«البهرة».. هنود ينشرون التَّشَيُّع في مصر
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 09:07 م

البهرة
عبدالهادي ربيع
تحتضن القاهرة، عاصمة الاعتدال والوسطية، الأفكار والمذاهب الدينية كافة؛ ففيها تجد الفقهاء بمذاهبهم وآرائهم المختلفة، والمتصوفة بطرقهم المتعددة، ولم تتوقف قاهرة المعز في تنوعها وثرائها عند حدِّ قبول أهل السنة فقط، بل تعدى الأمر إلى تعايش الطوائف الشيعية على أرضها بسلام ودون خوف من إضطهاد أو ممارسة أي نوع من المضايقات ضدهم.
ويُعد الشيعة «البهرة» من أشهر الطوائف التي عاش أتباعها في القاهرة منذ عقود بعيدة مضت، ولفظة «البهرة» تعني باللغة الهندية القديمة «التاجر»؛ إذ يقوم اقتصاد أتباع هذه الطائفة بالأساس على مهنة التجارة، خاصة في المنتجات الغذائية، وهي طائفة ترفض العمل في السياسة.
محاولات التسلل
وترجح المصادر التاريخية إلى أن «البهرة» ينتمون إلى الشيعة الذين استوطنوا مصر إبَّان العصر الفاطمي، إلا أنهم هاجروا إلى جنوب الهند بعد سقوط الحاكم الفاطمي على يد صلاح الدين الأيوبي، وتحول القاهرة إلى المذهب السُّني.
ولأن «القاهرة» مدينة مقدسة في مذهب الشيعة «البهرة»؛ فقد سعى أتباع هذه الطائفة إلى التقرب من الدولة المصرية في مختلف العصور للحصول على امتيازات تمكنهم من إقامة شعائرهم الخاصة على مرأى ومسمع من المصريين.
وقد بدأت محاولات التسلل في العصر الحديث منذ ثورة 23 يوليو من العام 1952؛ إلا أن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الشهيرة بـ«حادثة المنشية» قضت على هذه المحاولات؛ فقد ضيَّق نظام عبدالناصر عقب هذه الحادثة الخناق على الجماعات الإسلامية بما فيها طائفة «البهرة»، ثم جاءت المحاولة الثانية في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، الذي أعاد الجماعات الإسلامية إلى الحياة مرة أخرى بُغية مواجهة الشيوعية، واستضاف شاه إيران الشيعي بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الخميني، وهو ما أعطى مساحة من القبول الاجتماعي لطائفة «البهرة»، فشارك أتباعها في ترميم الجامع «الأنور» بالقاهرة، وافتتح عام 1981 بحضور «السادات»، إضافة إلى ترميم مسجد السيدة زينب، وإهداء مقصورة وقبة ذهبية لضريح الإمام الحسين - رضى الله عنه - في مسجده الشهير بالقاهرة.
توازنات عديدة
وتعامل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، مع «البهرة» بنوع من الحذر الممزوج بتوازنات عدة؛ إذ لم يسمح لهم بممارسة طقوسهم علانية، ومنعهم من الاحتكاك المباشر مع المصريين، وفي الوقت ذاته حرص على لقاء زعيم الطائفة «محمد برهان الدين» أكثر من مرة، كان أولها في العام 2005، والثانية في مايو عام 2007.
ولم يكتفِ «مبارك» بمجرد اللقاءات العابرة بل حرص على تكريم «برهان الدين» ومنحه «وشاح النيل» (ثالث أرفع الأوسمة المصرية بعد قلادتي النيل والجمهورية)، وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للسياحة الدينية الشيعية وشجعها على القدوم إلى مصر، وجعل الكثير من رجال الأعمال التابعين لها يستثمرون أموالهم في القاهرة، خاصة بمدينة السادس من أكتوبر.
وبعد حكم جماعة الإخوان لمصر وحدوث مضايقات للشيعة في مصر، طالب ما عُرف حينها بمجلس شورى العلماء، بإبلاغ المواطنين عن أماكن وجود الشيعة؛ التي انتهت بمقتل حسن شحاتة الأب الروحي للشيعة في مصر، وأربعة آخرين؛ ما أدى إلى انزواء «البهرة» خوفًا على أنفسهم من بطش الإخوان.
وأمام بطش الإخوان، وملاحقتهم لأي شيعي موجود على أرض مصر خاصة «البهرة»؛ كان من الطبيعي أن ينضم المصريون المنتمون لهذه الطائفة لجموع الشعب المصري المؤيدة لثورة 30 من يونيو فور اندلاعها.
ويُمارس «البهرة» احتفالاتهم سرًّا عقب صلاة الفجر؛ لتجنب الملاحقات الأمنية، خاصةً في شهر مارس من كل عام، ويتمركزون في القاهرة الفاطمية، وشارع سوريا بحي المهندسين، الذي به مقر إدارة شؤون الطائفة، ويمكن التعرف عليهم من خلال مظهرهم الخارجي الذي لا يتغير (قميص باكستاني قصير تحته سروال، وعلى رأسهم غطاء بألوان مختلفة).
