«القرن الأفريقي».. بين غياب الأمن الداخلي وتجذر قواعد أوروبا العسكرية
الجمعة 28/يونيو/2019 - 02:19 م

أحمد عادل
على مدار السنوات الماضية، شهدت منطقة القرن الأفريقي تنافسًا كبيرًا بين عدد من القوى الدولية في إنشاء قواعد عسكرية بالصومال، وازداد الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على إنشاء وتدريب القوات الصومالية؛ لاستعادة الأمن في البلاد مرة أخرى.
وتجلت أهمية منطقة القرن الأفريقي، بعد حرب أكتوبر 1973؛ فقد كان لإغلاق باب المندب دور جوهري في التأثير على مجريات الحرب؛ ما شد الانتباه إلى أهمية تلك المضيق في التأثير على واقع دول منطقة القرن الأفريقي، والتي تطل علي البحر الأحمر وخليج عدن، وتتحكم بشكل كبير في حركة التجارة العالمية، خاصة النفط.
وخلق الموقع الجغرافي المتميز لمنطقة القرن الأفريقي، حالة من التنافس بين عدد من القوى الدولية، فعلى سبيل المثال امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية العديد من القواعد العسكرية حول العالم أجمع، إضافة إلى سعيها لفرض حالة من الهيمنة الكبرى على القارة السمراء، من خلال إقامة قواعدها، وظهر ذلك متجليًا في قاعدة بجيبوتي، والتي يستطيع من خلال التحكم في منطقة مضيق باب المندب.

القواعد العسكرية الأمريكية:
تملك أمريكا أكبر قاعدة عسكرية في منطقة القرن الأفريقي، وتحديدًا في جيبوتي؛ حيث يوجد بها أكثر من 4 آلاف فرد، ما بين عسكري ومدني، أنشئت بعد هجمات 11 سبتمبر.
كما تملك واشنطن، قواعد عدة عسكرية سريّة في دول القرن الأفريقي، ففي كينيا هناك قاعدتا مومباسا ونابلوك البحريتان، وفي إثيوبيا توجد قاعدة أربا مينش الجوية للطائرات بدون طيار، وقد تم تمديد بقاء هذه القاعدة الأمريكية إلى سنة 2025م بتكلفة 60 مليون دولار سنويًّا.

القواعد العسكرية البريطانية
وافتتحت بريطانيا قاعدة عسكرية جديدة، يوم الأربعاء الماضي، في مدينة بيدوا الصومالية لتدريب ما يقرب من 120 من جنود القوات الصومالية؛ لتعزيز الاستقرار والأمن على المدى الطويل في الصومال، كما تعمل على مساعدة الجيش الصومالي في تنفيذ العمليات الحالية بمنطقة شابيلي السفلى، إلى جانب تقديم الدعم العملي في المناطق المستعادة حديثًا.
كما توجد قاعدة عسكرية تابعة للجيش البريطاني في نانيوكي (200 كيلومتر شمال العاصمة نيروبي)؛ لتدريب القوات الكينية، والتي تأتي بموجب اتفاق كيني - بريطاني، تنفذ 6 كتائب مشاه سنويًّا تدريبات، إضافة إلى 3 فترات تدريب لمهندسين عسكريين ينفذون مشروعات مدنية في البلاد.
وكان يتمثل وجود القواعد العسكرية لبريطانيا في السابق بمنطقة القرن الأفريقي، على شاكلة القوات التابعة للاتحاد الأوروبي والتي تتركز في جيبوتي والمعروفة بالعملية الأوربية لمكافحة القرصنة (أتلانتا)، والتي تضم 8 دول هي: ألمانيا، بلجيكا، إسبانيا، فرنسا، اليونان، هولندا، بريطانيا، السويد؛ بهدف السيطرة على عمليا القراصنة، والتي تتم في مضيق باب المندب، ومراقبة حركة الملاحة العالمية.

الهدف من القواعد العسكرية:
وفي هذا الإطار، تنطلق عمليات مكافحة الإرهاب التي ينفذها الجيش الصومالي، من منطل القواعد العسكرية التي نفذتها كلٌّ من بريطانيا وأمريكا في البلاد، ويأتي الهدف من تلك القواعد العسكرية محاربة كلٍّ من حركة شباب المجاهدين الموالية لتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش الإرهابي، الذي نقل صراعاته في الآونة الأخيرة إلى القارة الأفريقية بعد الهزائم المتتالية في سوريا والعراق.
وفي السياق ذاته، قال أحمد عسكر، الباحث في الشأن الأفريقي: إن انسحاب القوات الأفريقية في الصومال «أميصوم» من البلاد بحلول 2020، إضافة إلى أنه يضع المؤسسات الأمنية الصومالية في ورطة كبيرة؛ نتيجة ضعف القدرات والتدريب.
وأكد عسكر في تصريح لـ«المرجع»، أن تشييد القواعد العسكرية يمثل ذريعة لمزيد من التدخل الأجنبي في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي، والدلالات على ذلك كثيرة، بدايتها تخاذل المجتمع الدولي عن الدعم المالي للقوات الأفريقية؛ ما أدى إلى تهديدها بالانسحاب، وصولًا إلى الاتفاق على الانسحاب؛ ما يجعل الطريق ممهدًا أمام مزيد من القواعد العسكرية في المنطقة، مثل إعلان المملكة المتحدة افتتاح مركز تدريب عسكري لها في بيدوا، والحديث عن قواعد أخرى في مناطق أخرى.
وأضاف الباحث في الشأن الأفريقي، أن تلك الشواهد تعطي لنا تعقيدًا وسخونة أمام المشهد الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، خلال المرحلة المقبلة، تغذيه التطورات والتحولات العميقة في بعض دوله الرئيسية «إثيوبيا - السودان - إريتريا».