ad a b
ad ad ad

أهل القِبلة.. الناجون من «فتنة التكفير»

الإثنين 30/يوليو/2018 - 06:49 م
الأزهر الشريف
الأزهر الشريف
دعاء إمام
طباعة
على مدار السنوات الماضية، توالت محاولات جرّ مؤسسة الأزهر، لتكفير أفراد تنظيم داعش؛ إلا أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، كان دائم التأكيد على أنه لن يُفتي بتكفير «الدواعش»، أو تنظيم القاعدة، أو الجماعات المسلحة التي خرجت من عباءته وزعمت إقامة دولة الخلافة؛ لأنهم يدينون بالإسلام ويعتبرون من «أهل القِبلة».


فضيلة الإمام الأكبر
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
وردّ «الطيب»، خلال أعمال مؤتمر مكافحة الإرهاب، الذى أقيم مطلع ديسمبر 2014، بمشاركة أكثر من 120 عالمًا من مختلف الدول العربية والغربية وممثلين عن الكنائس، على الاتهامات الموجهة للأزهر بالرضا عن منهج «الدواعش»، قائلًا: «لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا فى فتنة التكفير.. نرفض تكفير داعش، ﻷن الأزهر يتبع المذهب الأشعرى الذي لا يكفر أحدًا طالما نطق الشهادتين واتبع القبلة، وهم من أهل القبلة، فلا يمكن تكفيرهم».

من هم أهل القِبلة؟ 
ترجع تلك التسمية إلى حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي أخرجه البخاري: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، وأوضح الفقهاء أن المقصود من هذا الحديث، أن المسلم الذي يصلي ويتوجه نحو الكعبة في قبلته، لا يجوز تكفيره أو إخراجه من الإسلام، إلا أن يأتي بأمر مُكفِر مثل إنكار الله ورسوله والملائكة. 

وأهل القبلة الذين تقدّم ذكرهم، قال عنهم أبو الحسن الأشعري، مؤسس الأشعرية (مدرسة إسلامية يتبعها الأزهر) قبل وفاته: «أشهد أني لا أكفر أحدًا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف في العبارات»؛ وهو ما يفسر بُعد المؤسسة الدينية عن تكفير أي من الجماعات.
الدكتور محمد زكي
الدكتور محمد زكي إبراهيم
كما أكد الدكتور محمد زكي إبراهيم، عضو المجلس الأعلىٰ للشؤون الإسلامية، وعضو الهيئة العليا للدعوة بالأزهر، في كتابه «أهل القبلة كلهم موحدون»، أن مساجد أهل القبلة كلها مساجد التوحيد، وليس منهم كافر ولا مشرك ولا وثني ولا مرتد وإن قصر أو أخطأ أو تجاوز، داعيًا إلى التقريب بين المذاهب ومنع تكفير الشيعة وغيرهم.

وأضاف «إبراهيم»، «ونحن نرمي إلي تجميع أهل القبلة، وتكتيل صف أهل لا إله إلا الله، وإن ترخصوا، أو تجاوزوا، فعلاج هذا بالتي هي أحسن يسير إن شاء الله، بقدر ما نحن ضد الشعوبية والعصبية والعرقية، والمذهبية التي تدمر الإسلام، وهي تظن أنها تحييه بادعاء السلفية، والطعن في كل من لم يذعن لدعاوي التفريق والتمزيق والتعويق والتخلف بكل أنواعه ومساويه».

واستهل عضو الهيئة العليا للدعوة بالأزهر، كتابه بمقدمة جاء فيها: «قد تفشى في الأمة اليوم وباء رهيب خطير، ينفث في ربوع الأمة مزيدًا من التفريق والتوزيع والتمريغ والفتن المجنونة باسم السلفية المظلومة وهم يزعمون أن هذا من الصحوة الدينية والمد الإسلامي، وقد راجت سوق صيارف هذه الدعوة بالعملات الزائفة مما يسمونه الشرك والكفر والوثنية والردة وزعموا لأنفسهم أنهم وحدهم أهل التوحيد وليس كذلك أحد غيرهم؛ ولذا استحلوا دماء بقية المسلمين وأموالهم وأعراضهم».

وفي رده على سؤال: «من أصول أهل السنة: عدم القطع لأحد من أهل القبلة بجنة أو نار، بل يرجون للمحسن الثواب، ويخافون على المذنب العقاب، فمن هم أهل القبلة ؟»، أكدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، بأن «أهل القبلة هم المسلمون».
الدكتور عبد الحليم
الدكتور عبد الحليم منصور
الأزهر وفتنة التكفير
وعن أسباب حرص الأزهر الدائم على رفض تكفير كل الجماعات الإرهابية، يقول الدكتور عبدالحليم منصور، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن التوسع في التكفير يؤدي إلى مزيد من العنف وسفك الدماء، إذ تعتمد الجماعات المتطرفة على أن كل من ليس على دينها يخرج من الملة وتستبيح دمه وعرضه وماله.

وأكد «منصور»، في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن ما يفعله الأزهر من شأنه حماية العقيدة؛ فالمؤسسة الدينية تنأى بالإسلام عن كل ما يعكر صفو السلم الاجتماعي والسلام العالمي، لا سيما أن فضيلة الإمام الأكبر يحاول تجميع الناس لا التفريق بينهم، ولا يتدخل في عقائد الناس؛ فيترك مردها لله سبحانه وتعالى، وحده يحاسب عباده. 

وأوضح عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن التزام الأزهر بالمنهج الأشعري يجعله حريصًا ألا يُحدث أمرًا من شأنه إلحاق الضرر بالمجتمع، والأشعرية منهج يلائم الواقع المعاصر للمسلمين، ولا يأخذ بالتكفير إلا في حدود قليلة وفي ظروف معينة، مفسرًا هذه الحدود بأنها: «إنكار ما عُلم من الدين بالضرورة، والجهر بذلك: مثل إنكار الصلاة والزكاة أو الجهر بالإلحاد، ففي هذه الحالات يتدخل الأزهر ويراجع من يفعل ذلك، وإن لم يرجع فإن الأزهر يعلن أن من قاله بذلك فحكمه كافر، أما المسائل التي تحتمل أكثر من رأي، فيقول إن المختلف فيه لا يُنكر، إنما يُنكر المتفق عليه من طوائف الأمة».
"