السلفية المدخلية في إندونيسيا.. فتنة الانقسام وأسبابها
الأربعاء 15/أغسطس/2018 - 11:45 ص
صورة أرشيفية
عبدالهادي ربيع - عبدالرحمن صقر
ليس طبيعيًّا ندرة المراجع التي تتحدث عن أوضاع المسلمين وتياراتهم الدينية في أكبر مراكز الثقل السكاني في العالم الإسلامي؛ التي يقطنها نحو مائتين وخمسين مليون نسمة، وفيما يلي يُحاول «المرجع» توصيف أوضاع أحد أشهر التيارات الإسلامية في «إندونيسيا»، صاحبة الأغلبية المطلقة من المسلمين، 90%، من التيار السلفي، والمدخلي على وجه التحديد.
عرفت إندونيسيا الفكر السلفي مؤخرًا، إذ كان مطلع القرن العشرين بداية انتشار هذا التيار، على يد شيوخ سلفيين حملوا أفكارهم إلى الجزر البعيدة من خلال المؤسسات الإسلامية والمراكز، مثل الشيخ أحمد دحلان (مؤسس الجمعية المحمدية، 1912)، والشيخ أحمد سركاتي (مؤسس جمعية الرشاد، 1914)، والشيخ محمد ناصر (مؤسس حزب ماشومي، 1945)، والشيخ أحمد أحسن (مؤسس جمعية الاتحاد الإسلامي، 1920).
أبرز المشايخ والمؤسسات:
يُعدُّ الشيخ «ذو القرنين بن محمد سنوسي الإندونيسي» هو من نشر «التيار المدخلي» في المجتمع الإندونيسي، خاصةً بعد تأسيسه للمدرسة السلفية في بلدية براونج، بجزيرة سومطرة الإندونيسية، ويعد الشيخ أكبر رموز التيار في إندونيسيا، والمرجع الرئيسي لهم، خاصة مع علاقاته الجيدة والمقربة جدًّا من مؤسس التيار الشيخ ربيع بن هادي المدخلي (الداعية السعودي)، والشيخ عبيد الجابري، الذي قال عنه: «إنه من تلامذة العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله- وكذلك أعظم تعريف له أنه من أخص تلاميذ العلامة صالح الفوزان»- على حد قوله.
وتنتشر في مختلف جزر وبلدان الأرخبيل الإندونيسي مراكز إسلامية ومعاهد ومساجد التيار، التي تجمع حولها الملايين من المسلمين، ومن أشهر هذه المراكز (جامع المركز الإسلامي في جاكرتا، ومعهد الأنصار جوكجارت جاوى الوسطى، جامع «المجاهدين» سلفيو جاكرتا الغربية، مؤسسة السلام رياض الجنة السلفيين بوغر، مؤسسة الشريعة جوكجاكرتا، الجامع الكبير في كارننجار جاوى الوسطى)، ويحاضر في هذه المساجد بشكل أساسي عدد من الشيوخ السلفيين الوافدين من السعودية واليمن، كالشيخ عبدالواحد المدخلي، وفوزي المدخلي، وعبدالله بن صلفيق الظفيري، وعرفات المحمدي، كما ينقل إليهم دروس صوتية مباشرة عبر الهاتف من قبل رموز التيار، كالشيوخ ربيع بن هادي المدخلي، عبيد بن عبدالله الجابري، وعبدالله بن عبدالرحيم البخاري.
كما خصص «التيار المدخلي»، نظرًا لانتشاره الواسع، عددًا من المواقع الإلكترونية لنشر محاضراته ودروسه، مثل، «الإذاعة الإسلامية الإندونيسية، وإذاعة السلفي الإندونيسي».
ومن أشهر الدعاة الإندونيسيين: «محمد بن عمر السويد الإندونيسي، قمر سعيدي الإندونيسي، محمد بن مصلح الإندونيسي، أبوعبيدة شفر الدين (مدير معهد الأنصار جوكجاكرت)، أبوإسحاق عبدالله نهار (المدرس بمعهد الرضا الإسلامي بسيوون بانتول)، أبوعبيد الله فوزان (مدير معهد دار السلف الإسلامي بسراغني)، ووائب شفر الدين (مدرس بمعهد دار السلف بسوكوهارجو).
هاني بريك
فتنة الانقسام على النفس:
طالت أزمة الصعافقة، التي ضربت «التيار المدخلي» مؤخرًا، أبناء التيار في إندونيسيا، وانقسم المداخلة بين صعافقة ومصعفقة (مبتدعين ومبدعين)، خاصة بسبب الاختلاف على رمز التيار وكبيرهم في إندونيسيا «ذي القرنين الإندونيسي»، بعد فتوى لـ هاني بريك (وهو أحد أشهر قادة التيار السلفي في اليمن وكان له دور كبير في محاربة الحوثيين)، التي نقلها وتبناها من بعده لقمان باعبده الأندونيسي، وقد أرسل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي الداعية الجزائري أسامة بن عطايا للإصلاح بين الفئتين أثناء دورة علمية له في إندونيسيا.
كما أدت فتوى محمد بن هادي المدخلي حول أنه لا يعتمد من شيوخ السنة في إندونيسيا غير الشيخ «أكمل الإندونيسي، وقمر الإندونيسي، وأسامة مهري الإندونيسي»، إلى المشاركة في التصدع بين السلفيين في إندونيسيا.
وقد خلص تقرير «عطايا»، الذي تقدم به إلى شيخه «ربيع» أن كل طرف ينبغي أن ينشغل بنفسه، وألا ينشغل بإخوانه، خاصة أن كل الأطراف مخطئ، وإن كان طرف «لقمان» أحسن من غيره، ما يجرح في رمز التيار في إندونيسيا (ذي القرنين)، وأنه يجب التحذير منه، وأنه سيُعد كتابًا يلخص فيه الفتنة وحلها.
وقد انتهت قصة هذا الانقسام بتشتت التيار المدخلي في إندونيسيا على نفسه إلى عدة تيارات.





