بموافقة «أردوغان».. تجنيد مقاتلين لـ«داعش والقاعدة» تحت غطاء «العمل الخيري» في تركيا
كشف تقرير أصدره معهد
ستوكهولم للحريات، أسماء عدد من المنظمات التي تعمل في تركيا وتتخذ من الأعمال
الخيرية نشاطًا معلنًا لها، لكنها تعمل في تجنيد المقاتلين ودعم التنظيمات
الإرهابية.
بدأ الأمر باكتشاف
منظمتين لكنه تطور ليشمل 20 جمعية أخرى، جميعها تدعم التنظيمات الإرهابية وخاصة
القاعدة وداعش، وتتخفى خلف ستار العمل الأهلي، في حلقة جديدة تكشف دعم أنقرة
للإرهاب.
اقرأ أيضًا.. بدعم ميليشيا إيران.. تركيا تكشف عن وجهها القبيح في اليمن وتتواطأ مع الحوثيين
وذكر تقرير معهد ستوكهولم
للحريات، أنه في ظل البيئة المتساهلة التي أوجدتها حكومة رجب طيب أردوغان بتركيا،
تم السماح لمجموعتين من منظمات الإغاثة التي تعمل في المقاطعات الحدودية
الجنوبية الشرقية لتركيا بالقرب من سوريا، بقيادة مسلحين معروفين للقاعدة وداعش،
بالاستمرار في جمع المجندين الجدد للقتال من أجل قضايا الجهاديين المسلحين في
الأراضي السورية.
وأشار التقرير، إلى أنه
تم رصد نشاط جمعيتي «الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم الاجتماعية
والإحسان» و«الإحسان للتعليم والثقافة والسلام والتضامن» في تجنيد الشباب للعمل مع
داعش والقاعدة، فيما تم رصد 20 جمعية أخرى لديها روابط قوية بالجمعية الثانية في
مزاولة نشاط التجنيد تحت ستارة العمل الخيري.
وخلص التقرير إلى أنه من
الواضح أن حكومة أردوغان، على علاقة وثيقة ولديها روابط مساعدة متبادلة مع العديد
من الجماعات الجهادية، مما وفر لهم بيئة مسموح بها (على أقل تقدير) وتسليحهم
وتمويلهم في أسوأ الحالات من أجل تعزيز المتطرفين حول العالم، «وهذا يفسر لماذا
تعمل جماعات بغيضة مثل الشباب الموحدين والإحسان، بشكل مريح في تركيا؟».
وطالب التقرير، بضرورة أن
يأتي يوم من الأيام، يجب فيه محاسبة «أردوغان»، على القيام عمدًا وبطريقة
ممنهجة بتمكين ودعم جميع الشخصيات المعروفة بصلتها بتنظيمي القاعدة وداعش وإطلاق العنان لهما ودعمهما.
تركيا تشجع الانضمام لـ«داعش»
نجحت المنظمات التي تعمل
في تجنيد الإرهابيين بتركيا، في تحقيق هدفها، حيث كشف الكاتب في صحيفة «حريت»
(صحيفة تركية يومية ناطقة باللغة الإنجليزية)، «يالسن باير»، عن رسالة تلقاها من
أحد قرائه قال فيها المرسل: «إن بعض أقاربه انضموا إلى داعش في سوريا بعد أن بدأوا
حضور الاجتماعات التي نظمتها جمعية الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم
الاجتماعية».
وشكا المُرسل الذي عرف
نفسه كموظف حكومي عمل لدى الحكومة التركية لمدة 25 عامًا، بأن إدارة الشرطة في
غازي عنتاب (محافظة جنوب تركيا) بقيت غير مبالية بالشواغل المتزايدة للأسر بسبب
انضمام أعضائها إلى داعش في سوريا.
وأكد المرسل، أنه اشتكى
إلى الشرطة في غازي عنتاب من تلك الجمعية، متسائلًا: كيف انضم نجل أخته إلى داعش
من خلال هذه الجمعية؟ لكن الشرطة أخبرته أن «الجمعية لا تقوم بأي شيء غير قانوني،
وهي ببساطة توفر الدورات الدينية»، وأوضح أن إرسال الناس للقتال في سوريا لم يكن
غير قانوني، حتى أن الشرطة قالت: إنهم إذا أصبحوا شهداء فسيكون ذلك جيدًا لبقية
أفراد الأسرة لأنهم سيحصلون على مكافآتهم في الآخرة.
