يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

أمريكا ضد إيران.. عقوبات تُدخِل النظام العالمي دوامة الخيارات الصعبة

الجمعة 02/نوفمبر/2018 - 10:36 ص
المرجع
شيماء حفظي
طباعة
أمريكا ضد إيران..

يدخل الاقتصاد الإيراني تحديات صعبة، مع بدء تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران بعد يومين، لكن ثمة وجه آخر لتلك العقوبات قد يؤثر على تعقب أموال نظام الملالي، وفقدان بوصلة دعم الإرهابيين.


فمنذ بداية الحرب على الإرهاب بقياة الولايات المتحدة الأمريكية، نجحت الأخيرة في تحويل النظام المالي العالمي إلى امبراطورية خفية يتحكم فيها الدولار الأمريكي، وتستطيع واشنطن مراقبته، عبر الضغط بقوة العملة على منظمات  عالمية مثل «سويفت»؛ لتتبع تحويلات الأموال.


وذكر مقال بعنوان «عقوبات إيران تأذي أمريكا» نشرته صحيفة ذا نيويورك تايمز، أمس الخميس 1 نوفمبر، أنه حتى المنظمات الغامضة، مثل خدمة المراسلات المالية Swift، تمكنت واشنطن من استخدامها لمراقبة ما يفعله خصومها والإرهابيون، بل وفي بعض الحالات يمكنها عزل الدول اقتصاديًّا، مثل ما فعلته -ومازالت تفعله- مع كوريا الشمالية خارج عالم التدفقات المالية.


ويقول المقال الذي كتبه هاري –جيه فاريل، وإبراهام إل نيومان: «إن سياسات واشنطن ضغطت بشكل فاعل على البنوك الأجنبية في الخدمة كعوامل للتأثير الأمريكي، وساعدت في جلب دول مثل إيران إلى طاولة المفاوضات».


للمزيد.. آخرها استدعاء السفير.. الدنمارك تفضح ألاعيب إيران الشيطانية


ومن المتوقع أن تشدد الولايات المتحدة حصارها على طهران بتصعيد حدة العقوبات الاقتصادية، كجزء من قرارها بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، في 4 نوفمبر الحالي، وستشمل هذه العقوبات الرسائل المالية؛ لذا فإن إدارة ترامب يمكنها الضغط؛ من أجل «سويفت» لفصل البنوك الإيرانية عن شبكتها بشكل يعزل إيران بشكل كامل عن شوق المعاملات الدولية المالية.


وسويفت، مؤسسة مراسلات، أشبه «بمكتب بريد عالمي للبنوك» يتم استخدام خدماتها؛ لتحويل الأموال بشكل سري، وبحسب موقعها الرسمي فإنها تصف نفسها بأنها «موثوق بها من قِبل أكثر من 11000 مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم، وأنها تمكن الاتصالات المالية الآمنة، وسلسة الآلي بين المستخدمين».


ويرى كاتبا المقال، أن فصل إيران عن شبكة المؤسسة التي تقع في بروكسل، وتوفر نظامًا آمنًا للمراسلات للغالبية العظمى من المعاملات الدولية، سيعزلها بالكامل تقريبًا عن النظام المالي العالمي، وستكون له عواقب وخيمة وعنيفة على الاقتصاد الإيراني، لكنه ستكون له آثار على أمريكا أيضًا.


«إذا مضت إدارة ترامب قدمًا في هذه الخطة، فستكون لها عواقب وخيمة على الولايات المتحدة أيضًا، إنه سيقوض نفوذ أمريكا على البنية المالية الدولية، ويقلل من سيطرتها على الحلفاء والخصوم على حد سواء» بحسب المقال.


للمزيد.. الحرس الثوري الإيراني وطالبان.. جسور من الدم وثقتها «قوائم الإرهاب»


ومع تطبيق ذلك قد تلجأ إيران ودول أخرى إلى إيجاد طريقة أخرى لتحويل الأموال عالميًّا، بعيدًا عن الرقابة الأمريكية، خاصة بعدما لمحت ألمانيا إلى إمكانية إنشاء قوة دفع أوروبية خاصة لها بعيدًا عن واشنطن.


