حكومة الوفاق الليبية تطلب قوات أممية.. ومراقبون يحذرون من كارثة

أعطت اشتباكات طرابلس الأخيرة دلالة قوية على تطور دور بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا
برئاسة غسان سلامة، من الدور السياسي إلى دور الترتيبات الأمنية، خاصة بعد توصل
البعثة لاتفاق لوقف إطلاق النار بعد جولات مفاوضات بين الفصائل المتحاربة عقدتها
في مدينة الزاوية غرب طرابلس.

وأشار سلامة في تصريحات صحفيَّة، إلى «إن البعثة لعبت دورًا محوريًّا في وقف إطلاق النار في الاشتباكات التي دارت بالعاصمة طرابلس، وهذا يتم من خلال بعثة سياسية بالأساس».
ومؤخرًا
خرج سيالة، بتصريحات ليوضح ما عناه بطلبه أمام الجمعيَّة العامة للأمم
المتحدة، ونقلت وكالة الأنباء الليبية عنه أن هذا المطلب لا يعنى إطلاقًا ما تم
الترويج له»، وأنه قصد أن يكون انخراط الأمم المتحدة بشكل أكثر فاعلية
ومباشرة في الأزمة الليبيَّة بما فيها الأزمة الأمنية التى تعاني منها البلاد وجعلها
أولوية تسير بخطٍ متوازٍ مع المسار السياسي، مؤكدًا أن مطلبه يأتي لتحقيق مفهوم
السيادة والملكية الوطنية وهي إجراءات ذات طبيعة مهنية ودبلوماسية صرفة على حد
وصفه.
بعد وصفها
بـ«جرائم حرب».. اشتباكات طرابلس تدفع البعثة الأممية لتغيير خطتها في ليبيا

وسعت
البعثات الأممية منذ هذا التاريخ (2011) لمحاولة دعم الليبيين إلا أنها غلب عليها
الدور السياسي، أكثر من الترتيبات الأمنية، فسعت البعثة فترة ولاية الدكتور طارق
متري إلى جمع الأطراف في حوار سياسي ولكنها لم توفق، وفي سبتمبر 2014 خلفه
برنالدينيو ليون الذي أعلن أنه لا يمكن لليبيا أن تتجاوز مشاكلها إلا عبر
الحوار، وأن مهمة الأمم المتحدة هي العمل على توفير الظروف الملائمة له، وعقب ذلك،
جاء اتفاق الصخيرات ديسمبر 2015 بإشراف المبعوث الأممي الثالث مارتن كوبلر الذي
حاول إنهاء الانقسام السياسي القائم في البلاد، إلا أن الاتفاق لم ينهِ الأزمة
السياسية ولا الليبية بشكل عام إذ تجاهل الصراعات القبلية والجهوية وطبيعة المجتمع
الليبي الذي مازالت قطاعات كبيرة منه إلى اليوم تتخذ من القبيلة سلطة ومرجعًا لكل
تحركاته السياسية والعسكرية.
وبتولي
غسان سلامة ولاية جديدة للبعثة الأممية أعلن خارطة طريق للحل في ليبيا التي عرفت
باسم «الخطة الأممية» في 20 سبتمبر، والتي تستوعب في جزء منها الاتفاق
السياسي، لكنها في الوقت نفسه تتجاوزه في مسائل أخرى، ما يشير إلى توسع دور البعثة
الأممية إلى رعاية الترتيبات الأمنية.
وهو
ما أوضحه المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة في إحاطته بشأن الوضع في ليبيا
بكلمة 5 سبتمبر 2018، أكد فيها أن «العاصمة الليبية كانت على شفا حرب كاملة،
مدينًا في الوقت نفسه دور وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، قائلًا إن «التشكيلات الأمنية الحالية في طرابلس مكنت الجماعات المسلحة من شن هجمات على
طرابلس».
وأضاف غسان في إحاطته-بحسب ما نشره موقع البعثة- أن «بعثة الأمم المتحدة تركز جهودها في مجالين لمراجعة الترتيبات الأمنية بطرابلس بغية الحد من تأثير المجموعات التي تلجأ للسلاح لتحقيق مآرب شخصية ومعالجة القضايا الاقتصادية التي تشكل أساس الأزمة ولن يكون هناك أي فرصة للإصلاحات الاقتصادية والعملية السياسية إذا لم يتم وضع حد لعمليات النهب».
تجديد البعثة الأممية.. ليبيا الحائرة بين الفشل الدولي والتناحر الداخلي

الحل
السياسي أم الأمني
وفي
تصريحات خاصة للمرجع، أوضح أحمد عطا، الكاتب والمحلل السياسي بمنتدى
الشرق الأوسط في لندن، أن وزير الخارجية الليبي أراد بتصريحه أن يكون الملف الأمني
الليبي على قمة أجندة الأمم المتحدة، لأن الوضع في الفترة الأخيرة كشف فشل الأطراف كافة، في احتواء الأزمات.
وتابع
عطا أن أزمة تراجع الأمن في طرابلس وليبيا عامة تنذر بتردي الوضع الليبي إلى مرحلة
ما بعد الـ17 من فبراير 2011 في انتشار التنظيمات التكفيرية المسلحة
من ناحية والعصابات المسلحة التي تتبنى تهريب الأفارقة عبر الحدود الليبية وبيعهم
لدول الجوار إضافة إلى عمليات تهريب السلاح والمخدرات.
وأوضح
المحلل السياسي بمنتدى الشرق الأوسط أن سيالة أراد زيادة الدعم ومساعي توحيد جيش
وطني معترف به يتم دعمه وتسليحه دوليًّا، للخروج من كارثة وجود أكثر من جيش
وأكثر من حكومة، في ظل المطامع الدولية في ليبيا وتعارض الصالح بين
التنظيمات المسلحة على الأرض، التي يعمل أغلبها بدعم أطراف دولية لها يد ومصلحة
في ما يحدث.
وأشار
عطا إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في شكل التدخل الأممي سواء كان سياسيًّا أو
عسكريًّا، مؤكدًا- حسبما يرى- أن الإشكالية الكبيرة تكمن في الدعم التسليحي لأكثر من
٢١ ميليشيا مسلحة تعمل لحساب أطراف خارجية، محملًا المسؤولية عن ذلك لحلف الناتو،
الذي وفر كميات سلاح للميليشيات في حربها ضد نظام العقيد القذافي التي
يعتمد عليها الميليشيات وجعلت تصمد حتى الآن في تصعيد مشهد الفوضى.
واختتم
عطا تصريحاته مرجحًا أن الحل الوحيد للأزمة في ليبيا عقد مؤتمر دولي يشارك فيه الأطراف كافة للبدء في ترسيخ شكل الدولة من جيش معترف به وحكومة منتخبة، مع وضع خارطة
طريق دولية لإنقاذ ليبيا لنتجنب تكرار تجربة جنيف واحد واثنين، وأن المبادرات
الأحادية من الدول قد تقرب وجهات النظر لكن مصيرها الفشل مثل مؤتمر باريس الذي فشل
بسبب معارضة إخوان ليبيا وحليفتهم إيطاليا.