الأزهر والإفتاء يسابقان الزمن لتجديد الخطاب الديني ودحر التطرف
وأوضح شيخ الأزهر الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، خلال الاجتماعات التي دارت بناء على الوثيقة، إن: «مسألة تجديد الخطاب الديني أمرها محسوم في الإسلام، مستدلًا بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها»؛ موضحًا أن التجديد أمر ثابت في الشريعة الإسلامية بنص صريح من الأحاديث النبوية.
مؤتمر الإفتاء.. «التجديد في الفتوى بين النظرية والتَّطبيق»
وتعقد دار الإفتاء المصرية مؤتمرها العالمي الرابع تحت مظلة الأمانة العامة لدور هيئات الإفتاء في العالم، ويحمل عنوان «التجديد في الفتوى بين النظرية والتَّطبيق» في الفترة من (16 - 18) أكتوبر الحالي، ويشارك فيه وفود من أكثر من خمسين دولة من مختلف قارات العالم، ومشاركة عدد من الخبراء في الجلسات الخاصة، بهدف الخروج بآليات ترشد البشر لما فيه صحيح الدين والحياة، وتساعد العاملين في المجالين على اتباع النهج الرشيد.
وفي ذلك يقول الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية، أمين عام الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن: «مؤتمر الإفتاء يُعد خطوة حقيقية لتجديد الخطاب الديني، الذي ينقلنا من الكلام النظري إلى التطبيق؛ فتجديد الخطاب الديني يعني أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربعة: «الزمان والمكان والأشخاص والأحوال»، بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه، وفي إطار من منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.
وأضاف «نجم»، لـ«المرجع»، أن دار الإفتاء المصرية تبنت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمؤسسات الدينية بتجديد الخطاب الديني ومعالجة فوضى الفتاوى الضاربة في أرجاء العالم الإسلامي، موضحًا أن الإفتاء المصرية تضع نصب أعينها تنفيذ استراتيجيتها التي وضعتها، والعمل على تنفيذ الخطوة تلو الأخرى، وعلى المسارات المتنوعة في الداخل والخارج، العمل على تنفيذ خطة تجديد الخطاب وتنقية الفتاوى.
السلام لكل الإنسانية.. الأزهر والفاتيكان في عناق المحبة والتسامح
وأوضح، أن هدف الإفتاء لتحقيق التجديد الخطاب الديني، يتمثل في المؤتمر «التجديد في الفتوى بين النظرية والتَّطبيق»، الذي يقدم النماذج الواقعية في التجديد، ومن ثم تخفيف ما لحق بالإسلام من عداء وتشويه تقوم بها الجماعات المتطرفة، والتصدي لظاهرتي الفوضى والتطرف في الفتوى، مشيرًا إلى أن كلمة المفتين للوفاء بفريضة التجديد الرشيد والاجتهاد في الجديد، بشكل جماعي من جميع التخصصات؛ لذلك اعتمدت أغلب دول العالم الإسلامي مبدأ الاجتهاد الجماعي في صورة مجامع فقهية أو هيئات لكبار العلماء أو دور للإفتاء، وكلها مؤسسات تعمل تحت مظلة (الاجتهاد الجماعي).
وتمنى، تجديد الواقع من خلال الإفتاء، وموازنة تلك الفتاوى بالأحداث المعاصرة حتى يواكبها، كما سيناقش المؤتمر عددًا من القضايا المعاصرة المهمة التي تشمل المستجدات الحادثة في مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكتروني، لتفكيك الأفكار المتجمدة.
وأشار إلى جهود الإفتاء المتمثلة في تنفيذ أكبر عملية تطوير وتحديث في أطر الخطاب وأدواته وتنقية ما لحق به من شوائب، واقتحام عوالم جديدة ومساحات حديثة في عالم التواصل الاجتماعي، وتكثيف جولات علمائها بالخارج، لافتًا إلى أن المحاور التي يناقشها المؤتمر أبرزها ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية، مثل قضية نقل وزراعة الأعضاء، وعيوب رد النكاح، والتداوي بالمحرمات.. وغيرها من القضايا الاقتصادية من خلال محور «ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية» وقضايا التسويق الشبكي.
رسالة سانت كاترين: «نصلي معًا» ونهزم الإرهاب بالسلام
مؤتمر الأزهر.. «شهادات المنصفين من الغرب للإسلام»
صرح الدكتور علي النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، في تصريحات صحفية سابقة، قائلًا: أن «مجلس حكماء المسلمين أقر بتنظيم مؤتمر، يتبلور حول شهادات المنصفين من الغرب للإسلام، موضحًا أن المؤتمر ينعقد بالعاصمة المصرية القاهرة فى أكتوبر الجاري».