كما قال الرجل في رسالته:
إنه حاول معالجة هذه القضية والتعبير عن مخاوفه مع مديري الجمعية، لكنه هُدد وطلب
منه التزام الصمت مثل الآخرين الذين حاولوا التحدث إلى الناس.
كما تعرّف الرجل الذي بعث
برسالته إلى الكاتب «باير»، على شخص يدعى أنيس بن كعب (على الأرجح اسم مستعار)،
والذي كان يجمع مقاتلين للانضمام إلى الجماعات الجهادية في سوريا، وقال: إن شائعات
بأن هذا الرجل استقطب نحو 6000 شخص إلى تنظيم داعش.
منظمتان و20 جمعية لتجنيد
الإرهابيين
تورط عميل تركي بارز في
تنظيم القاعدة، يُدعى «عيتاك بولات»، في العديد من النشاطات الإرهابية التي كان
يقوم بها متخفيًا وراء ستار الأعمال الخيرية، وبقى دون المساس به أو محاسبته
قانونيًا، بالرغم من إدراج اسمه ضمن أعضاء «رابطة الجبهة» التي أثبتت إحدى المحاكم
أنها مسؤولة عن إرسال مقاتلين إلى سوريا للقتال في صفوف الجماعات المتطرفة
المسلحة.
و«بولات»، هو رئيس جمعية
تُسمى «الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم الاجتماعية»، تعمل على تثقيف
الشباب الأتراك بآراء راديكالية، وتجمع الأموال وتوفر إمدادات لوجيستية للجماعات
الجهادية، لا سيما تنظيم القاعدة وفروعه.
كما اعتبرت الجمعية
مركزًا لتنظيم داعش، خلال محاكمة المشتبه بهم الذين زعمت الحكومة التركية أنهم
شاركوا في أخطر هجوم إرهابي حدث في تركيا، وأسفر عن مقتل 107 أشخاص عندما استهدف
انتحاريان المنظمات غير الحكومية وأنصار الجناح اليساري والمؤيد لتجمع الأحزاب
الكردية في مسيرة سلمية خارج محطة القطارات الرئيسية في العاصمة التركية أنقرة في
10 أكتوبر 2015.
وفي شهادته أمام المحكمة،
قال يعقوب شاهين، الذي قام بشراء وتخزين المواد المتفجرة في وحدة تخزين استأجرها
في غازي عنتاب، وأحد المشتبه بهم بالانضمام لتنظيم داعش: «إنه كان يجهز لمحاضرات
الجمعية».
وبالإضافة إلى شهادة
«شاهين» في قضية داعش، قام ثلاثة مشتبه بهم آخرون لعبوا أدوارًا مختلفة في الهجوم
بتسمية الجمعية كمكان كانوا يترددون عليه.
وقال المشتبه به «حسين تونك»، وهو «ساعي» كان مسؤولا عن شراء ونقل المواد المتفجرة: إنه بدأ يحاضر هناك بعد أن توقف عن تعاطي المخدرات، وهناك مشتبه به آخر في تنظيم داعش، هو «ريسول دمير» المعروف بـ«محاسب المنظمة الإرهابية» وساعد في شراء السيارات التي استخدمت في تفجير سيارة مفخخة.
كما شهد اثنان مشتبه بهما
وكلاهما مذكوران في لائحة الاتهام ضد شبكة داعش، بأنهما كانا جزءًا من مجموعة أخذت
دروسًا دينية في الجمعية، وقال «الكاي»: إنه عرف أن نشطاء لداعش يتم جمعهم من قبل
الجمعية عندما بدأ الذهاب إلى هناك.
وهناك جمعية أخرى تسمى «الإحسان
للتعليم والثقافة والسلام والتضامن»، والتي تم رصد علاقتها بـ 20 جمعية أخرى تعمل
بنطاق أصغر في العمل الخيري، لكنها تساعد أيضًا في تجنيد مقاتلين إرهابيين.
