مواقف الأزهر الشريف في مواجهة تهويد القدس
السبت 12/مايو/2018 - 05:29 م

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر
وليد منصور
انْتَفضَ الأزهرُ الشريفُ ضِدّ القرار الأمريكي، الخاص بنقل السفارة الأمريكيَّة للقدس، وجَعْلها عاصمةً إسرائيل، فقد كان إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نقل السفارة للقدس، بمثابة الشرارةِ التي أشعلت غضب العالم الإسلامي تجاه السياسات الأمريكيَّة المنحازة لإسرائيل، ما جعل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، يتجه لاتخاذ العديد من القرارات الحاسمة، في مواجهة هذا القرار.
خطوات مهمة
فور إعلان القرار الأمريكي، قام الأزهر باتخاذ خطوات مهمة، هي: دعوة هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف؛ للانعقاد لجلسة طارئة لبحث تبعات الأمر، ودعوة مجلس حُكماء المسلمين لاجتماع طارئ، وعقد مؤتمرٍ عالمي عاجلٍ حول القدسِ بمشاركة كبارِ العلماء في العالم الإسلامي، ورجال الدين المسيحي، والمؤسسات الإقليميَّة والدوليَّة المعنيَّة؛ لبحث اتِّخاذ خطوات عمليَّة تدعم صمود الفلسطينيين، وتُبْطِل شرعيَّة هذا القرار المرفوض الذى يَمسُّ حقهم الثابت في أرضهم ومقدساتهم.
وطالب الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بجعل خُطبةِ الجمعةِ التالية على القرار الأمريكي في الجامع الأزهر عن القدس الشَّريف وهويته العربيَّة، وبالتوصية بتعميم تلك الخطبة في مصر كلها لإثبات الهويَّة الإسلاميَّة للقدس الشريف.
وأصدر الأزهر بيانًا شديدَ الَّلهجة ضد قرار ترامب، أكَّدَ خلاله أن اتِّخاذ هذه الخطوة من قبل الإدارة الأمريكيَّة، سيؤجج مشاعر الغضب لدى المُسلمين في العالم أجمع، كما أِنَّه يُهدد السلام العالمي، ويُعزِّز التوتر والانقسام والكراهية عبر العالم، ويُزيد العُنف ضد العالم الغربي.
وحذَّر «الطيب» من أن إجراءات نقل السفارة الأمريكيَّة للقدسِ سيفتح «أبواب جهنم» على الغرب قبل الشرق، مؤكدًا أن الانحياز الفج لإسرائيل، ومنع تنفيذ القرارات الأمميَّة الرامية لردعها ووقف جرائمها، شجعها على التمادي في السياسات الإجراميَّة بحق الإنسان، والأرض، والمقدسات، في فلسطين المحتلة، وأفقد شعوب العالم الثقة في نزاهة المجتمع الدولي، وكان أحد أهم الأسباب التي غذَّت الإرهاب في العالم.
ولم يكتفِ الطيب باتخاذ هذه المواقف فقط، بل رفضَ استقبال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي في لقاء كان مرتقبًا ومحددًا له من قبل، كرد فعل على اعتراف واشنطن بالقدسِ، عاصمةً لإسرائيل.
وأكد شيخ الأزهر في البيان الذي رفض فيه استقبال «بنس»، أن السفارة الأمريكيَّة بالقاهرة قد تقدمت بطلبٍ رسمي؛ لترتيب لقاءٍ لنائبِ الرئيس الأمريكي معه خلال زيارته للمنطقة، ووافق الإمام في حينها على ذلك؛ إلا أنه بعد القرار الأمريكي المُجْحِف والظالم، بشأن القدس، أعلن رفضه الشديد والحاسم لهذا اللقاء، مؤكدا أن الأزهر لا يُمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ، ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم.
عام القدس الشريف
وعقدَ شيخُ الأزهرِ مؤتمرًا عالميًّا، بحضور العديدِ من رؤساءِ العالمِ وقادة البرلمانات والرأي، في العالم العربي والإسلامي والغربي، أكد خلاله إعلان العام الحالي 2018 عامًا للقدس الشريف؛ تعريفًا بالقدس ودعمًا ماديًّا ومعنويًّا للمقدسيين، مُطالبًا المنظمات الإسلاميَّة كجامعةِ الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والمنظمات العربية ومنظمات المجتمع المدني بالتعريف بالقدس من خلال نشاط ثقافي وإعلامي متواصل.
وقال خلال المؤتمر: «إن كلَّ احتلالٍ إلى زوالٍ إنْ عاجلًا أو آجلًا، وهذه حقيقة كونيَّة وسُنَّة إلهيَّة، واسألوا التاريخ، ولكن نحن من صنعنا هزيمتنا بأيديا، وتعاملنا بالهزل في مواقف الجد، وكنا أمه متفرقة، مشددًا أن عليه أن يعيد حساباته ويُفكِّر ألف مرَّة قبل أن يُمارس عربدته وطُغيانه واستهتاره واستبداده».
ومِنْ ضِمن التوصيات، التي أصدرها شيخ الأزهر في مؤتمر القدس، أنه على الأمَّة العربيَّة أن تنبه نُخبها أنها أُمَّة مستهدفة في دينها وعيشها وفي أنفسها وقدراتها، وليس أمامها إلا أن تعتمد على سواعدها، مُضيفًا أن الأزهر دعم القدس منذ حرب 48 وحتى عام 1988 بـ11 مؤتمرًا، حضر فيه علماء المسلمين من كل أنحاء العالم، وقدم أبحاثًا في غاية الدقة عن المدينة.