إخوان أوروبا.. شبكة التنظيم الدولي في القارة العجوز


فرض نزوح الإخوان إلى
أوروبا ضرورة إنشاء روابط تجمع الرعيل الأول للإخوان مع المسلمين الموجودين هناك؛
لتشكيل مجتمع موازٍ يدور في فلك الأفكار الإخوانية، إضافة إلى مؤسسات تدمج أولادهم
المهاجرين والشباب المسلم مع المجتمع المنفتح.
وهنا يتجلى دور سعيد
رمضان، سكرتير حسن البنّا وزوج ابنته، في تأسيس أول وأقدم الكيانات الإخوانية في
القارة العجوز، ومنها «المركز الإسلامي في جنيف» وذلك في عام 1961، أي بعد ثلاثة
أعوام فقط من وصوله سويسرا، ليُمثل نواة للنشاط الأوروبي للجماعة، ويهدف إلى مساعدة
المهاجرين على الاندماج وتكييف أوضاعهم في البلاد.
وبفضل العلاقات المتوترة
بين نظام عبدالناصر وألمانيا آنذاك (على خلفية دعم الأخيرة لإسرائيل)، أسس «رمضان»
«التجمع الإسلامي في ألمانيا» عام 1958، والذي يُمثل الآن أهم مؤسسة للتنظيم، ليس
في ألمانيا وحدها، بل في القارة أجمع، ويرأسه سمير الفالح خلفًا لإبراهيم الزيات،
العنصر الإخواني الذي ينشط في عدد من الكيانات المهمة للجماعة، مثل البرلمان
والاتحاد الإسلامي للطلاب بألمانيا، والكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية، كما
ينضوي التجمع تحت لواء اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
ويُمثل «اتحاد المنظمات
الإسلامية» في أوروبا المعروف بـ«FIOE» المظلة الأساسية التي ترعى الجمعيات والمؤسسات الإخوانية
الناشطة في مجال الدعوة والبحوث الإسلامية والتكييف المجتمعي، ولقد بدأ نشاطه من
المملكة المتحدة في 1989، ويرأسه حاليًّا شكيب بن مخلوف ذو الأصل المغربي، ويضم
الاتحاد في كنفه العديد من الجمعيات والمؤسسات، ولعل من أهمها «اتحاد المنظمات
الإسلامية في فرنسا» والذي يديره عمار لصفر.
وأُسس الاتحاد الفرنسي المعروف بـ«UOIF» في يونيو 1983، بناءً على مبادرة قدمها طالبان من اللاجئين،
هما «زهير محمود، وعبدالله بن منصور»، ويضم الاتحاد حاليًّا نحو 250 جمعية ومؤسسة
تتنوع أنشطتها ما بين الخدمية والثقافية، ومن أهمهم المعهد الأوروبي للعلوم
الإنسانية في باريس، والذي بدأ في ممارسة نشاطه منذ 2001، إضافة إلى الجمعية
الطبية ابن سينا والمشهورة بـ«AMAF» والتي أسسها الإخواني اللبناني عماد مدحت الحوت.
فيما تعتبر «الرابطة
الفرنسية للنساء المسلمات» من أهم النشاطات النسوية للإخوان في أوروبا، والتابعة
أيضًا لاتحاد المنظمات الإسلامية.
ويمتد نفوذ اتحاد
المنظمات الإسلامية إلى «المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث»، والذي تأسس في مارس
1997 في دبلن بجمهورية أيرلندا، ويهتم المجلس الأوروبي بإصدار الفتاوى للمسلمين في
أوروبا، كذلك إصدار الكتب والدوريات المتخصصة، إضافة إلى المؤتمرات والندوات
السنوية التي تعقد كل عام في بلد مختلف، وتأتي خطورته من كونه المرجعية الأساسية
للفتوى هناك، وذلك بالارتباط مع قيادة الإخواني يوسف القرضاوي.
أما عن الفرع الإيطالي
للجماعة فيتمثل في «اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا» الذي يعمل
أيضًا تحت مظلة اتحاد المنظمات الإسلامية منذ تأسيسه في عام 1990، ويُعرف اختصارًا
بـ«Ucoii» ويرأسه عزالدين
الزير، كما تكمن خطورته في السيطرة على حوالي 130 مسجدًا بالدولة، إضافة إلى
التحكم في تعيين الأئمة وإدارة العديد من الجمعيات العامة.
بينما أسس الاتحاد في
إسبانيا أهم كيان إخواني بها، وهو «الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش»، وذلك إضافة
إلى العلاقة القوية بين التنظيم الدولي والجمعية الإسلامية في بداخوس، فضلًا عن
سيطرة الجماعة على مساجد برشلونة.
