نحو دحر الإرهاب.. مجلس الأمن يمدد بعثة الاتحاد الأفريقي بالصومال
صوَّت مجلس الأمن الدولي -الإثنين 30 يوليو- بالإجماع على قرار تمديد
ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال «اميصوم» حتى نهاية مايو 2019، تأكيدًا على
ما تُمثله البعثة من أهمية حاسمة من الناحية الأمنية في هذه المرحلة الانتقالية التي
يمرُّ بها الصومال.
كما أقر المجلس البدء في خفض عناصر البعثة بشكل تدريجي، اعتبارًا من نهاية
فبراير المقبل، ليصل مستوى القوات إلى 20،626 فردًا بحد أقصى، و1040 شرطيًّا بحد أدنى،
ويأتي ذلك تماشيًا مع الخطة الانتقالية لتمكين قوات الأمن الصومالية من تولي المسؤولية
الكاملة عن الأمن في البلاد بحلول نهاية 2021.
كان الاتحاد الأفريقي أصدر -في 19 من يناير 2007- بيانًا قرر فيه إرسال
بعثة سلام إلى الصومال تحل محل القوات الإثيوبية؛ تركزت مهمتها في الحد من التهديد
الذي تشكله حركة الشباب المجاهدين، إضافة إلى تقديم الدعم لجهود مؤسسات الحكومة الانتقالية
الرامية إلى ضبط الاستقرار في البلاد، فضلًا عن توفير تسهيلات للجهود الإنسانية، وخلق
ظروف مواتية على المدى البعيد للاستقرار، وإعادة الإعمار والتنمية.
تحديات
حالت دون المغادرة
وكان من المقرر أن تغادر البعثة الصومال بحلول
عام 2016، لكن الواقع الصومالي جاء مغايرًا لما كان من المفترض أن يتحقق، إذ ما تزال
التحديات الأمنية التي تشكلها حركة الشباب المجاهدين كبيرة؛ ما يجعل من المستحيل الحديث
عن انسحاب للقوات الأفريقية لحفظ السلام في المنظور القريب لعدة أسباب، من بينها:
1- اعتماد حركة الشباب على استراتيجية تقضي بالانسحاب من أي مدينة أو منطقة تواجه فيها ضغوطًا عسكرية من القوات
الحكومية وحلفائهم من القوات الأفريقية، وتفاديها أي مواجهة عسكرية.
هذه الاستراتيجية تقلل الخسائر البشرية
والمادية في صفوفها، وتُبقي قدراتها القتالية على مستوى عالٍ من الجاهزية، تمكنها من
مواصلة استمرار الهجمات على المواقع العسكرية والمرافق الحكومية، وتوجيه ضربات موجعة
وخاطفة في الزمان والمكان اللذين تختارهما الحركة.
2- إن المدن والمناطق
التي سيطرت عليها القوات الحكومية وحلفائها من القوات الأفريقية، هي بمثابة جزر متقطعة
الأوصال، ولا تستطيع هذه القوات التنقل بينها دون أن تتعرض لكمائن أو هجمات من قبل حركة
الشباب المجاهدين، كما فرضت الحركة حصارًا كاملًا على هذه المدن؛ ما يعني أن المناطق
التي تعتبرها الحكومة وحلفاؤها محررة فإنها بالنسبة إلى حركة الشباب ليست سوى أفخاخ
وضعتها للقوات الأفريقية والحكومية.
3- جميع المناطق التي
أعلنت الحكومة إعادة السيطرة عليها، لا تتولى مسؤولية حمايتها، وتمثل القوات الحكومية
هدفًا سهلًا بالنسبة إلى مقاتلي حركة الشباب المجاهدين.
4- الظروف المادية الحرجة
للقوات الحكومية وموظفي مكاتب الدولة، ساعدت حركة الشباب في اختراقهم وتجنيد بعضهم
لتسهيل عملياتها وجمع المعلومات مقابل مبالغ مالية زهيدة.
كما أن غياب أي إنجازات سياسية ملموسة؛
التي أثَّرت سلبًا على التقدم العسكري والأمني الذي تسعى القوات الأفريقية إلى تحقيقها،
وكان من المفروض أن تعجِّل الحكومة بتشكيل إدارات محلية في جميع المناطق المحررة، وتوفير
أجهزة الشرطة والقضاء في كل منطقة تعود إلى سيطرتها، وهو ما لم يتحقق منه شيء حتى الآن،
والحكومة تورطت في خلافات داخلية بين مسؤوليها.
الأوضاع
السياسية والأمنية
أضحت الأوضاع السياسية والأمنية في الصومال مرشحة لمزيدٍ من التردي، في ظلِّ تضاؤل احتمالات إيقاف هجمات الشباب المجاهدين؛ نظرًا لنقص عدد أفراد الجيش الصومالي (20 ألف تقريبًا)، مقارنة بمساحة الدولة، وامتداد سواحلها، والقصور التدريبي والتسليحي الذي يُعانيه، واستمرار الحظر الذي تفرضه منظمة الأمم المتحدة على تصدير السلاح للصومال، إضافة إلى اعتبارات أخرى تتعلق بالفساد، وتباين مواقف القوى الصومالية من انتشار وحدات الجيش خارج العاصمة (مقديشو).
ويزداد الأمر سوءًا في ظلِّ تورط بعض القيادات
القبلية والمسؤولين الصوماليين في تزويد الشباب المجاهدين بالسلاح، وغياب التنسيق الإقليمي؛
ما يعني استمرار وجود الكثير من العقبات التي تعترض جهود المصالحة الوطنية، وإعادة
الإعمار، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، وتحقيق العودة الطوعية للاجئين والنازحين.
يشار إلى أنه خلال السنوات الماضية، كررت
الأمم المتحدة إنذارها من خطورة الوضع الإنساني في الصومال؛ حيث حذرت من أن ثلاثة ملايين
صومالي مهددون بخطر الموت؛ نتيجة نقص في الغذاء والمياه.





