يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الإخوان والتكفيريون.. يتامى «جون ماكين»

الأحد 26/أغسطس/2018 - 07:01 م
المرجع
نورا بنداري
طباعة
مساء السبت الموافق 25 أغسطس 2018، رحل السيناتور الأمريكي «جون ماكين»، عن عمر ناهز 81 عامًا، بعد صراع مع مرض سرطان المخ، ولقى هذا النبأ صدي واسعًا في مختلف الأوساط السياسية الأمريكية والعالمية وأيضًا المحلية، التي عرضت أغلبها التفاصيل الكاملة لحياة «ماكين»، وكيف أنه كان بطلًا للحرب وأسير حرب أيضًا. 

الإخوان والتكفيريون..
أمضى «ماكين» أكثر من خمس سنوات من عمره أسيرًا حرب في فيتنام وأكثر من ثلاثة عقود عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي ممثلًا عن ولاية «أريزونا»، ما دفع بعض الديمقراطيين لتقديم اقتراح بإطلاق اسم «ماكين» على مبنى في الكونجرس.

وكان «ماكين» يوصف بأنه «صريح الكلام» و«ثعلب سياسة»، حيث تدرج في سلم السياسة الأمريكية ليصبح صوتا مؤثرًا في سياستها الخارجية وشؤونها العسكرية، رغم أنه خاض سباق الرئاسة الأمريكية مرتين، الأولي عام 2000 مع منافسه «جورج دبليو بوش»، والثانية في 2008 أمام المرشح الديمقراطي «باراك أوباما»، لكنه في المرتين لم يفز بلقب سيد البيت الأبيض.


الإخوان والتكفيريون..
«سيناتور الإخوان»
إضافة إلى الألقاب التي حصدها «ماكين»، هناك لقب آخر، أعطته له وسائل إعلام أمريكية، وهو لقب «سيناتور الإخوان»، أو «عراب الإخوان»، ففي فبراير 2016، نشر الموقع الأمريكي «كونسرفاتيف» تقريرًا بعنوان «جون ماكين.. سيناتور الإخوان المسلمين»، ينتقد فيه عضو مجلس الشيوخ، زاعمًا وجود روابط بينه وبين الجماعة، وتساءل التقرير عن سبب وقوف «ماكين» دائمًا إلى صف الإخوان.

وبالرجوع للماضي، خاصة عندما اندلعت ما عرفت بثورات الربيع العربي عام 2011، نجد أن السيناتور الأمريكي دعا الولايات المتحدة لاتخاذ موقف مؤيد للديمقراطية في المنطقة العربية رغم مخاطر استحواذ الإسلاميين المتطرفين على السلطة في دول المنطقة.

ووجه تقرير الموقع الأمريكي اتهامًا إلى «ماكين» بأن له تاريخًا في الدفاع عن الإخوان بالداخل والخارج، كما أشار الموقع إلى أن «ماكين» كان أحد داعمي «هوما عابيدن» مساعدة «هيلاري كلينتون» التي ترتبط بعلاقة مع جماعة الإخوان، إضافة إلى هذا سلط التقرير الأمريكي الضوء على دعم «ماكين» ومناصرته للرئيس الإخواني المعزول «محمد مرسي» الذي تم عزله من خلال ثورة 30 يونيو 2013.

وقبل ثورة 30 يونيو، وتحديدًا في مارس 2012، التقي «ماكين» بنائب مرشد الإخوان «خيرت الشاطر»، وجرى اللقاء في سرية شديدة، وأمام الضجة التي أثيرت وقتها أعلن المتحدث باسم الجماعة الإرهابية، أن اللقاء دار حول الوضع الاقتصادى لمصر وخطوات استكمال بناء مؤسساتها الدستورية الديمقراطية والاستماع إلى موقف الإخوان من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.

لذلك وبعد أيام من اندلاع الثورة التي أطاحت بحكم الجماعة الإرهابية، وبالتحديد في 12 يوليو 2013، نشر «ماكين» بالاشتراك مع السيناتور الجمهوري «ليندسي جراهام»، بيانًا دافعا فيه عن المعزول «مرسي»، رغم اعترافهما بإرادة ملايين المصريين لعزله هو وجماعته من السلطة، ليس ذلك فقط، بل إنه خلال زيارتهما لمصر في أغسطس 2013، طالبا الحكومة المصرية بالعمل على إطلاق سراح سجناء الإخوان، وفتح قنوات للحوار معهم، الأمر الذي رفضته الحكومة المصرية.

