«حادث المنشية».. انهيار حُلم الإخوان تحت قدمي «عبدالناصر»
السبت 27/أكتوبر/2018 - 01:29 م
جمال عبد الناصر
دعاء إمام
على مدار 64 عامًا، لا يمل المنتمون لجماعة الإخوان، عن ترويج رواية غسل أياديهم من محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فيما عُرف بحادث «المنشية» في السادس والعشرين من أكتوبر عام 1954، إذ يزعمون كذبًا أن كل ما حدث كان «مسرحية» هدفها زيادة شعبية «ناصر»، وأحيانًا يقولون إن الثلاثة المنتمين للإخوان، نفذوا الهجوم دون أمر من المرشد العام.
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
روايات متناقضة يتناقلها جيلٌ تلو الآخر، إلا أن الحقيقة الثابتة أن الخلية التي خططت للاغتيال بزعامة «هنداوي دوير» تنتمي جميعها إلى الإخوان.
ولمّا علم «دوير» بفشل زملائه في اغتيال الرئيس، توجه إلى الجهات الأمنية وأبلغ عن محمود عبداللطيف، عضو التنظيم الذي أطلق النار على «ناصر» ومعه خليفة عطوة، وتم إلقاء القبض على الاثنين اللذين حاولا إخفاء هويتهما الإخوانية؛ حتى لا يطال الجماعة أي أذى، ثم علموا بالإبلاغ عنهما فقالا :«غرروا بنا وأوهمونا أن الإسلام أباح دم عبدالناصر».
خطة اغتيال «ناصر»
فنّد علي عشماوي (أحد قيادات النظام الخاص، وانشق عن الإخوان فيما بعد) أكاذيب الجماعة حول حادث «المنشية»، إذ أكد أن الإخوان القادمين من الأقاليم كانوا مكلفين بالسيطرة على أقسام البوليس ومبنى الإذاعة، إضافة إلى قطع الطرق المؤدية من ثكنات الجيش إلى داخل القاهرة، وقطع الطرق الداخلة إلى القاهرة من جهة الإسماعيلية.
واعترف «عشماوي» في مذكراته المعنونة بـ«التاريخ السري لجماعة الإخوان»، أنه كان ضمن كتيبة من النظام الخاص، صدرت لهم تعليمات بصدام وشيك مع الدولة، قائلًا:« علمنا أن التحركات تعتمد على تأمين الجيش من خلال الإخوان الذين كانوا في الخدمة ولا يعلم بهم عبدالناصر، ثم القبض على بعد الشخصيات المهمة التي لها ثِقل، وإن لم ينجح القبض عليهم فهناك خطة بديلة لاغتيالهم، بعد ذلك يستولي الإخوان المدربون في كلِّ أنحاء الجمهورية على أقسام البوليس والمباني المهمة»
وعن دور الطلاب، قال: «يقوم قسم الطلاب بمظاهرة مسلحة، ويكون دورها التغطية على باقي العمليات، وإتمام حصار القصر الجمهوري والاستيلاء عليه بعد أن تكون باقي المنشآت الحكومية والمهمة قد تمت السيطرة عليها في خطة زمنية مفصلة».
سيد قطب
«قطب» وحُلم خلافة «ناصر»
في إحدى زنازين السجن الحربي التقى ثلاثة رجال من المنتمين لجماعة الإخوان، والذين ألقي القبض عليهم بعد تورطهم في حادث المنشية، وبينما كان الجميع يتناقشون في مصير الجماعة، بعد القرار الصادر بحلِّها في العام ذاته، التفت محمد عبدالفتاح رزق، أحد عناصر الإخوان وكان في العقد الرابع من عمره، إلى الشيخ عبدالفتاح إسماعيل، الذي لم يكمل عامه الثلاثين، ومعهم عوض عبدالمتعال، الطالب الأزهري صاحب الـ19 عامًا، ليفكروا في الانتقام من «عبدالناصر».
سيطرت رغبة الانتقام على الثلاثة الذين رأوا استحالة استمرار تنظيم الإخوان دون التنظيم الخاص، فأجمعوا على ضرورة إعادة إحياء هذا التنظيم من جديد، وجعلوا له هدفين؛ الأول لم شمل الإخوان من جديد بعيدًا عن القيادات، أما الثاني فهو اغتيال «الرئيس» وشخصيات أخرى، إضافة إلى تنفيذ عمليات على منشآت حيوية منها مبنى الإذاعة والتلفزيون، وبالفعل انضم إليهم حوالي 50 إخوانيًّا.
كانت الجماعة قد خططت -حتى بعد فشل محاولة المنشية- للتخلص من عبدالناصر لكن لم يكن لديها أي تصور للتنفيذ، ولم يكن أمامهم سوى انتظار منظرهم الأول سيد قطب (1906-1966)، وبالفعل خرج قطب من السجن عام 1964 بعفو صحي قبل أن يكمل مدة عقوبته، وجعلوا كتابه الذي كتبه بالسجن بعنوان (معالم على الطريق) دستورًا لتنظيمهم، وتولى «قطب» قيادة التنظيم، الذي هدف إلى اغتيال «عبدالناصر» والوصول بالجماعة إلى الحكم خلفًا له.
وكانت كُتب منظّر الجماعة سببًا رئيسيًّا في التفات الأنظار إليه ومتابعة تحركاته، وتوصلت المخابرات المصرية إلى أن «قطب» أعاد إحياء التنظيم السري، ويخطط لاغتيال الرئيس، وعدد من الشخصيات في الدولة، بالتعاون مع دول أجنبية أمدت التنظيم بالمال والسلاح، فتم إلقاء القبض على كافة أعضاء التنظيم.
في أواخر عام 1965 انتهت أحلام «قطب» في زعامة الجهاد، والوصول بالجماعة إلى الحكم خلفًا لـ«عبدالناصر» في حال نجاح خطة اغتياله، لإقامة دولة إسلامية تتناسب مع كتاباته التي وصف فيها المجتمع والدولة بـ«الجاهلية الكافرة».





