الرياضة.. ركلة حرة مباشرة في صدر الإرهاب
«يمكن للرياضة أن تكون أسلوب حياة في مواجهة صناعة الموت»؛ هذا ما أثبتته دراسة أكاديمية للدكتور خالد كاظم أبو دوح، أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، إذ تناولت الدور الوقائي الذي تلعبه الأندية الرياضية في تحصين الشباب من خطر التطرف والإرهاب، من خلال المفاهيم والنظريات السوسيولوجية (الاجتماعية)، في إطار الاستراتيجية الشاملة التي يجب تبنيها من قبل الدول المهتمة بمحاربة الإرهاب.
وأوضح الباحث أن علم الاجتماع بشكل عامٍ وعلم الاجتماع الرياضي بشكل خاص، يمتلك العديد من الرؤى النظرية التي يمكن للمؤسسات الرياضية الاستفادة منها في تفعيل دورها، وتأسيس فاعلية وجودها لوقاية المجتمع من التطرف والعنف والإرهاب، من خلال حملة طرق الأبواب، وتفعيل مبدأ «الرياضة أسلوب حياة»، وترسيخ الأخلاق الاجتماعية عبر الرياضات المختلفة، والتنفيس المقبول لبعض الدوافع والحاجات، والتخلص من العنف المخزون.
وأشارت الدراسة إلى أن جزءًا كبيرًا من الإشكاليات والعوامل التي تدفع الأفراد للانخراط في التطرف والإرهاب يمكن مواجهته، أو التخفيف من حدته من خلال الرياضة، وتفعيل دور الأندية والمؤسسات الرياضية، باعتبارها وسيلةً لتعزيز السلمِ الاجتماعي، لاعتمادها بالأساس على المُشاركة والاندماج، ما يؤدي للتقارب بين الأفراد، وإشباع الحاجات الاجتماعية للفرد، مثل القبول والانتماء والمكانة، والثقة والقيادة، التي توفرها التنظيمات الإرهابية للشباب كوسيلة للتجنيد.
ووفق علم الاجتماع الرياضي، فإن مُجمل تعريفات مفهوم الرياضة تؤكد فكرة التنافس البدني، الذي يُضفِي من خلال ممارساته وقواعده طابعًا منظمًا على العنف، ويحمي الجماعة والمجتمع من صراعات أكثر دموية، كما أنه يقوي الإحساس بالانتماء إلى المجموعة نفسها.
إضافة إلى ما سبق فإن الرياضة وممارساتها المختلفة تعكس فكرة التنظيم أو النظام، إذ تشتمل على أفرادٍ مُنتمين إليها ومدافعين عنها، سواء كانوا ممارسين أو مشاهدين أو غير ذلك، وإمكانيات وتسهيلات ومنشآت خاصة تتمثل في الأجهزة والأدوات الرياضية، والأجهزة الفنية، لذا تتصف الرياضة بالتنظيم الدقيق لمنافساتها وانضباط المشاركين فيها وفق قواعد ولوائح اللعب، وانتظام الفرد داخل هذا التنظيم الرياضي يحميه من الانضمام للتنظيمات الإرهابية.
وتؤكد الدراسة أن الرياضة تتميز بالتفاعل والاتصال، الذي يلقي بتداعياته على شكل التفاعل بين الأفراد، ويقوي الروابط بينهم، كما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية إيجابية مثل مواجهة الاغتراب والعزلة التي يقع الشباب فريسةً لها، بسبب شبهات المتطرفين، التي تقنعهم بأنهم أهل الحق «الغرباء»، ولكي يحافظوا على هذه الغربة لابد من اعتزال الناس، وهو ما تواجهه الرياضة.
وينظر علم الاجتماع الرياضي إلى الأندية الرياضيَّة باعتبارها منظماتٍ رياضيةً وترويحيةً، تهدف إلى الإسهام بدور إيجابي في التنمية الرياضية والاجتماعية لأفراد المجتمع، وإشباع احتياجات الأفراد ورغباتهم فيما يتصل بالرياضة، كما تعتبر مؤسسة تربوية ثقافة اجتماعية، تهدف إلى إعداد المواطن الصالح، من خلال النشاطات والبرامج الرياضية المناسبة.
وعرفت الدراسة التي بين أيدينا التطرف بأنه: «المبالغة لدرجة الغلو والتشدد في التمسك -فكرًا أو سلوكًا- بجملة من الأفكار قد تكون دينية عقائدية، أو سياسية أو اقتصادية أو أدبية أو فنية، يشعر الفرد من خلالها بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة التي لا تقبل الجدل، ليعيش بمعزل عن بنية الثقافة والمجتمع، منفصلًا عن النسيج الاجتماعي الذي يعيش فيه وينتمي إليه، ويعاني من الغربة عن الذات والجماعة معًا»، وهو ما تعالجه الرياضة من خلال الأنشطة التي تسعى لدمج الإنسان في محيطه الاجتماعي.





