ad a b
ad ad ad

بالذهب والابتزاز.. هل يستطيع «داعش» جمع أموال لعودته بعد الانهيار؟

الخميس 11/أكتوبر/2018 - 01:39 م
المرجع
شيماء حفظي
طباعة

يعتمد تنظيم «داعش»، منذ ظهوره قبل 4 أعوام، على طريقته الخاصة في الحصول على تمويلات تدعم نشاطه، وهو ما مكنه من البقاء طوال تلك الفترة، وفي محاولة لتأمين محاولات العودة بعد الهزائم التي تلقاها، يضع التنظيم طرقًا لتعظيم الاستفادة من أمواله وحفظها في سبيل حلم العودة المزعوم.


وإلى جانب اعتماد التنظيم على أموال مشبوهة آتية عن طريق تهريب النفط والآثار، وأعمال الخطف، وطلب الفدية، فإنه أيضًا ابتكر أساليب جديدة لجمع المال، دون اللجوء إلى استخدام قنوات القطاع المصرفي التقليدي.


وعمد «داعش» في الماضي للتواصل مع جهات مانحة عبر موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، وطلب شراء بطاقات دولية مسبقة الدفع، وإرسالها عبر برنامج المحادثات «سكايب»، لأتباع التنظيم في سوريا ومن ثم بيعها، بالإضافة إلى استخدام عملة «البيتكوين» صعبة التتبع، وذلك بحسب ما قاله الباحث والخبير في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ماثيو ليفيت، في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، في 2015.


وبحسب أيضًا ما أوردته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، في تحقيق استقصائي، نشرته في 2015، فإن «داعش»، اعتمد على جذب تمويلات له، عن طريق جباية أموال الزكاة والضرائب والإتاوات المفروضة في المناطق التي يسيطر عليها، وحقق بذلك إيرادات كبيرة من الضرائب وعمليات المصادرة والابتزاز تعادل ما يحصل عليه من تهريب النفط الخام.

للمزيد .. بودرة «التلك».. أهم مصادر تمويل «داعش وطالبان» في أفغانستان

بالذهب والابتزاز..

ووفقًا لتقارير أوروبية جمع «داعش» بذلك ما يقرب من 6 مليارات دولار، ما يجعله أغنى الجماعات الإرهابية في التاريخ.


وكون التنظيم ثروته من ثلاثة مصادر رئيسية هي: النفط والغاز، والتي بلغ مجموع مكاسبها نحو 500 مليون دولار في عام 2015، ومعظمها من خلال المبيعات الداخلية، بالإضافة إلى الضرائب والابتزاز، التي حققت مكاسب بلغت نحو 360 مليون دولار في عام 2015؛ فضلًا عن عمليات نهب الموصل في عام 2014 ، إذ سرق عناصر التنظيم نحو 500 مليون دولار من خزائن مصرفية، وفقًا لتقارير أوروبية.


ولكن مع تراجع سيطرة ونفوذ التنظيم في سوريا والعراق، وخسارته ما يقرب من 98% من الأراضي التي كانت تابعة له أصبح بحاجة إلى طريقة يحفظ بها مصادر تمويل لإمكانية العودة مرة أخرى.


وفي دراسة بعنوان «خطط داعش للاغتناء ونشر الخراب»، نشرتها مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية الأربعاء، فإنه على الرغم من أن التنظيم لم يعتمد على الأرض التي سيطر عليها لبقائه الاقتصادي، بشكل جزئي، فإن قيادات التنظيم وجدت طرقًا أخرى للحصول على التمويل المالي.


وتقول الدراسة، إن التنظيم ربما هرَّب ما يصل إلى 400 مليون دولار من العراق وسوريا، وسيسعى عبر شبكة موسعة إلى غسل هذه الأموال من خلال شركات في المنطقة، وخاصة في تركيا، حيث يمكن تحويل بعض النقود إلى الذهب وتخزينها للبيع في المستقبل.

للمزيد.. الجهاد الإلكتروني.. «داعش» يحاول بناء خلافته المزعومة مجددًا

اللواء الركن نجم
اللواء الركن نجم الجبوري

ووفقًا لتصريح قائد عمليات نينوى اللواء الركن نجم الجبوري، في 2016، لراديو «سوا» قال إن المقاتلين الأجانب لدى تنظيم «داعش» لجؤوا بعد انهيار التنظيم، إلى شراء الذهب لحفظ أموالهم، تمهيدًا لمغادرة العراق.


وعلى جانب آخر، فإنه على الرغم من انخفاض دخل التنظيم، فإن نفقاته أيضًا تعد ضئيلة الآن، مقارنة بما كانت عليه منذ أكثر من عام، وترى الدراسة أن الأموال التي تم تكديسها ستوفر له ما يكفي من المال للبقاء كحركة إرهابية سرية، لديها القدرة على شن حملة طويلة من حرب العصابات في جميع أنحاء العراق وسوريا.


