الأزهر معقل الوطنية.. حضور بارز في الثورات المصرية
الأحد 22/يوليو/2018 - 03:07 م
الأزهر الشريف
دعاء إمام
في صحن الجامع الأزهر، بقلب القاهرة، التف الطلاب حول العلماء، ليس لتلقي العلم فقط، وإنما لرفض الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798، فشهد الجامع بذلك اندلاع الشرارة الأولى للثورة على المحتل.
احتشد الجموع في الأزهر، يعلنون النفير ضد الحملة الفرنسية؛ فتزعَّم العلماء والمشايخ ثورة القاهرة الأولى في أكتوبر 1798، وألّف الأزهر لجنة لتنظيم الثورة، وبعد مقتل الجنرال «ديبوي» حاكم القاهرة، أطلق الضباط الفرنسيون الرصاص على الثوار؛ فاحتموا بالأزهر، ليشهد الجامع الأزهر واقعة اقتحامه بالخيول من قبل جنود الحملة الفرنسية فى الواقعة الشهيرة تاريخيًّا.
كان الدور المشرف للأزهر في ثورة القاهرة الأولى، سببًا في اضطهاده من قبل الفرنسيين وضربه بالمدافع من أعلى القلعة وإغلاقه وتشريد الطلاب والأساتذة، لكن هذه الانتهاكات لم تثنِ الأزهريين عن دورهم، إذ قدّم الأزهر عددًا من الشهداء، كما أقدمت قيادة الحملة الفرنسية على إعدام لفيف من العلماء والطلاب، لاسيما بعد مقتل الجنرال كليبر، على يد أحد طلاب الأزهر، سليمان الحلبي.
يوليو 1881
كان لشيخ الأزهر محمد العباسي المهدي، موقف من الثورة العرابية في 1881؛ إذ رفض الدعوة إلى تطبيق النظام الدستوري الذي طالب به أحمد عرابي، قائد الثورة، لكن علماء الأزهر لم يلتزموا برأي «المهدي»، وظهر دور الأزهر على الساحة السياسية مرة أخرى، بعدما شارك طلابه وأساتذته من أمثال محمد عبده، وأحمد عبد الغني، وعلي المليجي، ومحمود إبراهيم، في دعم وتأييد الثورة ضد الخديو توفيق.
وبعدما تطور الموقف في يوليو 1882، وأصدار الخديو مرسومًا يقضي بعزل «عرابي» من قيادة الجيش وعزل كبار قادة الجيش الموالين له، اجتمعت الجمعية الوطنية في مؤتمر حاشد، وكان من بين الحاضرين شيخ الأزهر الجديد «محمد الإنبابي» وكوكبة من علماء الأزهر، واختتم اللقاء بفتوى نصها: «الخديو توفيق قد مرق من الدين مروق السهم من الرمية».
ثورة 1919
كما استمر دور الأزهر في مقارعة الاستعمار البريطاني، وكان معقلًا للحركة الوطنية، فانطلقت منه جموع المصريين الذين خرجوا في ثورة 1919؛ ما أدى إلى إرسال طلب لـ«أبو الفضل الجيزاوي» شيخ الأزهر، من المندوب السامي البريطاني، لإغلاق الجامع؛ لمنع دخول الجماهير إليه، لكن «الجيزاوي» تحدى السلطات الاستعمارية ورفض غلق المسجد.
ونجح الأزهر في وأد الفتنة الطائفية التي أرادها المستعمر؛ فتقدم مشايخ الأزهر والقساوسة الصفوف الأولى، وقادوا ثورة 1919 بصورة وثقتها المراجع العالمية، وأصوات ما زالت تتردد حتى اليوم بــ«يحيا الهلال مع الصليب»؛ دليلًا على الوحدة.
ثورة 23 يوليو 1952
ومنذ أسقط الضباط الأحرار نظام الملكية عام 1952، في ثورة الثالث والعشرين من يوليو، ظهر موقف صدامي محدود بين بعض مشايخ الأزهر، والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بسبب قانون تطوير الأزهر، وجاءت بداية الصدام بدستور الوحدة (1960) الذي غابت فيه مادة الدين الإسلامي، ومن بعده قانون تنظيم شؤون الأزهر (1961) الذي فصل بين الجامع والجامعة، وأصبح الأزهر شبيه بوزارة حكومية.
ويرجع موقف الأزهر المحايد من ثورة 23 يوليو، إلى توقيت الثورة الذي أعقب الحربين العالميتين الأولي والثانية، والتي أعجزته عن القيام بتحقيق أهدافه، وعندما جاءت ثورة يوليو لم يكن هناك موقف معها أو ضدها.
ثورة 25 يناير
ومع خروج تظاهرات في 25 يناير 2011، تطالب الرئيس الأسبق، حسني مبارك، بالتنحي عن منصبه، راقب الأزهر نزول الملايين إلى الشوارع، وأصدر بيانًا يحث على ضبط النفس.
وانضم كثير من علماء الأزهر إلى المحتجين خلال الثورة، وبعد تنحي «مبارك» جمع الأزهر المثقفين بهدف وضع رؤية لمستقبل مصر السياسي، وأصدر الأزهر وثيقة من 11 نقطة في يونيو من العام نفسه تقترح احترام حرية الرأي والعقيدة وحقوق الإنسان في دولة مدنية يحميها الدستور والقانون.
ثورة 30 يونيو
لعل انسحاب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من حفل تنصيب الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان، محمد مرسي (2012_2013)، كان شاهدًا على الصدام مع جماعة الإخوان منذ البداية، إذ اعترض الإمام الأكبر على عدم تخصيص مقاعد له ولعلماء الأزهر بقاعة كبار الزوار، إضافة إلى مطالبته بالجلوس في الصفوف الخلفية، لكنه رفض وانسحب من جامعة القاهرة قبل بدء مراسم تنصيب «مرسي».
وبعد عام فشل من حكم الجماعة، خرج المصريون في الثلاثين من يونيو 2013، فى ثورة شعبية ضد حكم الإخوان، فانحاز الأزهر لرغبة الشعب، وظهر الشيخ أحمد الطيب ضمن رموز ومؤسسات الدولة التي شاركت في خطاب 3 يوليو، بعدما حاولت جماعة الإخوان، تصدير مشهد خروج الملايين في ميادين مصر المختلفة، بأنها حرب على الإسلام.
وأكد «الطيب» أن خروج المتظاهرين ليس له علاقة بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل هى مظاهرات لمواطنين عانت من سوء إدارة البلاد في عهد جماعة الإخوان، مشيرًا إلى ضرورة عدم الزج بالدين في الصراع السياسي، ووضع الوطن في المكانة العليا في القلوب والعقول، وإعلاء مصلحته فوق كل مصلحة، والبعد عن التشرذم والانقسام، حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.





