ad a b
ad ad ad

«الغرياني» ينتقد ميليشيات طرابلس.. والإخوان يصورونه بطلًا

الخميس 01/نوفمبر/2018 - 06:28 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

على غير العادة، جاءت إطلالة المُفتي السابق للدولة الليبية، الصادق الغرياني، مغايرةً لكل ما سبقها من مرات ظهر فيها داعمًا للميليشيات، فأمام كاميرات برنامجه الأسبوعي «الإسلام والحياة» على فضائية «التناصح»، ظهر الشيخ الليبي، أمس الأربعاء، مُنتقدًا ما اعتبره إهمال الميليشيات في معالجة أسباب اندلاع الاشتباكات بينها في سبتمبر الماضي جنوب العاصمة طرابلس، التي أسفرت عن 115 قتيلًا وجرح 560 آخرين، لاسيما نزوح نحو 5 آلاف عائلة من مناطق المواجهات، بحسب بيانات بعثة الأمم المتحدة.


انتقادات الغرياني وظفتها وسائلُ إعلامٍ داعمة للإخوان في ليبيا، لتقديم الغرياني من خلالها كناشطٍ يُدافع عن حقوق الإنسان؛ حيث تناول الغرياني بالنقدِ سجونًا تابعة للميليشيات تُمارس فيها أعمالٌ قمعيةٌ، مطالبًا بإخلائها والكف عن هذه السياسات، كما  تطرق الغرياني إلى فسادٍ مالي وإداري تورطت فيه الميليشيات العاملية في طرابلس، بل شغل بعضُها مناصب رسميَّة، محذرًا من «مزيد من الحروب» تقع في طرابلس حال ما تجاهلت الميليشيات أسباب المواجهات، أو تغاضت عنها.

«الغرياني» ينتقد

المواجهات..بداية ودلالات


تعود بداية هذه الاشتباكات إلى 28 أغسطس، حين زحفت ميليشيا قادمة من مدينة ترهونة (جنوب شرق العاصمة)، تدعى اللواء السابع، إلى المدخل الجنوبي لطرابلس، بدعوى القضاء على سيطرة الميليشيات في العاصمة.


واصل اللواء تقدمه إلى أن سيطر على معسكر اليرموك، بعد مواجهات مع كتائب داعمةٍ لحكومةِ الوفاق، مثل ثوار طرابلس والأمن المركزي أبو سليم والكتيبة 301 وغيره من الميليشيات، التي تعتمد عليها وزارة الداخلية في القيام بدورها. وعلى خلفية هذه التقدمات؛ استدعت حكومةُ الوفاق ميليشيا «المنطقة العسكريَّة الوسطى» الموجودة في مصراتة، و«المنطقة العسكرية الغربية» من الزنتان.


استمر مشهد المواجهات شهرًا، وسط دخول ميليشيات من طرابلس ومحيطها في المشهد، الأمر الذي أزعج المحركون للميليشيات من الخارج، أمثال الصادق الغرياني، إذ مثّلت هذه الاشتباكات خللًا في الجبهة الداخلية للمسلحين، ما اعتبروه يصب في مصلحة جبهة الجيش الليبي بزعامة المشير خليفة حفتر، الطامح لاستعادة الجزء الغربي من أيدي المسلحين.


وإن كان توقعات الغرياني، فيما يخص المشهدَ الطرابلسي تشير إلى حروبٍ متجددةٍ وأشدُّ حدةٍ قد تقع بين الميليشيات إن لم تعالجْ الأسباب، فلم يختلف معه الباحثُ الليبي، محمد الزبيدي، الذي قال لـ«المرجع» إن المشهدَ في العاصمة مرشّحٌ بالفعلِ للاشتعال.


للمزيد.. الهجوم على طرابلس.. الميليشيات تتلاعب بمستقبل العاصمة الليبية


للمزيد.. بعد وصفها بـ«جرائم حرب».. اشتباكات طرابلس تدفع البعثة الأممية لتغيير خطتها في ليبيا

«الغرياني» ينتقد

أطماع مادية وراء الاشتباكات


بينما كانت تفسيرات الغرياني لتوقعاته تدور حول السجون وأزمات الميليشيات، فجاء تفسيرُ الزبيدي مغايرًا، إذ قال إن كل ما حرّك الميليشيات نهاية أغسطس الماضي، وطوال شهر سبتمبر، لم يكُنْ إلا أطماعًا مادية، «وعليه فطالما بقت هذه الأطماع، فستبقى المواجهات».


ولفت إلى أن «اللواء السابع» المتسبب بتحركه في الجنوب في إشعال المشهد، حُل بمعرفة المجلس الرئاسي في أبريل من العام الجاري، وبناء على هذا القرار فقد حُرم من المكاسب الماديَّة التي تُدار على الميليشيات في طرابلس من أطراف وصفقات خارجية، «تدخل فيها تركيا والإخوان المسيطرين على البنك المركزي الليبي».


