يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«سوق سوداء».. مراوغات «نظام الملالي» أمام العقوبات الأمريكية

الأربعاء 03/أكتوبر/2018 - 12:25 م
المرجع
إسلام محمد
طباعة

بعد الانهيار الذي أصاب العملة الإيرانية على وقع العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد إلغاء الاتفاق النووي مايو الماضي، والتراجع الاقتصادي الكبير الذي ضرب البلاد، تنتظر إيران الدفعة الثانية من العقوبات التي من المقرر أن يتم تطبيقها نوفمبر المقبل ومن المتوقع أن تجهز على الاقتصاد الإيراني الذي لم يعد يحتمل أي إجراءات عقابية أخرى.


 عباس عراقجي
عباس عراقجي
وفي سبيل الإفلات من تأثير العقوبات وتخفيف وطأتها بعض الشيء يلجأ «نظام الملالي» إلى عدة طرق للمراوغة والإفلات من وقع تلك الضربات الاقتصادية، سواء عن طريق اللجوء إلى السوق السوداء، والأبواب الخلفية للتعاملات المالية التي يتقنها مسئولو الحرس الثوري، أو عبر ما يسمى بـ«اقتصاد المقاومة» أو «الاقتصاد المقاوم» وهي إحدى النظريات الجديدة التي طرحها مرشد الثورة الإيرانية «آية الله علي خامنئي»، والتي تقوم على تقليل الاستهلاك وخفض الاعتماد على التصدير والاستيراد قدر الإمكان، لتحمل الحصار أطول فترة مستطاعة.

وقد أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الاثنين 1 أكتوبر أن بلاده أصبحت تمتلك خبرة جيدة في التعامل مع تلك الظروف بعد جولات العقوبات السابقة وتعرف كيف يمكن أن تعمل هذه الاتفاقيات الثنائية، مبينا احتمال تأسيس نظام بديل لنظام «سويفت» الدولي للتعاملات الدولية بين البنوك كطريقة لتجنب العقوبات الأمريكية ضد طهران.

و«سويفت» هو اختصار للجملة الإنجليزية التي تعني «جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك» وهي منظمة تعاونية تقوم بتقديم خدمة التحويلات المالية ومقرها الرئيسي بلجيكا وبدأت نشاطها عام 1979، وعدد الدول المشتركة أكثر من 209 دول.

وتهدد واشنطن بفرض عقوبات على الأوروبيين حال رفضوا إخراج إيران منها، وفي حالة تم إخراج إيران سيدفعها ذلك للعودة لنظم تحويل الأموال القديمة والبطيئة أو البحث عن نظم جديدة من أجل تلقي إيرادات صادراتها أو دفع ثمن وارداتها.
الحرس الثوري الإيراني
الحرس الثوري الإيراني
أساليب الالتفاف

من جانبه أكد محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن هناك خمسة وسائل للحرس الثوري للالتفاف على العقوبات الأمريكية، وهي معروفة بالنسبة للولايات المتحدة، أولاً اللجوء إلى السوق السوداء لبيع النفط، لأن النفط سيدخل في قائمة العقوبات في الرابع من نوفمبر المقبل، فحينئذ قد تبيع إيران النفط في السوق السوداء عن طريق استخدام المدقات الجبلية الوعرة في الحدود مع باكستان وأفغانستان، ومن ثم تهريب النفط إلى تلك الأماكن ثم بيعه في السوق السوداء بأقل من السعر العالمي، وكذلك استخدام المدقات في الحدود بين العراق وإيران في إقليم كردستان العراق، ومن ثم إرسال هذا النفط في ميناء جيهان في تركيا وبيع النفط عن طريق تركيا إلى الدول الأوروبية.

وأضاف في تصريحات لـ«المرجع» أن الأمر الثاني هو المقايضة، أي أن تقايض إيران النفط بالسلع الأوروبية الأخرى أو السلع الأخرى عن طريق إرسال شحنات النفط إلى الهند مثلا ثم تحصل على منتجات أخرى كالمنتجات القطنية والتوابل والبضائع الهندية الأخرى، والأمر الثالث هو أن يكون هناك وسيط في البيع والشراء أو يعمل كطرف ثالث، فتبيع النفط إلى إسبانيا مثلا وتشتري منتجات من ألمانيا كالبضائع التكنولوجية والسيارات وبالتالي ألمانيا تأخذ ثمن النفط من إسبانيا.

