«النهضة» وفصل الدعويّ عن السياسيّ.. تجربة كشفت زيفها الممارسة
في خضم تحضيرات ما قبل
الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية التونسية المقررة في أكتوبر ونوفمبر
القادمين، تركز الأعين على حركة النهضة الإسلامية، امتداد جماعة الإخوان الإرهابية
في تونس، باعتبارها الحزب الديني الأول الذي يدخل ضمن المنافسين على الانتخابات.
وفي دراسة بعنوان «سياسيون أم دُعاة؟ ماذا تعني تحوّلات "النهضة" لتونس»، ناقش مركز كارينجي للشرق الأوسط قضية فصل العمل الديني عن السياسي في أداء النهضة، مستندًا إلى مواقف ومحطات من 2011 وحتى التظاهرات التي نظمها الحزب في تونس، اعتراضًا على مشاريع القوانين الخاصة بالمساواة بين الجنسين التي اقترحها الرئيس التونسي بنفسه، الباجي قائد السبسي.
انشقاقات
داخلية
تنقلت
الدراسة بين محطات الحركة، جازمة بأنها لم تحسم بعد، بشكل نهائي، قضية الفصل
التي طالما أكدتها متباهية بها.
وخلصت الدراسة إلى أن الحركة تحتاج إلى تحديد موقفها من
فصل جانبي العمل، رغم أن إعلانها في السابق عن فصل الدعوي عن السياسي، تسبب في
فقدها لقطاع من مؤيديها في الشارع، على حد قولها. وحذرت من أن يتسبب الموقف غير
المحدد في خلق انشقاقات داخلية.
ويتجسد حديث الانشقاقات، فيما يردده القيادي بالحركة،
لطفي زيتون، منذ ثلاثة أسابيع، وانتقد فيه أزمة خلط الدعوي بالسياسي في النهضة.
وطالب زيتون الذي يعد أحد الرموز المقربة من زعيم
النهضة، راشد الغنوشي، حركته بترك الدين للتونسيين والاكتفاء بالعمل السياسي،
منتقدًا استخدام الدين في خطابها السياسي.
وهدد القيادي بانشقاقه عن الحركة هو ومجموعة من قيادات
النهضة لم يسمهم، على خلفية تحفظاته المتعلقة بعملية الفصل وأداء الحركة، وهو
التهديد الأكثر وضوحًا وخطرًا على النهضة من داخلها حتى الآن.
خطاب الفصل
ومنذ 2016، تتبنى النهضة خطاب الفصل، إذ تصدّر نفسها كما
لو إنها الجناح الأكثر انفتاحًا مقرنة بباقي أجنحة الإخوان. وفي ذلك لم تكتف النهضة بذلك بل تعمدت توجيه انتقادات لأداء الجماعة الأم في مصر،
محملاها مسئولية الفشل الذي طال تجربتها؛ حيث قالت
آنذاك إنها توجهت للجماعة في مصر بالنصيحة فيما يخص خلط السياسي بالدعوي، إلا إن
الجماعة الأم لم تستجب لذلك.
ومنذ ذلك الحين تقدم النهضة نفسها كجناح منفتح، إلا أن
الممارسة أثبتت عكس ذلك، بداية من اعتراضاتها على مقترحات المساواة في الميراث،
وحتى الاتهامات الموجهة إليها بتشكيل جهاز سري متورط في قتل معارضي الحركة، وهي
الاستراتيجية التي تتبناها جماعة الإخوان.
ومنذ تلك الاتهامات الموجهة للنهضة، وتستشعر الحركة حرجًا،
إذ تخرج في كل مرة لنفي هذه التهم، والزعم بأنها وسيلة سياسية للنيل من فرصها في
الانتخابات المرتقبة.
النهضة
صورة للإخوان
من جانبه يرى الناشط التونسي، المعارض للنهضة، قيس بن يحمد، أن «النهضة» أثبتت أنها كيان إخوانجي، عبر ممارستها في السنوات الأخيرة بتونس، مشيرًا إلى أن وجهها الديني انكشف للتونسيين، رغم حرص النهضة طوال الوقت على تقديم نفسها ككيان منفتح متأثر بالثقافة الغربية.
وقلل من فرص نجاح النهضة في الانتخابات المقبلة، مؤكدًا أن التجربة السابقة لها ليست في صالحها، وهو ما يقلص فرص فوزها في الانتخابات.
وأكد زيف مزاعم الحركة عن فصلها بين عملها الدعوي
والسياسي، مشيرًا إلى أن صميم عمل جماعة الإخوان وأجنحتها ديني وسياسي، ما يعني أن
الفصل مستحيل.
فيما مرت جماعة الإخوان في مصر بأزمة في أعقاب أحداث
2013، إذ بدأت أصوات داخلية تنتقد خلط الدعوي بالسياسي وتدخل مكتب الإرشاد في
إدارة شؤون البلاد، وهو ما دفع بأجنحة الجماعة في المغرب العربي لإعادة نظر في
سياساتهم، وتمثل ذلك في حركة النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في
المغرب.