ويساعد تنويع المحفظة المالية على إمكانية استمرار الحصول على التمويلات، وتغطية النفقات، وهو ما يتبعه «داعش»، فالتنظيم لديه القدرة على جمع الأموال من خلال مجموعة من الأنشطة الإجرامية الجديدة والمتنوعة، منها الاتجار في المخدرات، وهذا النشاط أحد الطرق التي لا تتطلب الاحتفاظ بالأراضي.


وبحسب الدراسة، فإنه في المستقبل القريب، يمكن للتنظيم الإرهابي أيضًا إعادة تنشيط تيارات الدخل التي أصبحت نائمة عن طريق ابتزاز السكان الذين يعيشون في محيط تمدد سيطرة الحكومة، فخلال السنوات التي كانت تحت سيطرتهم، جمع أعضاء داعش بدقة بيانات شخصية من السكان تتضمن معلومات مفصلة عن الأصول والدخل، بالإضافة إلى عناوين أفراد العائلات الممتدة، وهذا يزوده بالمزيد من النفوذ في تخويف المدنيين وابتزازهم، ما يسمح له بتجديد الاحتياطي النقدي.

للمزيد.. سيناريوهات تُعجل بعودة «داعش» إلى «الرقة» السورية


بالإضافة إلى ابتزاز المدنيين، هناك طريقة أخرى يمكن أن يستمر بها التنظيم  في كسب المال دون الاحتفاظ بالأرض، عن طريق ابتزاز الشركات المسؤولة عن إعادة إعمار الموصل وغيرها من المدن المدمرة، فقد أتقنت المنظمات السابقة لــ«داعش»، تنظيم «القاعدة» في العراق، ودولة العراق الإسلامية، فن ابتزاز شركات البناء والكيانات الأخرى التي تحاول المساعدة في إعادة بناء المدن والبلدات والقرى، التي تحاول التعافي من سنوات من الصراع في العراق، بحسب الدراسة.

بالذهب والابتزاز..

النفط واستغلال جهود الإعمار

وتقول الدراسة، إن هذه الجماعات لم تسيطر في أي مكان بالقرب من مساحة الأراضي التي كانت يسيطر عليها «داعش»، لكن بين عامي 2006 و2009، كانت لا تزال قادرة على جمع مبالغ كبيرة من المال عن طريق إبتزاز شبكات توزيع النفط المحلية والإقليمية، وهذه العملية نفسها من المحتمل جدا أن تتكرر خلال السنوات القادمة، حيث يسعى المجتمع الدولي لمساعدة العراق وسوريا على التعافي من عقد من الحرب الأهلية.


ولهذا فإن إعادة إعمار الأجزاء التي مزقتها الحرب في العراق وسوريا - رغم حسن نواياها -، يمكن أن توفر هدفا جذابًا لــ«داعش»، وربما تساعد في تمويل عودته، وهو أمر يمكن أن يحققه حتى بدون احتلال مساحات واسعة من الأراضي، فسيكون من السهل على «داعش» أن يبدأ في إفساد عقود إعادة الإعمار، فالمتطرفون سيحتاجون ببساطة إلى إقامة علاقات مع المسؤولين المحليين المرتبطين بمشاريع إعادة الإعمار وإدخال عناصرهم الخاصة في سلسلة الإمداد، مع الحصول على مبالغ مالية مختلفة في كل خطوة من خطوات العملية، وتعمل عناصر التنظيم لضمان اكتمال المشروع في نهاية المطاف، وإن كان بسعر مبالغ فيه لمراعاة العائد من تلك الأموال، بحسب الدراسة.


وبالتالى فالجمع بين الأصول الحالية والقدرة المستقبلية على كسب المال سيسمح للتنظيم، بإعادة تنظيم صفوفه، والتي بدأت بالفعل في الظهور في أجزاء مختلفة من العراق وسوريا،  مثلما بنى المسلحون نقاط تفتيش وهمية في جميع أنحاء كركوك في شمال العراق، لنصب كمائن لقوات الأمن العراقية العاملة في المنطقة في وقت سابق من هذا العام.


وفي أجزاء أخرى من العراق، بما في ذلك ديالى وصلاح الدين، تقوم خلايا «داعش» النشطة بمراقبة واستطلاع هذه المناطق لتحديد أفضل السبل للعمل قبل إعادة تنظيم تشكيلات صغيرة من المقاتلين، وعلى الرغم من الغارات الجوية الأمريكية، لا تزال جيوب المقاتلين متحصنة في «حجين، شمال أبو كمال، ودشيشة»، في سوريا.

"