وتابع «أبو النور» أن الوسيلة الرابعة للالتفاف على العقوبات هي البيع بالثمن الآجل وهذا أمر في منتهى الأهمية وهذه علامة على أن إيران لديها خبرة فيما يتعلق ببيع النفط بالعقود الآجلة مع الدول الأخرى عن طريق المقايضة المباشرة، والأمر الخامس والأخير هو أن تبيع إيران النفط مقابل عملة غير الدولار كأن تبيع مثلاً مقابل الذهب أو اليورو أو اليوان الصيني أو الروبية الهندية أو الروبل الروسي، كل هذه الأمور تشير إلى أن إيران لديها خمسة وسائل للالتفاف على العقوبات فيما يتعلق بالنفط.
الرئيس الأمريكي ترامب
الرئيس الأمريكي ترامب
مراوغة فاشلة

وتابع رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية فى تصريحه لـ«المرجع»، أن واشنطن لن تتسامح مع المراوغات الإيرانية للإفلات من العقوبات، وستعاقب كل طرف يتعامل مع إيران، فمثلًا لو باعت ألمانيا لإيران سيارات bmw عن طريق طرف ثالث سوف تمنع أمريكا هذه الشركة من الاستثمار أو الدخول في السوق الأمريكية وسوف توقع عليها عقوبات، وهذا يعني أن كل هذه الحلول لن تجدي نفعًا مع الجانب الأمريكي الذي أعلن أنه لن يتسامح مع الأطراف المتعاملة مع إيران بعد الرابع من نوفمبر، مشيرًا إلى أن إيران قد تفشل بشكل أو بآخر في هذه الاستراتيجيات ما لم تجلس على طاولة المفاوضات وتتفاوض مرة أخرى مع الولايات المتحدة الأمريكية.

فيما أكدت الدكتورة نسرين مصطفى، الباحثة المتخصصة بالشؤون الإيرانية، أن إلغاء الاتفاق النووى لم يكن مفاجأة للحرس الثوري في إيران كانت تعلم أن الاتفاق سيلغى عاجلا أو آجلا وبما أن الحرس الثورى هو من يمتلك زمام الاقتصاد داخل إيران فكانت لدية خطط بديلة للخروج من الأزمة الاقتصادية، خاصة مع تجدد الاضطرابات وانتشار حالة السخط بين طوائف الشعب.

وأشارت فى تصريحها لـ«المرجع» إلى أنه لا يمكن أن نغفل أهمية اتجار الحرس الثوري بالأسلحة والمخدرات وهى أمور مباحة لديه، وأصبح من المعروف أن الحرس الثورى هو الداعم الأساسي للترويج لها. 

وتابعت أنه لا يخلو مكان في إيران من وجود عناصر الحرس الثوري، لذا كان له بالطبع دورٌ فى التخفيف من حدة التأزم الاقتصادي الذي تعيشه إيران، خاصة عندما نعلم أن إجمالي المبالغ التي حققها الحرس الثوري عام 2014 تتراوح من 10 – 12 مليار دولار، أى سدس الناتج المحلي الإجمالي لإيران، وتنتشر شركات الحرس الثوري في كل المجالات تقريبًا، بدايةً من النفط والغاز وحتى البنى التحتية والإنشاءات والطرق والاتصالات.

وأضافت الباحثة المتخصصة بالشؤون الإيرانية أن الحرس الثورى سيكون له دورٌ كبيرٌ فى محاولة تحسين الوضع الاقتصادي داخل البلاد، خاصة أن البنوك الرسمية هي الحلقة الأضعف في الاقتصاد، ومن ثم ستكون هى المتأثر الأكبر والحلقة سيئة الأداء، وبالطبع يحاول قادة الحرس ، الالتفاف حول العقوبات الأمريكية التي بدأت بمحاولة التقارب مع دول آسيا عن طريق تهريب النفط إلى دول بعينها ككوريا الجنوبية وتايوان والصين وروسيا وهي دول تسعى إلى شراء النفط من إيران بأسعار مخفضة، كما تسعى المؤسسات التابعة للحرس لتحويل بعض عائدات النفط الإيرانية إلى الدولار الأمريكي.
"