انطلقت مشاورات الحوار السياسي بين طرفي النزاع في ليبيا، التي يعول عليها لإنهاء صراع النفوذ، وتوحيد السلطة التنفيذية، وترتيب الإجراء اللازمة للانتخابات الوطنية في أقصر إطار زمني ممكن لاستعادة سيادة ليبيا، وإعطاء الشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية.
وسط أمل عارم يأتي بعد أيام قليلة من اتفاق وقف دائم لإطلاق النار في جميع أرجاء ليبيا، ملتقى الحوار السياسي الليبي التي انعقدت أولى جلساته افتراضيًّا عبر التواصل المرئي، الإثنين 26 أكتوبر، استعدادًا للقاء المباشر الذي سيجرى في الـ9 من نوفمبر القادم بالعاصمة التونسية.
بيان ويليامز
وكشف بيان للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، عن أن اختيار المشاركين في الملتقى جاء بناءً على مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل، وشملت المجموعة 75 مشاركًا من ليبيا يمثلون أطياف المجتمع الليبي السياسية والاجتماعية كافة، ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، إضافةً إلى القوى السياسية الفاعلة من خارج نطاق المؤسستين.
إلا أن الأسماء المشاركة لم تكن على أسس توافقية بين الليبيين، وهذا ما واجه انتقادات واسعة في ليبيا من مختلف الأطراف، ومن المحتمل أنه سيغدو عقبة قد تعطل هذه الترتيبات التي خططت لها الأمم المتحدة للانخراط في أول لقاء للملتقى السياسي الليبي بعد محادثات استمرت خمسة أيام في مقر الأمم المتحدة بجنيف، في اجتماعات اللجنة العسكرية 5+5.
إخوان.. ولكن
تباينت الانتقادات حول الأسماء المشاركة في الملتقى، فمنهم من رأى أنها تدوير للشخصيات ذاتها التي كانت سببًا فاعلًا في اشتعال الأزمة، وغيرهم اعتبرها تتضمن سيطرة لممثلي تنظيم «الإخوان» الإرهابي، في الوقت الذي رأى فيه البعض ادراج تيارات لا تمتلك أي نفوذ داخل ليبيا على حساب غياب من يمثلهم.
وقد أعربت الحركة الوطنية الشعبية الليبية، في بيان لها، عن استيائها من قائمة المشاركين التي اختارتها البعثة الأممية للحوار السياسي، وقالت إنها «ضمت مجموعة كبيرة من الإخوان وعناصر متطرفة، وحاملي جنسيات أجنبية، شاركت في تدمير وتخريب ليبيا خلال العقد الماضي، وتعتبر الاختصاصات الممنوحة للجنة الحوار المعينة من قبل جهات مجهولة، تمثل تجاوزًا خطيرًا لإرادة الشعب الليبي، وتنبئ باستمرار الأزمة».
فيما عارض أحد الذين وردت أسماؤهم في قائمة البعثة الأممية للمشاركين في الحوار، زيدان معتوق الزادمة، وأعلن انسحابه منه، وقال في تدوينة نشرها عبر موقع «فيسبوك»، إن قراره هذا جاء بسبب «وجود شخصيات تنتمي لتيار الإخوان، إضافةً إلى بعض الشخصيات الجدلية، التي كانت سببًا في معاناة الليبيين طوال السنوات الماضية».
الرهان على الفوضى
وهاجم رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي خالد الترجمان، هجومًا حادًا على القائمة التي قال إنها «ليست بغريبة، فنحن نعلم موقف البعثة الأممية، والدول الداعمة للإسلام السياسي، من محاولتها إطالة أمد الصراع وجعل الليبيين يدورون في حلقة مفرغة».
وقد دشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هاشتاغ #ملتقى_ستيفاني_لا_يمثلني، وذلك للتعبير عن رفضهم قائمة المشاركين، التي تم الإعلان عنها، وعدم رضاهم عن المعايير التي تم اعتمادها في عملية اختيار القائمة.
للمزيد.. وفد «الوفاق» في النيجر.. رحلة البحث عن النفط انطلاقا من «نيامى»
إقصاء الوفاق
سجّلت قوات تابعة لحكومة الوفاق اعتراضها على إقصائها من المشاركة في الحوار، وقال آمر غرفة عمليات سرت والجفرة التابعة لقوات الوفاق إبراهيم بيت المال إنه «من الضرورة إشراك القوات المساندة الموجودة على الأرض في أي حوار قادم، وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة وغير مقبولة».
وأعرب عن استغرابه الشديد من الأسماء المطروحة في قائمة الحوار التي خرجت علينا في وسائل الإعلام المختلفة، وقال «نتساءل بكل أسف من الذي اختارها، ويجب على المبعوثة الأممية، ستيفاني ويليامز، الكف عن العبث بمصير الليبيين، ونؤكد لها أنها لا تملك الحق في فرض أي شيء لا نرغب فيه».
وتتوالى عملية الرفض من قبل جهات تابعة لحكومة الوفاق لآلية اختيار أعضاء الحوار في تونس، وطالب آمر القوة الضاربة في ما يعرف بـ«بركان الغضب» عبد الله بادش، بعثة الأمم المتحدة في ليبيا باحترام إرادة الشعب الليبي، وعدم تكرار الأخطاء الماضية التي جلبت الدمار والخراب للبلاد.
أما عن «قوة حماية طرابلس» التابعة لحكومة الوفاق، رأت أن القائمة المعلنة تحمل أسماء جدلية كانت سببًا في دمار ليبيا، وإشعال الفتنة داخلها، وطالبت البعثة الأممية بالعدول عن هذه القائمة، لتضمنها أسماء لا تملك أي ثقل سياسي أو عسكري، وأخرى تمثل مصالح دول بعينها، واختيار من يمثل الشعب الليبي والمدن بعيدًا عن المحاباة والترضية.