تأثرت شبكة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في
الولايات المتحدة الأمريكية، بالأحداث المتتابعة التي وقعت في البلاد خلال عام 2020، وحاولت من خلالها صياغة متغيرات تتكيف مع أهدافها التي تسعى لتحقيقها بالمجتمع وسط
ثراء حدثي أضافته الوقائع الجارية في واشنطن خلال العام المنصرم.
فمع مطلع 2020 كان ساسة الولايات
المتحدة يتطلعون للانتخابات الرئاسية التي جرت وقائعها في نوفمبر وانتهت بإعلان
فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن وهزيمة الجمهوري دونالد ترامب، باعتبارها قد تكون
الحدث الأكثر أهمية خلال العام.
وبينما كانت الاستعدادات السياسية قائمة للدعاية
لكلا المرشحين اختبرت البلاد بانتشار واسع لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وسط
مواطنيها لتسجل معدلات وفيات مرتفعة خلال الجائحة، أسهمت في تشكيل أجندة التعامل الإخواني مع مجريات
الأحداث المختلفة.
وتبقى حملة «حياة السود» الناتجة عن
مقتل المواطن الأمريكي صاحب البشرة السمراء جورج فلويد في 25 مايو 2020 في مدينة
مينيابوليس بولاية مينيسوتا بوسط غرب البلاد على يد عنصر من الشرطة الأمريكية في مقاطع المصورة عن الحادثة، من أبرز الوقائع التي استغلتها الجماعة لتحقيق أهدافها
السياسية والإستراتيجية، خاصة أن الواقعة رافقت عام الانتخابات بالتوازي مع
احتجاجات شعبية واسعة حول ملف حقوق الإنسان في البلاد.
أبرز أنشطة الإخوان في الولايات المتحدة 2020
أولًا؛ تبرعوا من أجل كورونا: ضُربت الولايات المتحدة بفيروس كورونا كغيرها من دول العالم، وبالتالي استغل الإخوان الجائحة لجمع أكبر نسبة من التبرعات عبر شبكة الجماعة المنتشرة في البلاد، والمتمثلة في مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية CAIR، والدائرة الإسلامية لشمال أمريكا ICNA، وغيرهما من الجمعيات.
ومن جهته وظف مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية «كير» استمارة خاصة من أجل التبرع إلكترونيًّا لمساعدة المتضررين من الوباء عالميًّا وتبدأ قيمتها من 35 دولارًا، مع أخبار ومطالبات حول أهمية التبرع وضرورة جعل الزكاة مخصصة للمجلس من أجل دعم أنشطته في هذا المجال.
فيما جاء شعار (تبرعوا من أجل كورونا) كأحد أبرز الحملات التي روجت لها الدائرة الإسلامية التابعة للتنظيم من أجل جمع التبرعات في صورة يريد الإخوان الترويج لها كمساهمين في حل مشكلات الجائحة لدى المواطنين الأكثر تضررًا.
ولكن في تصريح سابق لـ«المرجع» قال أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية، سعيد صادق إن توظيف «كورونا» في حملات الإخوان هو مال سياسي يجمع ويدفع لأغراض الأجندة الخاصة بهم وليس لخدمة الإنسانية، مطالبًا بضرورة مراقبة أوجه صرف هذه الأموال.
ثانيًا؛ تفكيك الشرطة الأمريكية: انتقل الإخوان تبعًا لسخونة الأحداث من «تبرعوا من أجل كورونا» إلى «تبرعوا من أجل السود»، إذ استغل الإخوان المظاهرات التي اندلعت عقب مقتل «فلويد» من أجل مطالبة أتباعهم بالتبرع، ونشر مجلس كير حملة لجمع الأموال للدفاع عن المواطنين المحبوسين من قبل الشرطة على خلفية الاحتجاجات.
وكانت الشرطة الأمريكية آنذاك تحتجز المحتجين لمخالفتهم للإجراءات الاحترازية الخاصة بتقويض انتشار فيروس كورونا كحظر التجوال وغيره، ولكن المواطنين ارتأوا أن حقوقهم الإنسانية ليست محل مساومة مع الحياة، بيد أن الإخوان كانوا قابعين في المنتصف، فوظفت الجماعة الحادث من أجل عقد ندوات حول إمكانية تفكيك بعض الإدارات بجهاز الشرطة الأمريكية أو تقليل ميزانيته، في معالجة سياسية واضحة للأحداث التي تحولت من حقوقية إلى إستراتيجية، وهي لعبة تجيدها الجماعة، ففي 12 يونيو روج مجلس كير في مدينة بالتيمور لموافقته على مشروع قانون قدمه مجلس المدينة حول خفض المخصصات المالية لجهاز الشرطة، وعللت الجماعة موافقتها بأن نفقات الجهاز مبالغ فيها.
وهنا تكمن إشكاليات مختلفة، فإذا كانت واشنطن تتيح عبر آليات ديمقراطية مراقبة المدخلات والمخرجات المالية للجهاز بشكل شفاف، فما حاجة الجماعة لاستغلال الأحداث في المطالبة بخفض نفقات الجهاز في ظل مستوى معيشي ليس بفقير لعامة الشعب.
ثالثًا؛ الانتخابات الرئاسية الأمريكية: مثلت الأحداث السالف ذكرها مادة ثرية للجماعة من أجل مهاجمة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي وضع نفسه في مرمى الانتقادات بسبب أدائه في ملف «كورونا» ومعالجته لممارسات الشرطة ضد المحتجين على مقتل «فلويد»، فأدارت الجماعة حملات عبر تحليلات خاصة بها تشير إلى أن أصحاب البشرة السمراء والمسلمين وجميع الأقليات في الولايات المتحدة، سيصوتون بكثافة في الانتخابات الرئاسية وسيختارون «جو بايدن» لخطابه المعتدل تجاههم أو حتى المُرحب بهم، وفي 5 أكتوبر 2020 نشرت «كير» بيانات استطلاعية حول نسب حصدتها تشير إلى تقدم جو بايدن في الاستفتاءات الخاصة بها على حساب ترامب.
هل تستطيع واشنطن تقويض الجماعة؟
من أنشطة جماعة الإخوان تجاه المجتمع إلى جهود الساسة الأمريكيين ضد الإخوان، حاول بعض البرلمانيين تحريك قضية إقصاء التنظيم من المشهد الأمريكي عبر مشروع قانون قدمه البرلماني الجمهوري عن ولاية تكساس تيد كروز في الأول من ديسمبر 2020 من أجل إعلان الجماعة «إرهابية» وحظر أنشطتها وفرض قيود قانونية على عناصرها.
وحظى مشروع «كروز» بدعم بعض الجمهوريين لإقرار القانون رسميًّا ومازالت الحملة جارية وسط مطالبات بالحظر، تقابلها حملات ترويجية من الجماعة بأن استهداف الإخوان هو استهداف للإسلام في صورة إسلاموفوبيا مزعومة.