ad a b
ad ad ad

الساحل الإسباني.. أمواج المخططات الداعشية تعلو مجددًا

الأحد 28/أكتوبر/2018 - 05:41 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

من مضيق «جبل طارق» إلى الحدود الجنوبية بفرنسا، يمتد الساحل الشرقي الإسباني المطل على البحر الأبيض المتوسط؛ ليشكل بجمال شواطئه، وتعدد منتجعاته، وسطوته الاستثمارية هدفًا استراتيجيًّا للجماعات الإرهابية والمتطرفة؛ إذ كشفت أجهزة الأمن الإسبانية، منتصف الأسبوع الماضي مخططًا داعشيًّا يستهدف تلك المنتجعات السياحية التي تزين الساحل، كما قامت الشرطة بإلقاء القبض على اثنين من المشتبه بصلتهم بالتنظيم الإرهابي في المدينتين المطلتين على البحر الأبيض المتوسط، وهما «فالنسيا» و«اليكانتي».


الساحل الإسباني..

وأفادت الشرطة، بأن المشتبه بهما كانا يخططان لتنفيذ عملية انتحارية تستهدف السائحين والمصطافين بهذه المناطق التي تشهد ارتيادًا أوسع من قِبل حاملي الجنسية البريطانية.


علاوة على ذلك، أشارت التحقيقات إلى أن عنصري الخلية المقبوض عليهما من المهاجرين السوريين، وتتراوح أعمارهما بين 55 و58 عامًا، كما أثبتت التحريات تولي أحدهما منصبًا قياديًّا بتنظيم «داعش»، إلى جانب قيامه بتوجيه التعليمات من خلال مجموعة دردشة على البرنامج الإلكتروني «واتس آب» لعناصر أخرى داخل إسبانيا، جارٍ التحقق من هويتهم.


إضافة إلى ذلك، وجهت السلطات للمقبوض عليهما تهمًا عدة أخرى تتعلق بالترويج لمفاهيم دينية مغلوطة، وتجنيد الأفراد لصالح تنظيم إرهابي، وذلك من خلال التثبت من صلتهما بقيادات «داعش» بسوريا، ووجود رسائل بينهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

الساحل الإسباني..

سوابق ساحلية

بتتبع تاريخ ووقائع الهجمات الإرهابية بإسبانيا خلال الأعوام القليلة المنصرمة يتضح تمركز أغلبها في المناطق الساحلية بشرق البلاد، ففي أغسطس 2017 أعلن «داعش» مسؤوليته عن حادث الدهس، الذي تم تنفيذه في أحد الشوارع التجارية ببرشلونة؛ وأسفر عن مقتل 14 شخصًا، وإصابة العشرات.


كما أن العملية الإرهابية التي نفذتها الخلية الداعشية نفسها بعد 24 ساعة فقط من هجوم برشلونة تم تنفيذها أيضًا بإحدى المدن الساحلية بالمنطقة ذاتها، وهي مدينة «كامبريلس».


ويُشار إلى أن تحقيقات الشرطة بشأن هاتين العمليتين، كشفت في تقرير رسمي تم إعلانه في أغسطس 2018، أن الخلية الداعشية كانت تجهز لهجوم انتحاري على المنتجعات السياحية بالساحل الشرقي، لكنها اضطرت لتغيير الخطة إلى عملية دهس، وذلك بعد انفجار الحزام الناسف في أحد أفراد الخلية أثناء تجهيزه.


للمزيد: بالصور.. عناصر إرهابية تصنع المتفجرات في إسبانيا


وإلى جانب العمليات التي تم تنفيذها توجد أيضًا هجمات أخرى استطاعت الشرطة إحباطها، ففي المدينة نفسها بـ«كامبريلس»، قامت الأجهزة المعنية بحملة أمنية في أغسطس 2017 لتأمين المنطقة بعد العمليات التي استهدفتها؛ أسفرت عن تصفية 5 إرهابيين، من بينهم عنصر كان يرتدي سترة ناسفة، وذلك قبل تنفيذ العملية بدقائق داخل أحد المنتجعات الساحلية؛ ما تسبب في إشاعة الفوضى والهلع بين المصطافين، وفي أغسطس 2018 تمكنت أجهزة الأمن من قتل جزائري مقيم هاجم مركزًا للشرطة في مدينة برشلونة.


