«داعش في العراق».. كابوس لم ينتهِ بعد
في الوقت الذي يحتفي فيه الساسة بخلاص الأراضي العراقية من مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، يظهر تقرير أمريكي جديد ليبرهن على النشاط المكثف للتنظيم في البلاد، ويشير إلى أن تلك الجماعة المتطرفة تمتلك من 10 إلى 15 ألف مسلح مازالوا يرتعون بحرية في مدن العراق.
وطبقًا للورقة البحثية التي أصدرها «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» بواشنطن والمعروف اختصارًا بـ«CSIS»، مؤخرًا، فإن عناصر «داعش» تنشط بقوة داخل العراق ولم تدحر نهائيًا كما يروج البعض، بل إنها تقوم بتنفيذ 75 عملية إرهابية بمعدل شهري داخل عدة مناطق مختلفة في البلاد.
وأضافت الورقة الأمريكية أن تعداد قتلى العمليات التي نفذها التنظيم في العراق، بلغ في عام 2016 نحو 6217 شخصًا، بينما بلغ في 2017 ما يقرب من 5339 شخصًا، ومنذ بداية 2018 حتى الآن سقط بأيدي التنظيم 1956 قتيلاً.
وصحيح أن عدد ضحايا هذا العام يقل عما قبله وخسر التنظيم فعليًا 99% من مناطق سيطرته، لكن المركز البحثي يرجح الأطروحة الرامية إلى تزايد النشاط الداعشي في البلاد، وذلك في نفس الشهر الذي يوافق إعلان العراق محررًا من «داعش» إذ صرح رئيس وزرائه السابق، حيدر العبادي في ديسمبر2017 بأن داعش قد دحر نهائيًا من بلاده.
كركوك النفطية
ويُرجع مركز الدراسات الاستراتيجية أسباب نشاط التنظيم في العراق لعدد من العوامل، أهمها الاضطراب السياسي والنزاعات التي تحيط بإقليم «كركوك»، الذي يحتل النسبة الأعلى على مقياس المناطق التي استهدفها «داعش» في هذا العام وفقًا للإحصائية.
وتحيط الصراعات السياسية بإقليم «كركوك» منذ استفتاء انفصال إقليم كردستان، الذي جرى في 25 سبتمبر 2017، إذ أن الحكومة العراقية تعتبر كركوك جزءًا من أراضيها، ولكنَّ المنفصلين حديثًا يعتبرونه حقًا مكتسبًا لهم، ونظرًا لاحتواء الإقليم على آبار نفط متعددة جعلته قوة اقتصادية احتدم الصراع بين الطرفين على حيازته.
ويرجح المركز استغلال «داعش» تلك الصراعات للتقدم في الإقليم، وما يبرهن على صحة هذه الأطروحة هو قيام التنظيم الإرهابي في 17 أكتوبر 2017 بالتسلل إلى منطقة وقري بكركوك في شمال البلاد والإجهاز عليها مجددًا، مستغلاً الصراعات المشتعلة بين الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية، وآخرها ما حدث في 3 ديسمبر 2018، مقتل وإصابة ثلاثة أشخاص في جنوب «كركوك» على يد تنظيم «داعش».
وبين الماضي والحاضر يتضح صدق النظريات السياسية التي تربط بين النزاعات والمعارك السياسية والعرقية، وبين دخول الدول في نفق الإرهاب المظلم.
عوامل متعددة
ولم تتوقف الأسباب عند الصراعات بين الحكومة العراقية والحكومة الكردية وحسب، بل امتدت لتشمل عددًا من العوامل الأخرى التي ساقها التقرير مثل الصراعات الطائفية التي اعتقد المركز أن ميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران تغذيها بوفرة في البلاد.
ووسط الصراعات السياسية والطائفية، فمن الطبيعي أن يستشري الفساد في البلاد ليكون بيئة رخوة تساعد عناصر «داعش» على العودة إلى البلاد مجددًا وإرهاقها مرة أخرى بالمعارك والدم.
ويتضح من المشهد العراقي أن تسلل عناصر «داعش» إلى البلاد لم يكن فقط مجرد أرقام على ورقة بحثية، بل إن الساسة أيضًا اعترفوا به مؤخرًا ففي 13 نوفمبر 2018 أعلن رئيس وزراء العراق الحالي، عادل عبدالمهدي أن مسلحي التنظيم يحاولون اختراق البلاد عبر الحدود السورية الهشة وبالاعتداء على القوات العسكرية الكردية التي تؤمن تلك الحدود المشتركة.
للمزيد: تقرير أمريكي: «داعش» لم يُهزم بعد!
للمزيد: تضاعف عدد الإرهابيين.. 230 ألف مسلح يربكون حسابات أمريكا
للمزيد: بعد توقف تمويله.. «داعش» يُحاول بيع الآثار العراقية المنهوبة





