«الإخوان» تلعب بورقة «الشاهد».. تبتز الحكومة وتراوغ الشارع وتضغط على رئيس تونس
الأربعاء 27/مارس/2019 - 06:17 م
رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي
سارة رشاد
وسط غموض يكتنف المشهد السياسي التونسي، راوغ رئيس حركة «النهضة» (ذراع الإخوان السياسية بتونس) راشد الغنوشي، عندما سُئل عن مرشح حركته في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في العاشر من نوفمبر القادم، ولم يضع السائل يده على إجابة محددة من كلام الغنوشي.
وعلى هامش افتتاح أعمال المجلس الاقتصادي للأحزاب السياسية الأفريقية، أمس الثلاثاء، صرح الغنوشي بأنه لا يوجد ما يمنع حركته من اعتماد رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، مُرشحًا رئاسيًّا لها، مُتابعًا «يمكن أن يكون مرشح الحركة ولم لا».
وبخصوص دوافع الحركة للتفكير في الشاهد، فأوضح أنه شاب «ومن ينال ثقة التونسيين هو مرشحنا».
«شاهد» النهضة.. وإخوان الابتزاز
وتشهد
العلاقات بين النهضة والشاهد الذي يُعرف في الساحة التونسية كـ«حليف للحركة
الإخوانية»، توترًا بدأه الغنوشي نفسه، عندما صرّح للإعلام التونسي بأن
«النهضة» تفكر في تغيير حكومة الشاهد قبيل الانتخابات، وهو ما اعتُبِر
تراجعًا من قبل النهضة عن دعم حليفها.
ومنذ هذه
التصريحات التي تعود إلى منتصف فبراير الماضي، وتستشعر حكومة الشاهد،
وكيانه الجديد «تحيا تونس» القلق، في تخوفٍ واضحٍ من رفع «النهضة» دعمها
عنهما فعلًا.
وللرد على ذلك، جاءت تصريحات
صادرة عن كيان الشاهد، تصف كلام الغنوشي بأنه لا يتجاوز خط «المراوغة
السياسية» في إطار محاولة ابتزاز «تحيا تونس».
ورغم
ما سببته تصريحات الغنوشي من تساؤلات حول مصير التعاون بين الشاهد
و«النهضة»، حتى أن مراقبين توقعوا أن الفراق بينهما وشيك جدًا، فإن لـ«النهضة» الإخوانية دائمًا وجوه متعددة في الوقت ذاته، إذ صدرت تصريحات
موازية من قيادات ذات ثقل بها تتحدث عن استمرار الحركة في دعم الحكومة حتى إتمام الانتخابات المرتقبة، خريف العام الجاري.
تضارب الآراء
تصريحات
قادة النهضة أتت في سياقٍ متضاربٍ مع تصريحات «الغنوشي»، ورغم ذلك التناقض فإنهم وجدوا للغنوشي مخرجًا سياسيًّا عندما أكدوا دعمهم للشاهد، شريطة أن
يحيد حكومته عن معمعة الانتخابات، ما يعني أن الباب مفتوحٌ أمام التخلي عن
الشاهد حال ما لم يتوافق أداء حكومته مع ما تخطط له «النهضة».
وفي
سياق المساومات بين «النهضة» والشاهد، جاء تعليق «تحيا تونس» على تصريحات
الغنوشي الحديثة بخصوص الدفع بـ«الشاهد» في الانتخابات المرتقبة، إذ علق
القيادي المحسوب على يوسف الشاهد، قائلًا: إن يوسف الشاهد لن يكون مرشحا
لحركة النهضة، وإن حركة تحيا تونس لم تحسم الأمر بعد في هذا الغرض وستكشف
عن قرارها الرسمي في حال تم اتخاذه.
وأكد
أن الحركة لو اختارت الشاهد كمرشح رئاسي، فإنه سيكون مرشح الصف الديمقراطي
والحداثي، على حد قوله، مُتابعًا «الأمر سيحسم في إطار الحركة وشركائها من
التيار الوسطي ولو قررت النهضة دعم الشاهد فإنها ستغير بالتالي نهجها
السياسي وإذا قررت الانضمام إلى هذا الصف فهذا يخصها».
الضغط على السبسي
بعيدًا
عن السجالات بين النهضة وحليفها يوسف الشاهد، فلتصريحات الغنوشي وقع آخر، إذ توظف في سياق الضغط على رئيس الدولة، الباجي قائد السبسي، وحزبه
«نداء تونس» الذي تتردد أنباء في الفترة الأخيرة حول وجود لقاءات وتفاهمات
تجمعه بحركة النهضة.
وتكشف تصريحات النهضة التي
تخرج من وقت لآخر وتتغزل في السبسي، لاسيما اللقاء الذي جمع الغنوشي بنجل
الرئيس السبسي (حافظ)، مطلع الشهر الجاري، عن تقارب وشيك بين الحزب الحاكم
والحليف القديم «النهضة».
ورأى المراقبون أن هذه
التصريحات إلى جانب اللقاء، تشير إلى تفاهم سيُعلَن عنه قريبًا، مقابل أن
يعطي السبسي أمرٌ بغلق ملف الجهاز السري للنهضة.
وبينما
كان المراقبون يعتبرون أن موقف النهضة ضعيفٌ في مقابل النداء الذي يسمك
عليها اتهامات بالتورط في اغتيالات سياسية وتسفير الشباب التونس، إلا أن
الحركة تطلق تصريحات من فترة لأخرى، تبدي فيها تحديًّا للنداء، وإن كان تحديًّا مصحوبا بإشادة بدور الرئيس وشخصيته.
آخر هذه
التحديات، كان رفض النهضة للمقترح الذي طرحه السبسي، خلال كلمته في الذكر
63 للاستقلال، ودعا فيه لتعديل الدستور بإضفاء صلاحيات لمنصب رئيس
الجمهورية، إلا أن الحركة أشادت في الوقت نفسه بالرئيس وكلمته التي دعا
فيها للوحدة الوطنية.
ويرى الناشط النقابي،
يحميد بن قيس، إن حركة النهضة بطبعها حركة مراوغة تسعى للعب على كافة
الأحبال، بحيث تضغط مع خلال تصريحاتها على السبسي، وفي الوقت نفسه تحفظ
المتبقى من علاقتها بالشاهد لآخر دقيقة.
وتذهب
تقارير تونسية إلى أن السبسي يسعى لتقليم أظافر النهضة، عبر ملف الجهاز
السري، إلا أن الحركة في المقابل تحاول الحفاظ على نفوذها مع عودة علاقاتها
بالحزب الحاكم وغلق ملف إرهابها.