كما يرأس «القرضاوي»
أيضًا ما يُسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين»، والذي تأسس في عام 2004
ومقره الرئيسي في العاصمة الأيرلندية دبلن، ويعمل الاتحاد في أكثر من 70 دولة في
العالم في مجالات العمل الدعوي والفقهي، وتعتبره «السعودية، والإمارات، والبحرين
ومصر» منظمة إرهابية، تنشر الفكر المتطرف، وتُعنى بأجندتها الخاصة، وليس بنشر
الدعوة الإسلامية الصحيحة.
وكان من أهم أعضائه
الإرهابي المصري صفوت حجازي، الذي عرفه المجتمع المصري كداعية، ولكن سرعان ما
انكشفت حقيقته بعد تهديده بإسالة دماء الشعب المصري عقب عزل محمد مرسي، كما أنه
يضم في عضويته نفس وجوه المجلس الأوروبي للإفتاء مثل التونسي راشد الغنوشي (زعيم
حركة النهضة التونسية وعضو التنظيم الدولي للإخوان، والذي عاش حياته طريدًا بلندن
قبل أن يستطيع العودة لتونس بعد الثورة التونسية في 2011)، والسعودي سلمان العودة.
ومن أهم المؤسسات التي
يعتمد عليها التنظيم الدولي للاندماج والتوغل في المجتمع الأوروبي هي «الرابطة
الإسلامية في بريطانيا» والمعروفة إنجليزيًّا بـ«MAB» وأسسها كمال الهلباوي الذي انشق عن التنظيم مؤخرًا، بعد أن
كان متحدثًا رسميًّا باسمه في الغرب، ومنذ تأسيس الرابطة في 1997 ولم تكتفِ بفرعها
في لندن، بل افتتحت بعد ذلك 11 فرعًا ينتشرون في أرجاء المملكة، ما بين مدن
مانشستر وليفربول وويلز وأسكتلندا وبرمنجهام، وغيرها من المقاطعات المهمة.
وكعادة الإخوان في
استخدام الدعوة الإسلامية كستار لأهدافها السياسية، يستغل التنظيم أنشطة الرابطة
الدعوية والثقافية في حشد مسلمي بريطانيا (البالغ عددهم حوالي 2.7 مليون وفقًا لآخر
تعداد سكاني، ويتركز أغلبهم في لندن)؛ للتدخل في سياستها، واعتماد وجهة نظر معينة،
فسبق للرابطة أن شحذت همم مريديها في انتخابات المجالس المحلية ببريطانيا، والتي
أجريت في شهر مايو الماضي بمقال نشرته على موقعها الرسمي تدعي فيه أن ظاهرة كراهية
الإسلام مرتفعة في الدولة (التي احتوتهم)، ما يُحتم عليهم انتخاب الأشخاص
المناسبين في السلطة وأولوياتهم الخفية.
كما استغلت المؤسسة التي
تتظاهر بالأيديولوجية الثقافية نفوذها وانتشارها في أوساط المجتمع لحشد أصواتهم
لرئيسها أنس التكريتي (ابن أسامة التكريتي الإخواني العراقي المعروف الذي هرب إلى
بريطانيا لمعارضته نظام الحكم العراقي)، وذلك أثناء محاولته التي باءت بالفشل في
خوض غمار الحياة السياسية كمرشح لانتخابات البرلمان الأوروبي عام 2004؛ حيث إنه
مولع بالسياسة، محاولًا استغلال الشعبية الدينية للمنظمة في تحقيق تطلعاته.
فيما تُمثل «مؤسسة قرطبة
لحوار الثقافات» في بريطانيا، والتي يرأسها أنس، المولود ببغداد في 9 سبتمبر 1968،
ذراعًا ثقافية خطيرة تمتد في أوصال المجتمع، ملوثة إياه بأفكار الإخوان وأيديولوجيتها
البراجماتية.
ويستكمل أحفاد الفوج
الأول للمهاجرين الإخوان منظومة التمدد التي أسسها آباؤهم؛ حيث أقام طارق رمضان
(المفكر الإخواني المتهم في قضايا اغتصاب تنظر الآن أمام المحاكم الفرنسية)، ابن
سعيد رمضان، الشبكة الأوروبية الإسلامية في بلجيكا والمعروفة اختصارًا بـ«EMN»، وتهتم الشبكة بتنظيم الندوات والمؤتمرات الثقافية في الدولة
التي شهدت أوساطها السياسية كثيرًا من النقد والتخوفات من انتشار الكيانات
الإخوانية على أرضها، فيما ناقش برلمانها في العام الماضي تدفق المال القطري إلى
تلك الكيانات عن طريق المؤسسة القطرية «Qatar charity».
كما تشكل رابطة مسلمي بلجيكا المعروفة بـ«LMB» مع المركز الإسلامي في بروكسل والمشهور بـ«المسجد الكبير» أخطر لوبي إخواني، وسبق للسلطات أن أنهت إقامة إمام المركز الإسلامي على خلفية خطورته على الأمن القومي للبلاد.