وأضاف «النعيمي»، أن المؤتمر يضم العديد من علماء و مفكرين من الغرب ممن كتبوا عن الإسلام وأشادوا في حق الشريعة الإسلامية، كما يشمل نخبة من المفكرين والعلماء المسلمين للتباحث بالمسؤولية الملقاة على الجانبين بشأن الصورة الحقيقية للإسلام، مشيرًا إلى كتب علماء الغرب المتضمنة شهادات في حق الإسلام باعتباره دين المحبة والتسامح، الذي يدعو لاحترام الآخر، وكذلك التعايش السلمي والمشترك مع باقية الديانات.
وعلى صعيد شهادات الغربيين في حق الإسلام باعتباره دين السماحة والمحبة، قال الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة جامعة الأزهر، إن: «الأزهر والإمام الأكبر شيخ الأزهر عليهم أن يستكملوا جهودهم في توصيل صورة الإسلام للعالم أجمع، مشيدًا بالجهود التي يبذلها «الطيب»، حول العالم لتصحيح صورة الإسلام الحقيقية لدى المخالف الغربي، قبل المُتبع لهذا الدين.
الأزهر في قلب المعركة وعلماؤه على جبهة القتال
وأشار إلى جهود «الطيب»، التي أدت إلى تلاشي خوف الغرب من المسلمين، وانخفاض حدية العدائية للإسلام، وكذلك الصورة المشوهة للشريعة التي كونتها حقبة من الجماعات المتطرفة والمتشددة، مؤكدًا أن تلك الجماعات المنحرفة عن صحيح الشريعة، ادعت أنها تتحدث باسم الإسلام؛ فتسببت في خلق مفاهيم مغلوطة لا تنتسب لدين؛ فالإسلام منها برئ.
كما أشاد بجهود الأزهر في تصحيح صورة الإسلام وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام لدى الغرب على المستويين العالمي والمحلي قائلًا «إن تلك الجهود لا تخفى إلا على من ربط عصابة الهوى على عينيه، ولن يرى ضوء الشمس في ربيع النهار»، مضيفًا أن الأزهريستغل أي فرصة؛ لإبراز صحيح الإسلام بها؛ ويبين وجه الحق للناس جميعًا وليس للمسلمين وحدهم.
وأوضح، دور الأزهر في تصحح المفاهيم المغلوطة، والعمل على إحياء القواسم المشتركة بين البشر كافة دون النظر إلى معتقد، أو لون، أو جنس؛ ليعيش الناس أخوة في الإنسانية؛ موضحًا أن الانسان إما أخو الإنسان في الدين، أو الإنسانية؛ حيث خلق الله - سبحانه وتعالى- الناس جميعًا من آدم -عليه السلام- وحواء، حيث استدل بقول الله -عز وجل -: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ».
كما قال: إن «الفضل ما شهدت به الأعداء»؛ فشهد علماء الغرب من قديم الزمان في حق الإسلام، مستدلًا على أقوالهم في كتاب «قالوا عن الإسلام»؛ حيث أقروا بكلمة إنصاف من خلال اطلاعهم وقراءتهم عن الإسلام الصحيح، ومتمتعين في ذلك بالحرية الكاملة، وليس بأي ضغط.
وتابع: أنهم استطاعوا الرد على أكاذيب أعداء الإسلام، الذين يتحدثون عن الدين بما ليس فيه ويقومون بتأويل الآيات القرآنية بدون علم ومعرفة بعلوم الدين، هؤلاء ما يسمون أنفسهم ويدعون إنهم نخبة مثقفة، تربوا على عداوة الإسلام، وربطهم المُظلم تصرفات بعض المسلمين بالدين ويصرون على طعن الإسلام.
وفي سياق متصل، قال الدكتور عبدالغني هندي، مقرر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية،: إن الدور والهدف الذي يسعى إليه الأزهر والأمام الأكبر، المتضمن في تفكيك هياكل الأفكار التي خرجت من الغرب والتي من بينها؛ العمل على تحطيم مفهوم الإسلاموفوبيا في عقول الغرب، خاصة الذين تربوا على تلك النظرية «المُصطنعة»؛ والعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة الناشئة عنها.
وأوضح «هندي» لـ«المرجع»، أن المؤتمر المُنعقد يقوم بدور مهم في عقل الآخر الجاهل عن الإسلام؛ حيث يعمل على تصحيح تصوره عن الإسلام والعرب التي كونتها التنظيمات الإرهابية والجماعات المتشددة الذين ينسبون أنفسهم للإسلام، ولا يعلمون شيئًا عنه؛ حيث وفق القائمون على المؤتمر في اختيار الشخصيات المحورية به.
وأضاف، مقرر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن المؤتمر يسعى إلى تحقيق التواصل والتحاور بين الأمم المختلفة، وتفكيك خطاب الكراهية والعداوة، لتحطيم جدران الإسلاموفوبيا «الوهمية»، التي أنشأها السياسيون المتطرفون عن الإنسانية؛ لتحقيق مصالحهم السياسية والسيطرة والهيمنة على الآخر.





