يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«حركة الشباب الصوماليَّة».. وتحريم معشوقة الجماهير

الإثنين 21/مايو/2018 - 11:09 ص
المرجع
شيماء حفظي
طباعة
الرياضة الأكثر شعبية حول العالم؛ تتعلق بمستطيلها الأخضر ملايين القلوب انتظارًا لفرحة معلقة بأقدام لاعبي الفريق الذي يشجعونه؛ كرة القدم معشوقة الشعوب ومحط اهتمام الجميع، باستثناء الشعب الصومالي الذي حَرَمَه الإرهاب من متعة ممارسة أو مشاهدة هذه الرياضة.

في السابع من مارس عام 2018، وبعد نحو عام وشهرين من عودة النشاط الرياضي الذي انقطع لأكثر من 25 عامًا في الصومال بسبب الحرب الأهليَّة، التي اندلعت في البلاد منذ عام 1991، منعت حركة الشباب الصوماليَّة المعروفة باسم «حركة شباب المجاهدين»، إقامة مباريات كرة القدم في أجزاء من العاصمة مقديشو، وكذلك مشاهدتها، بدعوى أنها ضد الشريعة الإسلاميَّة.

مخالفة للشريعة
وبحسب ما نقلته وسائل إعلام محليَّة بالصومال، فإن عناصر حركة الشباب، التقوا بعشرين شخصًا، من مالكي الملاعب في منطقة «تورا تورو»، في إقليم شبيلي السفلى جنوبي العاصمة مقديشو، وحثتهم على البحث عن مصادر دخل أخرى، وأبلغتهم أن مباريات كرة القدم تتنافى مع الشريعة الإسلاميَّة، وهو الأمر الذي استجاب له هؤلاء، وأعلنوا التزامهم بتنفيذه.

وبجانب الرياضة تُحرِّم حركة الشباب الصوماليَّة، الغناء والموسيقى، كما أنها ترى ممارسة كرة القدم ومتابعتها من الأفعال المخالفة للشريعة الإسلاميَّة، والمُضيِّعة للوقت، وتصف لاعبي كرة القدم بـ«رجال مجانين يقفزون صعودًا وهبوطًا لمطاردة شيء منتفخ».

وردًّا على قرار حركة الشباب منع ممارسة كرة القدم، أعلنت الحكومة الصوماليَّة خطة جديدة لتطوير هذه الرياضة في البلاد، حيث نقل موقع «الصومال الجديد» عن نائب رئيس الوزراء الصومالي مهدي محمد جوليد، قوله: (إن الحكومة تعتزم تطوير قطاع كرة القدم في البلاد، ردًا على منع حركة الشباب السكان من إقامة المباريات).

جلد وإعدام الرياضيين
عادت ممارسة كرة القدم مرة أخرى في الصومال، في يناير عام 2017، بعد توقف دام لأكثر من 25 عامًا «وكان النشاط الرياضي قد توقف في الصومال بعد الحرب الأهلية التي نشبت في الصومال بعد سقوط الرئيس الصومالي محمد سياد بري في 1991» (الرئيس الثالث لجمهورية الصومال من أكتوبر 1969 وحتى يناير 1991).

وكانت الجماعات المتشددة تعاقب من يمارس هذه الرياضة بالجلد في الشوارع، وأحيانًا بعقوبة تصل في بعض الحالات إلى الإعدام، وفي 2010 وبالتزامن مع إقامة كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا، حرمت التنظيمات والجماعات المتطرفة تمامًا مشاهدة كرة القدم، وشنَّت عمليات تستهدف متابعي المباريات سواء في الصومال أو خارجها.

وفي سبتمبر 2017، ذكر موقع الاتحاد الأفريقي لكرة القدم «كاف» (اختصار مصطلح الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم)، أن الصومال تتعافى ببطء من حروب أهليَّة استمرت لما يزيد على 25 عامًا، وتسعى قوة حفظ السلام الأفريقية، التي تدعمها الأمم المتحدة إلى طرد فلول حركة الشباب المتشددة من معاقلها الباقية في البلاد.