وحذر جاك لو، الذي عمل سكرتيرًا للخزانة في الفترة من 2013 إلى 2017 ، قبل عامين، من أن دولًا أخرى قد تبحث عن بدائل للدولار ومنظمات، مثل «سويفت» إذا أخذت أمريكا قوتها المالية كأمر مسلم به، وهو ما  هدد وزير الخارجية الألماني ، هيكو ماس، مؤخرًا بالقيام بذلك.


واقترح لو، في مقال نشرته صحيفة «هاندلسبلات» المالية الألمانية، في افتتاحيتها، على أوروبا أن تنشئ قنوات الدفع الدولية الخاصة بها ومكافئتها الخاصة لشركة سويفت، وهو ما علقت عليه المستشارة الألمانية أنجيسلا ميركل بأن أوروبا لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة، ويجب أن «تأخذ مصيرنا بأيدينا»، وتكون لدينا طرقٌ لفصل البنوك الأوروبية عن الأسواق المالية الأمريكية، وقد أنشأ الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالفعل نظام دفع خاصًّا؛ لتسهيل التجارة مع إيران.


وتحاول الدول الأوروبية إنقاذ اتفاق نووي وقعته مع إيران عام 2015 بعد أن سحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاقية، وأعلن إعادة فرض العقوبات على طهران.


للمزيد.. «الباسيج».. عصا الحرس الثوري الإيراني لقمع التظاهرات


ويرى المقال أنه بدلًا من تحقيق الولايات المتحدة الهدف الرئيس من العولمة، بتعزيز السلام والاستقرار عن طريق إنشاء شبكات اقتصادية دولية تجعل البلدان أكثر اعتمادًا على بعضها البعض، لكن أمريكا طوعت نظام سويفت ونظام المقاصة بالدولار؛ من أجل خنق خصومها.


ويحذر الكاتبان، من أن القوى الأخرى (وبينها إيران وأوروبا) يمكنها أن تفعل الشيء نفسه، أو حتى تقوض هيمنة الولايات المتحدة على النظلم العالمي، من خلال بناء شبكات عالمية بديلة.


ولمواجهة احتيال إيران لإيجاد طرق بديلة لتحويل معاملاتها المالية إذا تم إقصاؤها من سويفت، نصح الكاتبان، بأنه على الولايات المتحدة إقامة تعاون أوروبي؛ للضغط على إيران.


«الاتحاد الأوروبي هو القوة الوحيدة التي يمكنها اختبار هيمنة أمريكا بشكل موثوق، الاتحاد الأوروبي قد لا يكون لديك جيش لكن لديه قوة اقتصادية، ويمكن أن تستخدم تلك القوة لإلحاق الضرر بالشركات الأمريكية، وإذا ما تم دفعها بعيدًا بما فيه الكفاية، فإن ذلك سيؤدي إلى تجزئة النظام المالي الدولي»، بحسب المقال.


للمزيد.. استراتيجية «النفط المُخزن».. وسيلة إيران للتحايل على العقوبات الأمريكية


وحذر المقال من أنه «إذا بدأت أوروبا في بناء بنيتها المالية البديلة الخاصة بها، فستكون ردًّا على التجاوز الأمريكي، خاصة بعدما هددت إدارة ترامب بالفعل بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية، إذا كانت تتعامل مع إيران، وقد كشفت المواجهة عن المدى الكامل للتعرض الأوروبي لهذا النوع من الإكراه».


كما حذر جون بولتون، مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، من أن شركة سويفت بحاجة إلى أن تسأل عما إذا كانت «تستحق المخاطرة» لتحدي الولايات المتحدة بشأن إيران؟ في حين أن وزير الخزانة، ستيفن منوشين، يعارض إجبار سويفت على تنفيذ العقوبات الأمريكية، ومع ذلك يمكن للكونجرس إجبار موشين على التشريع، الذي اقترحه السناتور تيد كروز، والذي يتطلب من الإدارة فرض عقوبات على أعضاء سويفت، بحسب المقال.


أمريكا ضد إيران..
"