سرطان الإرهاب القطري ينهش قلب الصومال
الثلاثاء 17/أبريل/2018 - 04:08 م

مصطفى حمزة
لم تتوقف السياسات القطرية
يومًا عن دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية في بعض الدول العربية، فقد أخذت تتمدد
وتنتشر بشكل سرطاني، إلى أن وصلت العمق الأفريقي، من خلال منح «قبلة الحياة» لفروع
تنظيم القاعدة في شبه القارة الأفريقية، بعد أن تراجع بشكل ملحوظ، لصالح تمدد
تنظيم «داعش»، منذ الإعلان عن خلافته المزعومة عام 2014؛ ليشتد الصراع بين
التنظيمين على زعامة الإرهاب في العالم.

ومن أبرز التنظيمات
الإرهابية، التي حظيت بدعم الدوحة حركة شباب المجاهدين الصومالية، التي تعد إحدى
الأذرع العسكرية والفكرية لتنظيم القاعدة في القارة الأفريقية، وهي التنظيم الأبرز
في الصومال رغم انشقاق 30 مسلحًا من أعضائها بقيادة عبدالقادر مؤمن، وإعلانهم
مبايعة أبي بكر البغدادي، زعيم التنظيم؛ لتعويض الخسائر التي لحقت بهم خلال السنوات
الماضية، مع تراجع «القاعدة»، وتمدد تنظيم «داعش».
استغلت قطر حالة التدهور الأمني والفوضى، التي عمّت الصومال، إثر
سقوط نظام سياد بري 1991؛ لتمارس هوايتها في دعم الفصائل الإرهابية، ليكون لها
موطئ قدم، تلعب من خلاله دورًا أكبر من حجمها، وتمارس نفوذًا لا يتناسب وتاريخها
السياسي، إذْ لعبت الأموال القطرية دورًا محوريًّا في عدد من المجازر الوحشية، التي
ارتكبتها الحركة بحق المدنيين والقيادات السياسية، ونفّذت عناصرها عمليات انتحارية
في العاصمة الصومالية، مقديشو، وأجزاء متفرقة بالبلاد، من أبرزها اغتيال وزير
الداخلية الصومالي السابق عمر حاشي، و30 شخصًا آخر على الأقل، إثر تفجير داخل
فندق ببلدة بلدوين، وسط الصومال، في 18 من يونيو 2009.

وبسبب الحالة الاقتصادية
السيئة التي وصلت إليها الصومال في العقود الأخيرة، سقط عدد كبير من شبابه فريسة
للأموال القطرية، التي عملت على تمويل وتغذية الأنشطة الإرهابية في المنطقة
العربية، بعد أن جندتهم كعناصر ميليشيات مقاتلة داخل صفوف الحركة، وغيرها من
التنظيمات الإرهابية، مقابل الحصول على رواتب شهرية، إلى جانب الدعم الإعلامي الذي
قدمته قناة «الجزيرة» الإخبارية، لقيادات الحركة، من خلال استضافتهم عبر شاشتها، لاسيما بعد إطلاق قناتها الناطقة باللغة السواحلية، التي ينطق بها عدد من الدول
الأفريقية، كقوة ناعمة للترويج لحركة الشباب والتنظيمات الإرهابية هناك.
غطاء مزيف
وضيّقت الحركة على المواطنين شعائرهم وطقوس حياتهم اليومية،
فدنست أضرحة ومساجد الصوفية في مناطق سيطرتها، ومنعت السكان ممارسة بعض الفنون،
كالرقص والموسيقى في حفلات الزفاف، والنغمات الموسيقية في الهواتف المحمولة، إلى
جانب إغلاق المقاهي ودور السينما، ومنعهم مشاهدة الأفلام السينمائية، ولعب
مباريات كرة القدم أو مشاهدتها؛ بحجة أنها محرمة شرعًا.

وبحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية،
فإن حركة الشباب الصومالية تتلقى تمويلًا قطريًّا منذ نشأتها، كما تحدث موقع «جاروي
أون لاين» الصومالي عن أنّ هذه الحركة ليست الوحيدة التي تحظى بدعم الدُّوَيْلة
القطرية، وإنما تدعم جماعة الإخوان ونظراءها من التنظيمات الأخرى.
وتمارس الدوحة هذا الدور تحت غطاءات متعددة، منها العمل الخيري
والإنساني والإغاثي، من خلال جمعيات أهلية، (أغلبها مخترق من جماعة الإخوان)، مثل
«جمعية قطر الخيرية» و«الهلال الأحمر» ومؤسسة «راف»، التي تقوم بجمع التبرعات
القطرية؛ بحجة أعمال الخير، ثم تقوم بتوزيعها على مَن تصفهم كذبًا بالمجاهدين؛ لضم
الشباب إلى صفوف المتطرفين والإرهابيين، في القرن الأفريقي، وتحديدًا في الصومال
وإثيوبيا وإرتيريا وجيبوتي وكينيا.
تقارير عدة أكدت تورط الدوحة في دعم وتمويل التنظيمات والجماعات
والحركات الإرهابية في القرن الأفريقي، من بينها وزارة الخارجية الأمريكية، ووزارة
الخزانة، وعدد من المؤسسات والمراكز البحثية، مثل مؤسسة دعم الديمقراطية
الأمريكية، ومركز العقوبات والتمويل السري، إضافة إلى اتهامات رئيس حكومة الصومال
الانتقالية السابق «شريف شيخ أحمد»، التي وجهها صراحة لقطر خلال اجتماع مع
دبلوماسيين أمريكيين في ليبيا، مؤكدًا أن حكومة قطر تقدم الدعم المالي إلى حركة
الشباب.
وتؤكد مصادر أنّ حركة الشباب تلقت دعمًا يُقدر بـ250 ألف دولار،
من رجل الأعمال القطري المطلوب دوليًّا عبدالرحمن النعيمي، الذي تربطه علاقة قوية
بزعيم الحركة حسن عويس، المحتجز حاليًّا لدى السلطات الصومالية، وفي يوليو من العام
الماضي نشر موقع «The Qatar Insider» تقريرًا عن دور الدوحة فى تمويل حركة الشباب، وتفاصيل تحركات النظام
القطري لتأجيج الحروب الأهلية في القرن الأفريقي، وإطالة أمدها، بأوامر من
الولايات المتحدة الأمريكية عبر شركاتها الاستثمارية بإريتريا.
هناك عوامل عديدة ساعدت على دخول تنظيم القاعدة إلى بلاد الصومال
وتمددها، من بينها حالة الفوضى التي أعقبت سقوط الحكومة المركزية، وفشل الوساطات
السياسية الدولية لاحتواء الأوضاع، وتوحيد القوى المتنازعة، مع بروز حركة الاتحاد
الإسلامي كحركة مسلحة بعد سقوط النظام 1991، التي رحبت بقدوم تنظيم القاعدة؛ من
أجل إقامة إمارة إسلامية في الصومال، ولهذا فشل تنظيم «داعش» في ضم المزيد من
عناصر حركة الشباب المدعومة قطريًّا، والتي يتراوح عدد مقاتليها بين سبعة آلاف إلى
ثلاثة عشر ألف مقاتل، يتمتعون بنفوذ واسع داخل القرن الأفريقي، يقف حائلًا أمام
تمدد هذا التنظيم.