يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«الغنوشي» في إيطاليا.. الترويج للإخوان بالرقص على أحبال الديمقراطية

الإثنين 26/نوفمبر/2018 - 07:11 م
المرجع
دعاء إمام
طباعة

هناك أطراف سياسية تُوصف بأنها «فاعلة» في المشهد التونسي، تغيب تمامًا عما تمر به البلاد من إضراب للعمال في ساحة «باردو» قبالة مجلس النواب؛ على خلفية رفض الحكومة زيادة أجور الموظفين، وتأهب من النواب لحسم معركة قانون «المساواة في الإرث»، الذي طرحه رئيس الجمهورية الباجي السبسي للمناقشة في البرلمان، إذ ينشغل راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ممثل جماعة الإخوان، بالترويج لحزبه عبر جولات خارجية.

«الغنوشي» في إيطاليا..

استغل «الغنوشي» مشاركته في منتدى روما للحوارات المتوسطية بإيطاليا؛ لإلقاء محاضرة بعنوان «الهوية الإسلامية الجديدة: السياسة والعلوم والثقافة في عالم متعدّد»، أمس الأحد 25 نوفمبر 2018، دأب خلالها على الترويج لـ«النهضة»، قائًلا: إنه يؤمن بتعزيز حقوق المرأة، وحماية مكاسبها، وحماية حقوق الأقليات.


للمزيد:تونس.. إضراب «باردو» يفضح إزدواجية الإخوان


ترويج «النهضة» أوروبيًّا

تطرّق الغنوشي إلى أن الخلاف السياسي بين الإسلاميين في تونس والأطياف الأخرى، ما زال يُدار في الفضاء السياسي تحت قبة البرلمان بآليات ديمقراطية، في متاجرة مفضوحة منه وزعم مكشوف بأن ما يجرى من استقطاب حاد تشهده تونس يتم بآليات ديمقراطية لا تعتمد على المغالبة.


وفي ظل الحديث -داخليًا- عن معارضة ليّنة للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، تحدث رئيس النهضة في إيطاليا، عن الدستور التونسي الجديد، قائلا: إنه بناء نظام سياسي جديد يقوم على مبادئ الديمقراطية منها التعددية والحرية والحقوق العامة والخاصة والمساواة في المواطنة، بالإضافة إلى تكريس المساواة بين الجنسين والأقليّات.


وتحدث عن أن بعض الأطراف السياسية التي لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالحركة، وعلى التعامل معها باعتبارها ملفًا أمنيًّا وليست حزبًا سياسيًّا. ويعد ذلك ردًا منه في الوقت الذي فتح القضاء التونسي مسألة الجهاز السري للنهضة ووجود اتهامات صريحة من قوى المعارضة وعرى رأسها «التحالف الشعبي» بوقوف إخوان تونس خلف اغتيالات المعارضين وعلى رأسهم شكري بلعيد ومحمد البراهيمي.

للمزيد:بعد التحفظ على «الغرفة السوداء».. هل يُحل «إخوان» تونس؟


حلفاء جدد

بدا «الغنوشي» مراوغًا في الكلمة التي ألقاها بالمنتدى، إذ خصّص محاضرة عن الهوية الإسلامية الجديدة متخذًا من النهضة نموذجًا لحركة إسلامية مرجعيتها لم تتغير، حسب وصفه، ثم استرسل في غسل سمعة الحركة، وتأكيد احترامها للمساواة والأقليات واحترام الديمقراطية، قبل أن يتطرق إلى أن «النهضة» لا يقدّم نفسه باعتباره مجرّد حزب يسعى للسلطة وممارسة الحكم فحسب، وإنّما ينطلق في ذلك من مشروع فكري يؤصّل للتوافق بين قيم الإسلام والديمقراطية في إطار ما عرّفته الحركة في مؤتمرها العاشر بالإسلام الديمقراطي.


والتقى الغنوشي بالرئيس العراقي برهم صالح، وفابيو ماسيمو كاستالدو نائب رئيس البرلمان الأوروبي، وييرفرديناندو كاسيني رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الإيطالي، إضافة إلى مارتا جراندي رئيسة مجموعة الصداقة الإيطالية التونسية.


للمزيد:تصعيد «يهود تونس» بيد «النهضة».. انتهازية الإخوان تتكرر


المساواة في الإرث

وفي الوقت الذي التزم فيه «الغنوشي» الصمت حيال مصادقة الرئيس على مشروع قانون المساواة في الإرث، عبّر نواب الحركة -بصورة فردية- عن موقفهم من القانون، إذ انتقد النائب عن النهضة بمجلس النواب، معز بالحاج رحومة، بطريقة حادة مصادقة المجلس الوزاري على مشروع القانون، مهاجمًا كل النواب الذين سيصوتون على هذا القانون.


وقال «رحومة» على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «شُلّت كل يد ستُصوّت على قانون «المساواة» الكارثة بعد تمريره إلى مجلس نواب الشعب»؛ ما يُظهر التعارض بين الخطاب الإخواني الذي يؤكد احترام المساواة في الخارج ويبغضها في الداخل التونسي.

السبسي
السبسي

ماذا يريد «الغنوشي»

بدوره، قال الباحث السياسي التونسي، نزار مقني، في تصريح للمرجع إن جولات «الغنوشي» تؤكد أن النهضة تفعل كل شيء اليوم لتستثمره سياسيًّا في تونس، حتى إنها توافق على خيارات صندوق النقد في تونس رغم أن سياساته أدَّت إلى أزمة اجتماعية واقتصادية، تمخض عنها إضراب عام في الوظيفة العمومية.


وأوضح مقني أن حديث رئيس الحركة عن المساواة مناقضًا لموقفهم، إذ عبرت النهضة عن موقفها من قانون الميراث برفضها للمساواة، قبل أن يقرر رئيس الجمهورية عرض مبادرة تشريعية لإقراره؛ ما دفع «السبسي» لمسك العصا من الوسط والذهاب في خيار أن يكون ذلك بناء على رغبة المورث لا إلزاميًّا بالقانون.


وبحسب الباحث السياسي، فإن الزيارات الخارجية تأتي على خلفية التغيير في نظرة المجتمع الدولي من الإسلاميين منذ سنة 2014؛ ولذلك تسعى الحركة لإثبات أنها ليست إخوانية، وأنها داعمة لخيار الحكم في إطار ديمقراطي، وبإمكانها الدفاع عن المصالح الغربية في البلاد، مشيرًا إلى أن الطريقة مكنتها من حجز مقعد متقدم ضمن الائتلاف الحاكم؛ خاصة بعد الانقسام في حزب نداء تونس، وتحالفها مع كتلة نيابية داعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد.


وبسؤاله عن تباين الموقف الإخواني تجاه صندوق النقد، والإضراب في الأردن وتونس، أكد «مقني» أن الإخوان في الأردن يتخذون صف المعارضة، أما النهضة في تونس تريد الحكم والبقاء فيه؛ لأن ذلك سيمكنها من تنفيذ سياساتها ونظرتها وحماية تنظيمها من خلال الدفاع عن مصالح الغرب في تونس.


للمزيد:زلات لسان قيادات «النهضة» تُعجل بمقاضاة إخوان تونس

"