خسائر المال والدم.. تأثيرات الإرهاب على الاقتصاديات الأوروبية
الثلاثاء 14/أغسطس/2018 - 09:33 ص

محمود رشدي
لا تقتصر العمليات الإرهابية على محصلة الضحايا البشرية وحسب، بل تتعدى لآثار أكثر سلبًا من حيث تكلفة تلك العمليات الإرهابية على سيرورة العمل الاقتصادي في الدولة المعنية، وتفقد المؤسسات الاقتصادية مليارات الدولارات نتيجة تلك الأعمال، مثل التأثير على البورصة، والمعاملات التجارية، وأبنية المؤسسات، والبنى التحتية.

وللإرهاب خاصة في أوروبا، ارتباط سلبي كبير بالنمو الاقتصادي، فبين عامي 2004 و2016، خسرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبالغة 28 دولة نحو 180 مليار يورو، من حيث الناتج المحلي الإجمالي؛ بسبب الهجمات الإرهابية، حسب تقرير معهد السلام والاقتصاد بأستراليا لعام 2018.
ومنذ عام 2004، وتتلقى معظم العواصم الأوروبية هجمات إرهابية، تزايدت بظهور تنظيم «داعش» على الساحة الدولية، ومنها مدريد ولندن وباريس وبروكسل ونيس وبرلين وغيرها من المدن الأوروبية.
وبجانب الصدمة العاطفية الواضحة التي تسببها الهجمات الإرهابية؛ بسبب الإصابات والوفيات للمدنيين، فهناك مجموعة من التأثيرات الأخرى التي تحدث أكثر من الخسائر الاقتصادية لدول الاتحاد الأوروبي، وهى التأثيرات النفسية الواضحة على مواطني الاتحاد الأوروبي.
وفي دراسة لمؤسسة «راند» الأوروبية- وهي مؤسسة بحثية أمريكية- لبحث التأثيرات الاقتصادية للعمليات الإرهابية ما بين عامي 2014 و2016، أجملت مؤشرات اقتصادية عدة للقياس منها:
أولًا: تأثير الإرهاب على نمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد في كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
ثانيًا: التكاليف البشرية والمادية للإرهاب، التي ركزت على تكاليف جرائم القتل والإصابات والأضرار في الممتلكات عقب وقوع هجوم إرهابي.
ثالثًا: الآثار النفسية الأوسع للإرهاب، مثل رضا الحياة والسعادة والثقة بين سكان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي
من ناحية الناتج المحلى الإجمالي للدول الأوروبية، ارتبط الإرهاب سلبًا بالنمو الاقتصادي، ففقدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو180 مليار يورو من حيث الناتج المحلي الإجمالي؛ بسبب الإرهاب بين عامي 2004 و2016، وكنموذج خسرت بريطانيا وحدها ما يقرب (43.7 مليار يورو)، وفرنسا خسرت نحو (43 مليار يورو)، وأصبحا أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بالأحداث الإرهابية، وتابعتهما إسبانيا بمقدار خسائر مالية تقدر(40.8 مليار يورو) ثم ألمانيا (19.2 مليار يورو).
التأثيرات النفسية والعلاقة بالإنتاجية الاقتصادية
أدت التغطية الواسعة للهجمات الإرهابية عبر وسائل الإعلام المتعددة وقنوات التواصل الاجتماعي، لنمو هائل في عدد شهود العيان للهجمات الإرهابية، وهذا يعني أنه حتى أولئك الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الهجمات قد يتأثرون نفسيًّا.
ويمكن أن تؤدي التأثيرات النفسية لمشاهدة الهجمات الإرهابية إلى قيام الافراد وبعض الشركات التجارية بتغيير سلوكهم؛ الأمر الذي له تأثير مباشر على اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، وعلى سبيل المثال، من المرجح أن يستهلك مواطنو الاتحاد الأوروبي أكثر وأن يوفروا أقل؛ ما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك؛ ومع ذلك، من المرجح أن يكون هناك انخفاض في معدلات الادخار والاستثمار من قبل الشركات.
وعلى الرغم من الخسائر الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، ظلت العادات الشرائية للمستهلك مستقرة نسبيا في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي حسب إحصائيات مركز السلام والاقتصاد، بل زادت في بعض الأحيان في أعقاب أي هجوم إرهابي، كما لا يوجد تغير كبير في حصة الإنفاق الحكومي من الدول الأعضاء في الاتحاد، مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي في ضوء الإرهاب.
قطاع السياحة
والآثار السلبية على النمو الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في أعقاب أي عملية إرهابية تميل إلى أن تكون قصيرة الأجل، ولا تنطبق إلا في غضون عام وقوع الحادث الإرهابي، وعلى سبيل المثال، يبدو أن قطاع السياحة، على الرغم من حصوله على ضربة اقتصادية كبيرة في البداية، عاد إلى طبيعته في غضون شهر إلى 3 أشهر بعد وقوع أي هجوم إرهابي.
وقدرت تكاليف رأس المال البشرية والمادية للإرهاب في الاتحاد الأوروبي بـ5.6 مليار يورو إضافية بين عامي 2004 و2016، وتشمل هذه التكاليف المعادلة للخسائر في الأرواح، والإصابات من خلال تكاليف العلاج الطبي وتكاليف أضرار الممتلكات.
كما ترتبط الهجمات الإرهابية بمستويات أقل من الرضا عن الحياة والسعادة بين سكان الاتحاد الأوروبي، كما تقلل الهجمات الإرهابية من ثقة مواطني الاتحاد الأوروبي في المواطنين، والمؤسسات السياسية الوطنية، والنظام القانوني والشرطة.