وتابع أن الأزمات المادية والأطماع هي ما حركت «اللواء السابع»؛ مشيرًا إلى أن أي فصيل قد يشعر في المستقبل بأن حصته من الأموال أقل من رفيقه، سيتخذ القرار نفسه بالعمل العسكري، سعيًا لرفع صته.


الغرياني وعقدة سجن معيتيقة


فيما يخص حديثُ الغرياني عن السجون، فلفت الزبيدي إلى أنه لم يقصد أن يكون مُدافعًا عن حقوق أبرياءٍ كما راج عنه، مشيرًا إلى أنه يقصد على وجه الخصوص سجن معيتيقة الواقع في الجزء الشرقي للعاصمة.

وأوضح أن هذا السجن يدير ميليشيا تدعى «قوات الردع»، وهي سلفية الفكر، وتعتقل حوالي 500 شخص مؤيدين للغرياني. وتطرق إلى محاولات متكررة قام بها عناصر تابعة للغرياني لاقتحام السجن وفك حبس رفقائهم إلا أنهم في كل مرة كانوا يفشلون في الاقتحام.

وفيما إذا كان المشهدُ الطرابلسي بهذا الوضع يمهّد لدخول الجيش الليبي للقضاء على الميليشيات، فقد ذهب إلى أن الأمور ليست بهذه البساطة، خاصةً وأن هناك توجهًا دوليًّا نحو إبقاء العاصمة، ولو في المدى المنظور، تحت سيطرة الميليشيات، لتسهيل المصالح الغربية في ليبيا.

وتابع أن التحرك العسكري أمام الجيش في الغرب والوسط لن يكون بالسهولة التي وجدها في الشرق بفعل التدخل الخارجي، مُشيرًا إلى أن الخيار أمامه هو التحرك السياسي والاجتماعي الذي قال إنهما لم يحظيا حتى الآن بالمستوى المطلوب.


وأوضح أن الجيش كان مُطالبًا بالتحرك نحو استقطاب قيادات القبائل في الغرب، حتى يسهل عليه الدخول والسيطرة على المدينة، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم يتخذ الخطوات اللازمة لصالح استقطاب قيادات الإخوان والقاعدة لرموز القبائل بالمغريات المادية.


وانتقل إلى الجبهة الشعبية في الغرب، قائلًا إنها أيضًا تمثل عائقًا أمام الجيش الليبي، في ظل وعود قيادات الميليشيات للأهالي بصفقات واستثمارات غربية ستخصص للفرد منهم دخلًا ماديًّا يوازي دخل دول الخليج.


وشدد على أن المجتمعَ الليبي ليس لديه ثقافةٌ سياسيةٌ حتى يتجاوز الشعب هذه المغريات المعيشية، وينظر فيما يقف وراءَها، مُشيرًا إلى أن استجابة الأهالي لها، يعيق الجيش في أي تحرك نحو الغرب.


للمزيد..هل تكون القبائل الليبية ورقة «حفتر» لدخول «طرابلس»؟


«الغرياني» ينتقد

وكان الجيشُ الليبي حقق نجاحات على المستوى الشرقي للدولة الليبية باجتيازه معركة درنة، منتصف العام الجاري، التي كان يستقر فيها تنظيم «القاعدة» بشكل رئيسي، وبفعل الفوز في معركة درنة، أعلن الجيشُ سيطرته بالكامل على الجزء الشرقي من التراب الليبي، بواقع 20% من الكتلة السكانية لليبيين، مقابل 80% ممن يعيشون في الوسط والغرب، الواقع خارج سيطرة الجيش حتى الآن.


وبرنامج «الدين والحياة» الذي يقول مراقبون ليبيون إنه منبر متطرف يبث من تركيا لإشعال المشهدِ في ليبيا، لا يختصر دوره على إبداء الآراء في تطورات الأحداث داخل ليبيا، إذ يتوسع دورُه إلى الإفتاء، للدرجة التي يعتمد فيها ميليشيات عليه كمصدرٍ رئيسي للفتوى.


ويرصد المراقبون أنه استنساخ لتجربة القطب الإخواني، يوسف القرضاوي، على فضائية «الجزيرة»، «الشريعة والحياة»، المتهم بإشعال المشهد في بلدان ما عرفت بـ«الربيع العربي»، وتحديدًا سوريا، عندما أسمى «القرضاوي» ما يحدث هناك بـ«الجهاد»، مطالبًا بشد الرحال إليها.


ومن قبل أحداث المنطقة في 2011، كان للقرضاوي فتاوى عبر البرنامج، يقول محللون إنها متورطة في تربية جيلٍ من المتشددين.


 للمزيد.. اتحاد القرضاوي.. فتاوى الدم وتأجيج الصراع في ليبيا

"