خارجين عن الإسلام
يرى الأزهر الشريف أن «البهرة» من أكثر الطوائف الشيعية تشددًا، كما يحرص على حماية شباب المجتمع من خطورة انتشار هذا الفكر، رغم كونه لا يكفرهم، وأشار إلى ذلك الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، في تصريح سابق له اعتبر فيه أَتْبَاع هذه الطائفة خارجين عن الإسلام، مفتيًا بعدم جواز الصلاة خلفهم، أو الزواج منهم، وذلك بسبب عقيدتهم التي تخالف الشريعة الإسلامية.
ويختلف «البهرة» عن بقية الشيعة في أنهم لا يُقيمون الصلاة في مساجد المسلمين (وإن كانت صلاتهم لا تختلف كثيرًا عن بقية الفرق الشيعية الأخرى)، وذلك لاعتقادهم بأن صلاة الجماعة عطلت عقب دخول الإمام الإسماعيلي الطيب بن الآمر «الستر» سنة 525 هجريًّا؛ كما أنهم يتخذون من «الروضة الطاهرة» (تقع بمدينة بومباي في الهند، ومدفون فيها الداعي الحادي والخمسين طاهر الدين) قبلة لصلاتهم على خلاف ما اتفق عليه عموم المسلمين، ولا يعتقدون بوجوب الصلاة إلا في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، ولا يصلون إلا في «الجامع خانة» الذي يخصصونه لهم، ويطردون من الطائفة من امتنع عن الصلاة في خانتهم في هذه الأيام العشرة.
ويتعمد «البهرة» تقديم أعيادهم والحج إلى البيت الحرام (الذي يرونه رمزًا للإمام علي بن أبي طالب) يومًا أو يومين عن سائر المسلمين، كما يقدسون كل ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد، ويدفعون أموالًا طائلة لترميمها، إضافةً إلى إباحة أخذ الربا، وإعطائه صراحة.
نبذة تاريخية
ويصنف «البهرة» على أنهم من الشيعة الإسماعيلية، حيث يتفقون معهم في كثير من المبادئ والعقائد؛ إلا أن الإسماعيلية تصفهم بأنهم «مستعلية» نسبة إلى الإمام المستعلي، ويصل عدد أتباعها في العالم إلى قرابة مليون ونصف المليون، ومركزهم الرئيسي في مدينة بومباي الهندية.
وتتفرع طائفة «البهرة» إلى فرقتين، «الداودية» نسبة إلى قطب شاه داود، وينتشرون في الهند وباكستان، و«السليمانية» نسبة إلى سليمان بن حسن، ويتمركزون في اليمن، وبدأ انتشارهم في العصر الحديث في غالبية الدول الخليجية والعربية، مع هجرات الهنود والباكستانيين للعمل، حتى تجمعت أعداد كثيرة منهم في دولة الإمارات العربية، خاصةً دبي التي تُعتبر المركز الجديد لهذه الطائفة.
ويُعد الشيعة «البهرة» من أشهر الطوائف التي عاش أتباعها في القاهرة منذ عقود بعيدة مضت، ولفظة «البهرة» تعني باللغة الهندية القديمة «التاجر»؛ إذ يقوم اقتصاد أتباع هذه الطائفة بالأساس على مهنة التجارة، خاصة في المنتجات الغذائية، وهي طائفة ترفض العمل في السياسة.
محاولات التسلل
وترجح المصادر التاريخية إلى أن «البهرة» ينتمون إلى الشيعة الذين استوطنوا مصر إبَّان العصر الفاطمي، إلا أنهم هاجروا إلى جنوب الهند بعد سقوط الحاكم الفاطمي على يد صلاح الدين الأيوبي، وتحول القاهرة إلى المذهب السُّني.
ولأن «القاهرة» مدينة مقدسة في مذهب الشيعة «البهرة»؛ فقد سعى أتباع هذه الطائفة إلى التقرب من الدولة المصرية في مختلف العصور للحصول على امتيازات تمكنهم من إقامة شعائرهم الخاصة على مرأى ومسمع من المصريين.
وقد بدأت محاولات التسلل في العصر الحديث منذ ثورة 23 يوليو من العام 1952؛ إلا أن محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الشهيرة بـ«حادثة المنشية» قضت على هذه المحاولات؛ فقد ضيَّق نظام عبدالناصر عقب هذه الحادثة الخناق على الجماعات الإسلامية بما فيها طائفة «البهرة»، ثم جاءت المحاولة الثانية في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، الذي أعاد الجماعات الإسلامية إلى الحياة مرة أخرى بُغية مواجهة الشيوعية، واستضاف شاه إيران الشيعي بعد نجاح الثورة الإسلامية بقيادة الخميني، وهو ما أعطى مساحة من القبول الاجتماعي لطائفة «البهرة»، فشارك أتباعها في ترميم الجامع «الأنور» بالقاهرة، وافتتح عام 1981 بحضور «السادات»، إضافة إلى ترميم مسجد السيدة زينب، وإهداء مقصورة وقبة ذهبية لضريح الإمام الحسين - رضى الله عنه - في مسجده الشهير بالقاهرة.
