استقلال الجزائر عادت العائلة إلى الجزائر.

درس «بلحاج» بعد حصوله على شهادة البكالوريا في معهد تكوين الأساتذة والمعلمين بالجزائر العاصمة، قسم اللغة والأدب العربي، وبدأ نشاطه الدعوي في مسجد «أبي حنيفة النعمان» بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائرية، وتعرف عام 1976 على «عمر العرباوي» أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين الذي درس على يده التوحيد وأصول الفقه، والفقه المقارن. 

تأثر «بلحاج» بكتب «ابن تيمية» و«ابن القيم الجوزية» وغيرهما من أصحاب الفكر السلفي، كما تاثر بفكر دعاة مثل: عبداللطيف سلطاني وأحمد سحنون، إضافة إلى تأثره بالداعية المصرى عبدالحميد كشك.

وانتشر صيت «بلحاج» لاحقًا في الأحياء الشعبية الجزائرية، وخاصة مناطق «القبة والحراش وبوزريعة وباب الواد»، وكان يلقي دروسه في الزوايا والمساجد الصغيرة.

علي بلحاج.. سفاح
عهد الإجرام
وفي يوم 30 أغسطس 1983، ألقي القبض عليه، إثر اتهامه في قضية «بويعلي مصطفى» المشهورة (قائد العمل المسلح بالجزائر في ذلك الوقت)، وصدر حكم ضده بالسجن خمس سنوات بتهمة تكوين «جمعية أشرار» (مصطلح جزائري عن تكوين العصابات الجنائية والإرهابية)، وبعد الخروج وضع تحت الإقامة الجبرية بولاية «ورقلة».

وفي 25 مايو 1991 دعت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» عناصرها إلى تنظيم إضرابات والقيام بعدة مسيرات وتجمعات في الساحات العامة للمطالبة والاحتجاج على تعديلات قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية الذي اعتبرته أنه جاء «مفصلًا على مقاس الحزب الحاكم»، حسب وصفها.

ودُعي رئيس الجبهة عباسي مدني ونائبه على بلحاج يوم 30 مايو إلى اجتماع مع رئيس الحكومة آنذاك مولود حمروش، واتفق الجانبان على تنظيم الجبهة تجمعات في أربع ساحات محددة، لكن استقالت حكومة حمروش في 2 يونيو 1991، وتم القبض على «بلحاج» و«مدني» بتهمة «التآمر على أمن الدولة وتعطيل الاقتصاد الوطني» ثم أفرج عنهما لاحقًا.

في يناير 1992، وعقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية في عام 1991، والتي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزًا كبيرًا، حرض «بلحاج» عناصر الجبهة والشعب الجزائري عامة على حمل السلاح والخروج على الجيش الجزائري، لتدخل الجزائر في ذلك الوقت ما عرف بـــ«العشرية السوداء».

ومن ثم، أعلنت الحكومة الجزائرية حالة الطوارئ في فبراير 1992، وألقي القبض على الآلاف من عناصر الجبهة، وبدأت حملة مطاردة واسعة لمن بقي من كوادرها خارج السجون، وعرفت في ذلك الوقت بـ «العشرية الحمراء» كناية عن حمامات الدم التي دخلت بها البلاد.

علي بلحاج.. سفاح
وتم حظر الجبهة وحبس عناصرها، وشن الجيش الجزائري حملة مسلحة ضد الموالين لها ومؤيديها، وشهدت الجزائر إثر ذلك سلسلة من المذابح وحمامات الدم والقتل والذبح، راحت ضحيتها أحياء أو قرى بأكملها، وبلغت موجة العنف ذروتها عام 1997، وبسبب مساندة المدن الجزائرية للحكومة في الانتخابات البرلمانية التالية، قررت الجبهة الإسلامية تصفية كل الموالين لهذا الحكم الشرعي للبلاد.

في عام 1999، تم انتخاب رئيس جديد للبلاد وهو اليمين زروال، وبدأ عدد كبير من قادة الإرهاب الانسحاب والاستفادة من قانون العفو الجديد، وبدأت تلك الجماعات تختفي جزئيًّا بحلول عام 2002 مع بدء سنوات ميثاق السلم والمصالحة، وإثر النجاحات التي حققها الجيش الوطني الشعبي الجزائري في القضاء على فلول وأذيال الإرهاب.

وبعد حوالي 12 عامًا من السجن، أُطلق سراح «بلحاج» عام 2003، وأبلغته السلطات بحظره من ممارسة أي نشاط سياسي أو إلقاء خطب أو المشاركة في أي تجمع سياسي أو اجتماعي أو ثقافي أو ديني، لكنه رفض التوقيع على ذلك. 

وفي أغسطس 2011، أعلن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، مقتل «عبدالقهار بن حاج»، ابن «علي بن حاج»، بعد أن فجر نفسه أمام حاجز أمني بمنطقة الثنية ولاية بومرداس الجزائرية، وكان «عبدالقهار» عضوًا مهمًّا في «مؤسسة الأندلس» وهى الهيئة الإعلامية لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ويشار إلى أنه كان يساهم في تحريض الشباب والدعاية لصالح التنظيم الإرهابي.

وسعى «بلحاج» للعودة مجددًا للمشهد السياسي عبر الترشح في الانتخابات الرئاسية 2014، إلا أنّ السلطات منعته، وشكك في نتيجة الانتخابات البرلمانية عام 2017، بالزعم إنها مجرد فلكلور سياسي لا تقدم ولا تؤخر شيئًا بالنسبة للجزائر.

يذكر أن قوات الأمن الجزائرية ألقت القبض صبيحة الجمعة 6 يوليو 2018 ، على «بلحاج»، ومنعته من أداء صلاة الجمعة. 

"