متآمر على الدولة.. حبس الغنوشي يفضح المسكوت عنه في تونس
على مدار أكثر من عام ونصف العام، أعقبت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021، كان السؤال الأهم «لماذا لم تحاسب حركة النهضة حتى الآن»؟ وفيما كانت الإجابة تدور حول اختراق الحركة للجهاز القضائي وتعيينها لأفراد محسوبين عليها بداخله بشكل يعطل المحاكمات، جاء حكم دائرة مختصة بقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية، الإثنين الماضي، بالسجن لمدة عام مع غرامة مالية قيمتها ألف دينار (نحو 320 دولارا) لرئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، للسؤال عن لماذا يحبس الغنوشي في هذه القضية ولم يحبس في قضايا مثل تسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر أو قضايا غسيل الأموال التي تحقق فيها معه مرارًا؟
الغنوشي متآمر علي الدولة
وتتعلق القضية محل الحكم بشكوى تقدم بها نقابي أمني ضد الغنوشي بعد استخدامه كلمة «طواغيت» أثناء تأبينه أحد قيادات حركة النهضة، ويرى صاحب الشكوى أن قوات الأمن هي المقصودة بهذه الكلمة.
وعلى خلفية ذلك تم توقيف الغنوشي (81 عاما) قبل نحو شهر، بشبهة التآمر ضد أمن الدولة، مع غلق مقار النهضة ومنعها من الاجتماعات.
في غضون ذلك، رفضت النهضة وجبهة الخلاص- كيان معارض مشكل من أكثر من حزب مدني إلى جانب النهضة- الحكم.
واعتبرت الحركة في بيان لها الثلاثاء ١٦ مايو ٢٠٢٣، أن الحكم يأتي في سياق «محاكمات سياسية»، فيما رأت الجبهة أن «لا أحد من المعارضين مهما كان موقعه أو انتماؤه في مأمن من مصادرة حريته والزج به في السجن».
دلالات الحكم
رغم كل الحفاوة التي استقبل بها مناهضو النهضة للحكم القضائي فإنه يؤكد حقيقة أن ثمة ملفات لم يقوَ مسار 25 يوليو حتى اليوم على حسمها، وعلى رأس هذه الملفات تسفير الشباب التونسي لمناطق الإرهاب لدرجة جعلت تونس على رأس الدول المصدرة للإرهاب خلال الفترة ما بعد 2011.
ويبرر الكاتب السياسي التونسي، نزار الجليدي في تصريحات سابقة لـ«المرجع»، بأن النهضة تمكنت من حماية نفسها من خلال عناصر لها مزروعين في أغلب الجهات الحكومية بما فيها القضاء.
لهذا تبقى بعض الملفات بلا حسم، مع إطالة أمد التحقيقات.
دعم إقليمي
هذا ليس السبب الوحيد فتلقى النهضة الجناح الإخواني الأبرز في المغرب العربي والأنجح من بين نظرائها في دول المنطقة، دعم خارجي من جماعة الإخوان وأنصارها الإقليميين، بشكل يجعل الجماعة تحارب للحفاظ على آخر أوراقها بعد خسائرها في مصر.
وحتى عام 2021، كانت التيارات الإسلامية بشكل عام تنظر إلى منطقة المغرب العربي، كما لو أنها الورقة الأخيرة في يدها، فبعد فشل ما عُرف بـ«ثورات الربيع العربي» في سوريا، وإنهاء وجود دولة «داعش» المزعومة في العراق، وسقوط الإخوان في مصر، ظل المغرب العربي المساحة الوحيدة التي يتواجد فيها الإسلامي الحركي في صورة جماعات وأحزاب قادرة على رئاسة الحكومة والفوز في البرلمان.
هذا الواقع تغير بعدما حمل عام 2021 تغييرات في المشهد السياسي ببعض بلدان المغرب العربي، أسفرت عن فشل جديد يضاف لسلسلة إخفاقات الإسلام الحركي بالمنطقة العربية.
وتعد تونس الخسارة الأكبر، فبعدما كانت حركة النهضة (جناح جماعة الإخوان بتونس) رقم واحد في المشهد على مدار عشر سنوات أعقبت الثورة التونسية، وتحظى بأكثرية البرلمان ولها سطوة على الحكومة، أنهى الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو الماضي، هذا الواقع السياسي مهمشًا «النهضة» ببضع قرارات كان منها تجميد البرلمان وحل الحكومة وتعقب الفاسدين.