توازنات عديدة
وتعامل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، مع «البهرة» بنوع من الحذر الممزوج بتوازنات عدة؛ إذ لم يسمح لهم بممارسة طقوسهم علانية، ومنعهم من الاحتكاك المباشر مع المصريين، وفي الوقت ذاته حرص على لقاء زعيم الطائفة «محمد برهان الدين» أكثر من مرة، كان أولها في العام 2005، والثانية في مايو عام 2007.
ولم يكتفِ «مبارك» بمجرد اللقاءات العابرة بل حرص على تكريم «برهان الدين» ومنحه «وشاح النيل» (ثالث أرفع الأوسمة المصرية بعد قلادتي النيل والجمهورية)، وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للسياحة الدينية الشيعية وشجعها على القدوم إلى مصر، وجعل الكثير من رجال الأعمال التابعين لها يستثمرون أموالهم في القاهرة، خاصة بمدينة السادس من أكتوبر.
وبعد حكم جماعة الإخوان لمصر وحدوث مضايقات للشيعة في مصر، طالب ما عُرف حينها بمجلس شورى العلماء، بإبلاغ المواطنين عن أماكن وجود الشيعة؛ التي انتهت بمقتل حسن شحاتة الأب الروحي للشيعة في مصر، وأربعة آخرين؛ ما أدى إلى انزواء «البهرة» خوفًا على أنفسهم من بطش الإخوان.
وأمام بطش الإخوان، وملاحقتهم لأي شيعي موجود على أرض مصر خاصة «البهرة»؛ كان من الطبيعي أن ينضم المصريون المنتمون لهذه الطائفة لجموع الشعب المصري المؤيدة لثورة 30 من يونيو فور اندلاعها.
ويُمارس «البهرة» احتفالاتهم سرًّا عقب صلاة الفجر؛ لتجنب الملاحقات الأمنية، خاصةً في شهر مارس من كل عام، ويتمركزون في القاهرة الفاطمية، وشارع سوريا بحي المهندسين، الذي به مقر إدارة شؤون الطائفة، ويمكن التعرف عليهم من خلال مظهرهم الخارجي الذي لا يتغير (قميص باكستاني قصير تحته سروال، وعلى رأسهم غطاء بألوان مختلفة).
خارجين عن الإسلام
يرى الأزهر الشريف أن «البهرة» من أكثر الطوائف الشيعية تشددًا، كما يحرص على حماية شباب المجتمع من خطورة انتشار هذا الفكر، رغم كونه لا يكفرهم، وأشار إلى ذلك الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، في تصريح سابق له اعتبر فيه أَتْبَاع هذه الطائفة خارجين عن الإسلام، مفتيًا بعدم جواز الصلاة خلفهم، أو الزواج منهم، وذلك بسبب عقيدتهم التي تخالف الشريعة الإسلامية.
ويختلف «البهرة» عن بقية الشيعة في أنهم لا يُقيمون الصلاة في مساجد المسلمين (وإن كانت صلاتهم لا تختلف كثيرًا عن بقية الفرق الشيعية الأخرى)، وذلك لاعتقادهم بأن صلاة الجماعة عطلت عقب دخول الإمام الإسماعيلي الطيب بن الآمر «الستر» سنة 525 هجريًّا؛ كما أنهم يتخذون من «الروضة الطاهرة» (تقع بمدينة بومباي في الهند، ومدفون فيها الداعي الحادي والخمسين طاهر الدين) قبلة لصلاتهم على خلاف ما اتفق عليه عموم المسلمين، ولا يعتقدون بوجوب الصلاة إلا في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، ولا يصلون إلا في «الجامع خانة» الذي يخصصونه لهم، ويطردون من الطائفة من امتنع عن الصلاة في خانتهم في هذه الأيام العشرة.
ويتعمد «البهرة» تقديم أعيادهم والحج إلى البيت الحرام (الذي يرونه رمزًا للإمام علي بن أبي طالب) يومًا أو يومين عن سائر المسلمين، كما يقدسون كل ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد، ويدفعون أموالًا طائلة لترميمها، إضافةً إلى إباحة أخذ الربا، وإعطائه صراحة.
نبذة تاريخية
ويصنف «البهرة» على أنهم من الشيعة الإسماعيلية، حيث يتفقون معهم في كثير من المبادئ والعقائد؛ إلا أن الإسماعيلية تصفهم بأنهم «مستعلية» نسبة إلى الإمام المستعلي، ويصل عدد أتباعها في العالم إلى قرابة مليون ونصف المليون، ومركزهم الرئيسي في مدينة بومباي الهندية.
وتتفرع طائفة «البهرة» إلى فرقتين، «الداودية» نسبة إلى قطب شاه داود، وينتشرون في الهند وباكستان، و«السليمانية» نسبة إلى سليمان بن حسن، ويتمركزون في اليمن، وبدأ انتشارهم في العصر الحديث في غالبية الدول الخليجية والعربية، مع هجرات الهنود والباكستانيين للعمل، حتى تجمعت أعداد كثيرة منهم في دولة الإمارات العربية، خاصةً دبي التي تُعتبر المركز الجديد لهذه الطائفة.