ad a b
ad ad ad

تقديم الحمائم وتأخير الصقور.. الإخوان يتسولون التعاطف بمبادرات خادعة

الخميس 18/يوليو/2019 - 12:20 م
المرجع
محمد عبد الغفار
طباعة

كلما وضعت الجماعة نفسها في مأزق ناجم عن قراراتها الخاطئة، تعيد ترتيب حساباتها- التي عادة ما تكون خاطئةً أيضًا- عن طريق تقديم الحمائم خطوات للأمام، وإرجاع الصقور خطوات للخلف؛ لخلق صورة ذهنية جيدة لدى الجمهور المتحفز ضدهم.


آلية باتت محفوظة من كثرة تكرارها، تعتمدها الجماعة في تعديل مسارها من حين لآخر، حسب مفردات ومعطيات واقعها السياسي المأزوم بالأساس، لكن الجماعة الإرهابية تعمل- على التوازي مع تلك الآلية- على تقديم أوراق ورؤى فكرية جديدة، منطلقةً من مبدأ الانحناء للريح العاتية، أو التقية السياسية وقت الخطر، وهو ما أقدمت عليه فروع الإخوان في أكثر من دولة.


تقديم الحمائم وتأخير

-إخوان مصر وفرع الأردن.. تشابه 2005

بعد أن أصدر إخوان مصر ووفرعها في سوريا مبادرة إصلاحية في عام 2005، غازلوا بها الغرب، وإدارة الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا، وذلك بهدف تقديم أنفسهم كجماعة إسلامية وسطية، يمكن للدول الغربية أن يعتمدوا عليها في تحسين علاقتهم بالدول العربية، عقب سنوات من التوتر.


سارع فرع جماعة الإخوان الأردني إلى  اتخاذ المسلك ذاته، وأصدروا مبادرتهم  تحت عنوان «رؤية الحركة الإسلامية للإصلاح»، وذلك في نفس العام، وهو ما اعتُبر نقطة مفصلية ومحورية مهمة في التطور الفكري للجماعة، وتقليدًا مباشرًا للجماعة الأم  في مصر.


وساهم التزامن في إصدار المبادرات الإصلاحية ما بين مصر وسوريا والأردن إلى إثارة الجدل حول طبيعة العلاقة ما بين أذرع تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في الدول العربية، خصوصًا أن الجماعة كانت تؤكد مرارًا أن لكل فرع منها وفقًا للمادة 44 من ميثاقها الحق في تحديد لائحتها العامة.


وركزت مبادرة جماعة الإخوان في الأردن، والتي نشرت على هيئة كتيبات في موقع الجماعة الرسمي، على عدة نقاط، منها تركيزها على توجيه رسائل إلى الأطراف الأخرى، وخاصةً الدول الغربية، وتتمحور تلك الرسائل حول التأكيد على قبولهم للقيم الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة.


واعتبرت جماعة الإخوان الأردنية في بيانها، الذي لم يختلف كثيرًا عن مثيله في مصر وسوريا، أن الحرية الدينية والتعددية الفكرية والسياسية هي منهج بارز وراسخ في فكر الجماعة، واعتبرت نفسها مؤتمنة بالتفاعل الإيجابي مع المجتمع، وضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لتطبيق مبادئ الديمقراطية والشورى وفقًا للإجراءات السليمة والعادلة.


وبجريان مياه الأحداث في بحر السياسة المتلاطم الأمواج، يتضح أن الجماعة لا تقبل بأي من هذه الأفكار التي نشرتها سواءً في بيان الجماعة في الأردن، أو في نظرائه في مصر وسوريا؛ حيث أثبتت التجارب السابقة واللاحقة أن الجماعة لا تقبل بالحرية الدينية، أو التعددية السياسية، ولكنها تعمل على إقصاء جميع الأطراف السياسية، كما حدث في مصر عقب وصولهم إلى الحكم.

تقديم الحمائم وتأخير

-2019.. سيناريو يكرر نفسه

كُرِّر السيناريو سالف الذكر مرة أخرى في 2019؛ حيث تعيش الجماعة في مصر والأردن أزمةً حقيقيةًَ، وتعاني صفوفها من الفوضى العارمة، خاصةً في مصر وتونس والجزائر والمغرب وليبيا؛ لذا لجأت الجماعة إلى إصدار مبادرات جديدة؛ بهدف أن تضمن لها الوجود بصورة أفضل، وخلق صورة ذهنية جيدة.


أصدرت جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، 29 يونيو 2019، بيانًا تحريضيًّا في مضمونه بعنوان: «بيان من الإخوان المسلمين إلى الأمة حول الواقع الجديد للقضية المصرية»، وطالبت فيه الجماعة ما أسمتهم القوى السياسية أن تتوحد معها، وأن تقف إلى جوار الجماعة، مؤكدةً بأنها سوف تساعد هذه الأحزاب عن طريق خبرائها.


وقبل ذلك بأيام، وتحديدًا 16 يونيو 2019، أصدرت جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية في الأردن، وثيقة سياسية للأحزاب في الأردن، تضمنت رؤيتها حيال المواقف والمستجدات السياسية في عمان، وطالبت في بيانها بضرورة مواجهة التشدد وتحقيق الحكم الرشيد ودولة المواطنة، وهي المطالب التي تكررت تقريبًا في بيان الجماعة في مصر.


ويتضح أن الجماعة- في فرعيها الأردني والمصري- أصدرت بيانات سياسية ومبادرات فكرية؛ بهدف التغلب على الأزمات التي تواجهها، واحتوى البيانان- المصري والأردني- على نفس الأفكار والاتجاهات في تكرار لما حدث في عام 2005.

تقديم الحمائم وتأخير

لمُّ الشمل .. هل تجدي البيانات العاطفية؟

وتلجأ الجماعة إلى البيانات العاطفبة الهادفة إلى لم الشمل، واستخدام العبارات الكلاسيكية القوية؛ بهدف كسب ثقة وتعاطف الجماهير معها، ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها مرة أخرى في المجال العام، ويظهر ذلك بوضوح في حالتي مصر والأردن.


 وفي تصريح لـ«المرجع» صرح الكاتب الأردني موفق مليكاوي، أن الإخوان في الأردن يحاولون الابتعاد عن التهميش والملاحقة؛حتى لا يعودوا مرة أخرى للعمل السري، وكل ما يرتعد منه الآن فرع الجماعة في الأردن هو تصنيف الإخوان إرهابيًا، وبالتالي يجرم الانتماء إلى الجماعة في الأردن.


وأضاف الكاتب الأردني أن فرع الجماعة في الأردن يسعى للتواصل والاستفادة من التنظيم في مصر؛ لذا سيطر على خطابه المنفلت بعد أزمات التنظيم الأم في مصر، وأعاد تجديد مفاهيمه من خلال مبادرات مختلفة؛ لكسب الظهير الشعبي الذي يحتاج إليه في الانتخابات المقبلة، وهو نفس ما تبحث عنه الجماعة في مصر، ولكنها تسعى في البداية إلى التخلص من الحظر الكبير الذي فرض عليها شعبيًّا ورسميًّا.

"