يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

ميليشيات إيران المسلحة وأضرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي

الجمعة 18/مايو/2018 - 11:36 ص
المرجع
أحمد سامي عبدالفتاح
طباعة
انسحبت الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من اتفاق «لوزان النووي» -وقع في 2015 بين الخمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن فضلًا عن ألمانيا مع إيران- بعدما رأت فيه وسيلة غير كافية؛ لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي؛ حيث تم بموجب الاتفاق إلغاء العقوبات الاقتصادية والعسكرية المفروضة على إيران مقابل فتح الأخيرة منشآتها النووية أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ من أجل التفتيش.

اتخذت إدارة «ترامب» هذا القرار وفق اعتبارات عدة، أبرزها اعتقادها بأن رفع العقوبات عن إيران يساعدها على تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة؛ ما يصب في صالح زيادة التمويل الإيراني للأنشطة العسكرية المزعزعة لأمن المنطقة.

إلى جانب ذلك، اعتقدت إدارة «ترامب» أن الاتفاق لا يضمن تخلي إيران التام عن مساعيها النووية، فمن المتوقع أن تعاود إيران زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم مرة أخرى بعد انتهاء المدى الزمني للاتفاق والمقدر بـ10 سنوات. 

واتساقًا مع قرار الانسحاب الأمريكي، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية مرة أخرى على إيران؛ ما يعني أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدًا بالنسبة لطهران. 

وفي واقع الأمر، استفادت إيران ماليًّا وعسكريًّا من الاتفاق النووي؛ حيث منحها الفرصة للحصول على أموالها المجمدة في الخارج، التي تُقدر بمليارات الدولارات لتستغلها في حروب ميليشياتها العسكرية في المنطقة، ويعني ذلك أن إعادة إقرار العقوبات مرة أخرى، أفقد إيران ميزة مالية ستسعى الأخيرة لتعويضها؛ من خلال الضغط على باقي الدول المشاركة في الاتفاق؛ من أجل زيادة استثماراتهم، وتعاونهم المالي معها؛ بهدف تجاوز الآثار السلبية للعقوبات الأمريكية. 

يُذكر أن إيران تمكنت في مرحلة ما قبل الاتفاق النووي، من تمويل ميليشياتها في كل من سوريا والعراق واليمن؛ ما يعني أن العودة لهذه المرحلة لن يشل يد إيران عن المنطقة، خاصة في توافر الحرص التام من القوى الأوروبية -علاوة على روسيا والصين- على إنجاح الاتفاق، بعيدًا عن انسحاب الولايات المتحدة. 

وامتدت العقوبات الأمريكية لتنال من أي مؤسسة مالية يثبت تمويلها أو تعاونها مع إيران، ويفسر ذلك إدراج الخزانة الأمريكية لبنك البلاد العراقي على قائمة عقوباتها، ضمن حزمة العقوبات المالية التي أقرتها؛ بسبب تورطه في تحويلات مالية من «فيلق القدس» الإيراني إلى «حزب الله» اللبناني. 

وكان من المتوقع أن يتلاشى الأثر السلبي للعقوبات الأمريكية، بعد فوز تحالف «حزب الله» و«حركة أمل» الشيعيتين في الانتخابات اللبنانية؛ لأنه سيوفر لـ«حزب الله» ميزة استخدام مؤسسات الدولة اللبنانية في ضمان التحويلات المالية من إيران إلى ميليشياتها العسكرية في المنطقة -بما في ذلك الحزب نفسه- إلا أن تصنيف الولايات المتحدة وعدد من الدول الخليجية للأمين العام للحزب «حسن نصرالله» إرهابيًّا، جعل من أي حكومة لبنانية قد يستخدمها الحزب لتمويل أنشطته العسكرية في الخارج عُرضةً للعقوبات الدولية.

كما أنه من المتوقع أن يُجبر «حزب الله» على التراجع عن استخدام مؤسسات الدولة اللبنانية في تمويل أنشطته العسكرية؛ خشية العقوبات الدولية التي ستأتي بنتاج سلبي على مسار الحياة داخل لبنان؛ ما قد يدفع شعبية الحزب إلى التراجع؛ كون مغامرته العسكرية الخارجية جاءت بأثر سلبي على حياة المواطن اللبناني.

وفي النهاية، لن تنسحب إيران من الاتفاق النووي، وستحاول تطويع القوى الدولية بما يحقق لها مزايا مالية تضمن وصول إمداداتها إلى ميليشياتها المتقاتلة في العراق.
"