فيما وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ( الهيئة المنظمة للعبة كرة القدم في العالم)، وضع حجر أساس مبنى مقر الاتحاد الصومالي لكرة القدم الجديد (SFF) بأنه: «حدث يدعو إلى الأمل لمستقبل كرة القدم في الصومال، بعد 70 عامًا من استئجار مبنى».

يذكر أن الاتحاد الصومالي لكرة القدم أُسِّس لأول مرة عام 1951، وأصبحت الصومال عضوًا في الاتحاد الدولي لكرة القدم في عام 1962.

بداية حركة الشباب
ظهرت حركة الشباب للمرة الأولى كجناح عسكري لاتحاد المحاكم الإسلاميَّة - الذي تم تأسيسه في 1994- (مجموعة من المحاكم الإسلاميَّة التي أتحدت برئاسة شيخ شريف شيخ أحمد، وأصبحت حاكمة لأغلب مناطق الصومال)، وكان يُقاتِل القوات الإثيوبيَّة، التي دخلت الصومال، لدعم الحكومة المؤقتة عقب سقوط حكومة سياد بري، عام 1991.

ويُعد «آدم حاشي فرح عيرو»، مؤسس الحركة، بعدما أعلن انفصالها عن اتحاد المحاكم الإسلاميَّة في الصومال، في العام 2004 ، و«عيرو» هو الزعيم الملقب بـ«أبومحسن الأنصاري» وكانت شهرته في أفغانستان «أبومحسن المهاجر»، كما اشتُهِر بلقب «المعلم آدم» - أي المرشد الجهادي الروحي والفكري -، ولقب كذلك بـ«زرقاوي الصومال».

وتفرض حركة الشباب نموذجًا متشددًا من الشريعة الإسلاميَّة، في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، وتطبق حدود الزنا والسرقة على المواطنين الصوماليين.

وبعد تفكك اتحاد المحاكم الإسلاميَّة، أعلنت حركة الشباب استمرارها في العمليات المسلحة ضد الحكومة الصوماليَّة، وفي كينيا التي تشارك في قوة تابعة للاتحاد الأفريقي لمواجهتها.

ويتزعم حركة الشباب المجاهدين حاليًّا أحمد عمر أبوعبيدة، الذي تولى أمور الجماعة خلفًا لـ«مختار علي زبير»، الشهير بـ«أحمد غودان» - 2008 – 2014 - الذي قتل في هجوم لطائرة أمريكيَّة بدون طيار.

و«غودان»، الذي يعد عصره «العهد الذهبي» للحركة، أعلن ولاءه لأسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة السابق، قبل أن تعلن الحركة اندماجها مع التنظيم في 2010.

مذهب متشدد
وفقًا لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، في 2013، تحت عنوان: «سؤال وجواب - من هم شباب الصومال؟» فإن حركة الشباب تعتنق المذهب السلفي المتشدد، بينما معظم الصوماليين صوفيون، كما أن الحركة هدمت العديد من المزارات والأضرحة الصوفية؛ ما أدى إلى نفور الصوماليين منهم.

ووضعت العديد من الدول حركة الشباب الصوماليَّة على قائمة المنظمات الإرهابيَّة، ومن أبرز هذه الدول: الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، والنرويج، ونيوزيلندا.

ووفقًا لما ذكره تقرير لـ«بي بي سي»، تحت عنوان «سؤال وجواب – من هم شباب الصومال» نشرته في سبتمبر 2013، تعتبر دولة إريتريا، الداعم الوحيد لحركة الشباب في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، خاصة أن حركة الشباب لديها أزمات متواصلة مع إثيوبيا، والتي تتخذ الموقف نفسه من إريتريا.

وكانت إثيوبيا غزت الأراضي الصوماليَّة في عام 2006، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها انسحبت منها في 2009.
"