فيما تشير إحصائية قدمها موقع «world data» حول الإرهاب في إسبانيا، إلى أن أغلب العمليات الإرهابية التي وقعت في البلاد خلال الفترة ما بين 2013 إلى 2017، تركزت في برشلونة.

الساحل الإسباني..

لماذا الساحل الشرقي؟

وفي ضوء ما سبق، تتجه علامات الاستفهام نحو ماهية الأسباب والعوامل، التي جعلت من هذا الساحل أهم نقطة مستهدفة من قِبل الجماعات المتطرفة؛ حيث ذكرت دراسة أعدها مركز مكافحة الإرهاب «west point»، أن مدينة «كامبريلس» على وجه الخصوص تُعد ملتقًى أوروبيًّا مهمًّا للإرهابيين.


وطبقًا للدراسة فقد شهدت المنطقة في السابق اجتماعات لعناصر تنظيم «القاعدة» المتورطين في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر، وهم محمد عطا (العقل المدبر للعملية، ورمزي بن الشيبة؛ ما يدل على تبوؤ المدينة مركزًا مهمًّا كإخدى نقاط العبور للدول الغربية.


للمزيد: لغز الرحلة «93» التي ضلت طريقها في أحداث 11 سبتمبر

للمزيد: بعد 17 عامًا.. محاكمات 11 سبتمبر قيد «المماطلة»


ومن الأمور التي تُرجع هذا العامل الذي ساقته الدراسة، وخصوصًا أن الدولة الإسبانية تمتلك ساحلًا آخر على حدودها الشمالية والغربية يطل على المحيط الأطلسي، هو اقتراب ذلك الساحل الشرقي من الساحل العربي الأفريقي، وبالأخص الجزائر والمغرب.


وفيما يتعلق بالمغرب، أشارت الدراسة إلى الإشكالية التاريخية، التي تُسهم في إدراج إسبانيا على أيديولوجية الخلافة المزعومة، فالدولة كانت جزءًا من الخلافة الأندلسية، وهو الأمر الذي تستغله الجماعات؛ لشحذ عناصرها لمهاجمة إسبانيا؛ لاستعادة أمجاد الأجداد، وذلك إضافة إلى الخلاف على مدينتي «سبتة»، و«مليلة» الموجود بأراضي المغرب، والذي يعتبرهما البعض محتلتين من الجانب الإسباني.


للمزيد: استرداد «الخلافة الأندلسية» حلم يراود التنظيمات الإسلاموية الراديكالية

الساحل الإسباني..

وتشكل تلك العوامل من وجهة نظر الدراسة الأسباب الأكثر ترجيحًا؛ لكون الساحل الشرقي من أهم الأماكن الجغرافية المستهدفة بالبلاد، كما لم تغفل الدراسة دور الاضطرابات السياسية والنعرات الانفصالية لمواطني «كتالونيا» في ضعف القدرات الأمنية، وتشتيت الأجهزة، وتشكيل بيئة رخوة للعناصر المتطرفة.


للمزيد: «تحرير الأندلس».. متاجرة جديدة من قطر والإخوان في إسبانيا


بينما تتجه دراسة أخرى إلى الدفع بالعوامل الاقتصادية كأسباب أولية؛ لاستهداف المنطقة وهي الدراسة التي قدمتها مؤسسة الأبحاث الدولية، والتي تحمل عنوان «الإرهاب يقود السياحة»؛ حيث أشارت الدراسة في افتتاحيتها إلى وجود علاقة سببية طردية بين منشآت السياحة الدولية، ووقوع الهجمات الإرهابية.


فالورقة البحثية تؤكد أن السياحة وأماكن تمركزها إلى جانب الجنسيات الأكثر ارتيادًا لمنطقة معينة، هي العامل الأبرز في تحديد الأهداف الأكثر حيوية للمجموعات الإرهابية، فتلك المناطق بمواردها الاقتصادية تشكل عامل ضغط كبيرًا على الدول، يجعلها قد ترضخ لبعض المطالب التي ينشدها المتطرفون.


كما دللت تلك الدراسة على رؤيتها من خلال التذكير بالمجموعة المتمردة «إيتا»، التي نشطت في البلاد خلال الفترة من 1958 إلى فبراير 2018، والتي كانت تدعو لفصل إقليم الباسك عن الإدارة المركزية بمدريد؛ حيث تركز أغلب هجماتها العنيفة أيضًا على المنتجعات السياحية.

"