اقرأ أيضًا.. «داعش»
و«القاعدة» يستخدمان تركيا للهجوم على دول القارة العجوز..«تفاصيل»
زعيم المنظمة التركية
كان «بولات»، الذي قاد
جمعية الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم الاجتماعية والإحسان، يعمل خبازًا
عندما سافر للانضمام إلى القاعدة في أفغانستان، وتخلى عن زوجته الصغيرة «زيليها»
(23 عامًا) وابنته البالغة من العمر أربع سنوات، وابنه البالغ من العمر سنة واحدة
في عام 2001.
استجاب «بولات»، لدعوة زعيم تنظيم القاعدة حينذاك، أسامة بن لادن، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وذهب إلى أفغانستان عام 2001 للمشاركة في الحرب، بقيادة الجنرال التركي زعيم تنظيم القاعدة محمد يلماز، وعبر ومعه آخرون في مجموعة العشرين إلى إيران في 8 أكتوبر 2001 من مقاطعة أغري الحدودية التركية،وتم تكليفهم من قبل طالبان بالانضمام إلى معسكر للجيش في مدينة باغرام الأفغانية، وخضعوا للتدريب على استخدام البنادق والمتفجرات.
وقد فر«بولات» إلى باكستان عندما قصفت القوات الأمريكية المخيم، ومن هناك عاد إلى تركيا عام 2002، واعتقل في 12 فبراير 2002 عندما هبط في مطار أنقرة.
وبعد وصول حكومة أردوغان
إلى السلطة في نوفمبر 2002 ، أُطلق سراح «بولات» والعديد من المتطرفين الذين كانوا
قابعين في السجون، كجزء من مشروع قانون العفو الذي تم تمريره عبر البرلمان من قبل
حكومة حزب العدالة والتنمية، وواصل «بولات» نشاطه في خلايا القاعدة.
انضم «بولات»، إلى جماعة
يقودها «محمد يلماز»، وهو مواطن تركي معروف أيضًا بـ«خالد التركي»، الذي قُتل في
كركوك بالعراق في يونيو 2007 في عملية قامت بها القوات الأمريكية، ووصفه الجيش
الأمريكي بأنه «إرهابي معروف وزعيم بارز في القاعدة يشغل خلية تسهل حركة المقاتلين
الأجانب إلى العراق لعمليات القاعدة».
وفي العملية نفسها، قُتل مواطن تركي آخر هو «محمد رشيد إيشيك»، المعروف بـ«خليل التركي»، وأحد المقربين من «يلماز».
وقال الكولونيل كريستوفر
جارفر، وهو متحدث عسكري في ذلك الوقت: «إنهما إرهابيان دوليان خطيران للغاية ولم
يعدا جزءًا من شبكة القاعدة»، واعتقل «يلماز» في باكستان عام 2004 وسُلم إلى
تركيا، حيث أمضى بعض الوقت في السجن قبل أن يتم الإفراج عنه من قبل حكومة
«أردوغان».
ويواصل الآن «بولات»،
وزملاؤه العمل في جنوب تركيا تحت غطاء المنظمات الخيرية، وبعدما وجهت إحدى المحاكم
التركية اتهاماتها لجمعية الشباب الموحدين، أصبحت موضع تساؤلات برلمانية من مشرعين
معارضين، لكن حكومة «أردوغان» امتنعت عن الرد، كما أن وسائل الإعلام التي يسيطر
على أغلبها النظام تجاهلت تغطية القصة.
تصدير الإرهاب عبر تركيا
وأوضح تقرير معهد
ستوكهولم للحريات، أن الجماعات المتطرفة نشطة في جميع أنحاء تركيا من خلال أنشطة
مختلفة، كما أنها شاركت أيضًا في عمليات إرهابية نفذت بالبلدان الآسيوية مثل
بنجلاديش وميانمار بالإضافة إلى البلدان الأفريقية، مثل الكاميرون وأوغندا.
وفي بعض الأحيان ينضم
إليهم فريق آخر من الجمعيات الخيرية التركية المثيرة للجدل أطلق عليه اسم «مؤسسة
حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية»، وهي منظمة معونة تدعمها حكومة
«أردوغان»، وتعمل بشكل وثيق مع وكالة المخابرات التركية ومنظمة الاستخبارات
الوطنية (MIT) ، لتسهيل عمل الجماعات الإرهابية.