بعد ذلك، عمل السيناتور الأمريكي على ممارسة ضغوط في مجلس الشيوخ الأمريكي، بهدف وقف المساعدات الأمريكية لمصر للضغط على قيادتها من أجل السماح بعودة جماعة الإخوان للمشهد السياسي، وإشراكها في مسار ما بعد ثورة 30 يونيو، وتخصيص المساعدات المالية لمنظمات المجتمع المدني النشطة داخل مصر، كما طلب في وقت سابق من إدارة بلاده سحب القوة الأمريكية الموجودة في سيناء ضمن قوات حفظ السلام، بزعم تعرضها للخطر.




الإخوان والتكفيريون..
إضافة إلى ذلك، فإن «ماكين» عمل على تقديم الدعم لإخوان تونس من خلال محاولته إبقاء حركة النهضة في إطار المشاركة في الحكم تمهيدًا لمتغيرات قادمة تعيد خلط الأوراق وترجعها لصدارة المشهد، وبعد هزائم الإخوان النكراء في كل من مصر وتونس، اتجه السيناتور الأمريكي تجاه المغرب العربي خاصة ليبيا، عاملًا على إجراء تفاهمات مع جماعة الإخوان في طرابلس، وفجر ليبيا (تحالف مجموعة ميليشيات إسلاموية) بهدف إعادة ترتيب خريطة ليبيا، ولذلك تعد وفاته «ماكين» ضربة لجماعة الإخوان، فهى لن تجد الآن من يدافع عنها ويتبنى مصالحها.

ويعد «ماكين» من أقوي مؤيدي التدخل العسكري الغربي في ليبيا عام 2011، ما جعله يقوم في أبريل من العام ذاته بزيارة القوات المعارضة للعقيد معمر القذافي في بنغازي، قائلًا: «هؤلاء هم أبطالي»، وبعد ذلك عزم «ماكين» على تسليح التكفيريين الذين دعمهم بالقنابل ومناطق حظر الطيران في ليبيا.


الإخوان والتكفيريون..
وعندما اندلعت الحرب السورية دأب «ماكين» على مطالبة دولته بأن تتدخل عسكريًّا إلى جانب القوات المعارضة للحكومة السورية، لذا فإنه بعد أشهر قليلة من تأييد الولايات المتحدة للاحتجاجات في سوريا، بدأ «ماكين» فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية، وزار في مايو 2013، القوات المعارضة في سوريا، ودعا إلى تزويدها بالأسلحة الثقيلة وإقامة منطقة حظر طيران تشمل كل الأراضي السورية، لتبدأ الأسلحة بالتدفق إلى الجيش السوري الحر وغيره من الجماعات المتمردة.

ولم يكتف بتقديم الدعم للمتطرفين في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل اتجه لدعمهم عبر أطراف أوروبا، ففي البوسنة وكوسوفو، وتحديدًا في منتصف التسعينيات حينما كان «ماكين» مؤيدًا لحرب الرئيس «بيل كلينتون» وقتذاك في البوسنة، والتدخل الأمريكي في كوسوفو، دعم «ماكين» جيش تحرير كوسوفو وهي منظمة جهادية عملت على الإبادة الجماعية وكانت تربطها علاقات مع تنظيم «القاعدة» في ظل زعامة «أسامة بن لادن»، كما دعا «ماكين» إلى المزيد من التدخل الأمريكي في جميع أنحاء القارة الأفريقية، بل وقدم دعمًا بشكل مباشر للإرهابيين في بعض بلدان غرب ووسط أفريقيا.

مخرج أفلام داعش
وأثناء زيارة السيناتور الأمريكي لأوكرانيا، سرّبت مجموعة قراصنة إلكترونية تحمل اسم CyberBerkut»» ومقرّها روسيا، بحسب بوابة الشروق الجزائرية؛ فيديو من الحاسوب الشخصي لأحد مساعدي «ماكين»، يظهر فيه كواليس تصوير أحد أفلام «داعش»، وكشف المقطع عن كواليس سينمائية، لتصوير أحد فيديوهات الذبح الشهيرة لتنظيم «داعش»، ويبدو واضحًا في الفيديو الإشراف «الهوليوودي» على التصوير في استديو سينمائي محترف، وليس في إحدى مناطق سيطرة «داعش»، لذلك وجّهت مجموعة القراصنة رسالةً إلى «ماكين» أكدت فيها، أنها تمتلك ملفًا غاية في الخطورة، استحوذت عليه من ملفاته الشخصية، ونصحته بأخذ الحيطة والحذر في المرات القادمة، بعدم حمل ملفات مهمة.
"