يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

أستاذ دراسات إيرانية يبيّن مخططات طهران المستقبلية في المنطقة العربية

الأحد 29/أبريل/2018 - 03:37 م
 الدكتور سعيد الصباغ
الدكتور سعيد الصباغ أستاذ الدراسات الإيرانية
إسلام محمد
طباعة
في الوقت الذي تتمدد فيه الأذرع الشيعية في أنحاء العالم العربي، تبرز الحاجة إلى تسليط الضوء على أبعاد الدور الإيراني ودوافعه، ومدى خطورته وتأثيره وتداعياته على دول المنطقة، وفي حوار لـ«المرجع» مع الدكتور سعيد الصباغ، أستاذ الدراسات الإيرانية في كلية الآداب بجامعة عين شمس، أوضح أن التوسع الإيراني في المنطقة العربية جزء أساسي من استراتيجيتها، التي تنتهجها لحماية نظامها، الذي قد ينهار حال تخلت عن دعم الأذرع الشيعية في الدول العربية.

وأشار الصباغ، إلى أن اليمن له أهمية خاصة في السياسات الخارجية الإيرانية في الماضي والحاضر، فهو الجبهة الجنوبية التي تشن منها إيران حربها غير المباشرة على السعودية عن طريق ميليشيات الحوثي؛ لتهديد نظامها، وتقويض الأمن العربي، واستخدام أتباعها في اليمن وغيره في ممارسة ضغوط على الدول العربية والغربية، واستخدامهم كأوراق ضغط أثناء المساومات والمفاوضات في الملفات المختلفة.

وإلى نص الحوار:
_ في ظل اشتعال الأوضاع في اليمن حاليًّا، وعلاقة إيران بالصراع الدائر هناك، هل لك أن توضح لنا الأهمية التي يمثلها اليمن بالنسبة إلى إيران؟
تكمن أهمية اليمن بالنسبة لطهران في عاملين؛ الأول: أهمية سياسية-اقتصادية، تتعلق بمضيق باب المندب، الذي يمثل أحد أهم معابر الطاقة في العالم بدءًا من مضيق هرمز وصولًا لقناة السويس، مرورًا بمضيق عدن، ويحظى اليمن باهتمام تاريخي منذ عهد محمد رضا شاه؛ ولذا فإننا نشير في هذا الصدد إلى أنه أرسل قوات لتدريب الجيش اليمني البسيط؛ خوفًا من تزايد قوة اليمن الجنوبي، الذي كانت تحكمه نظم يسارية.
والعامل الثاني يتمثل في الأهمية المذهبية؛ نظرًا لأنهم يتصورون أن أكثر من 40% من يمن الشمال شيعة؛ ما يمثل أرضية خصبة لتكوين الجيوب والميليشيات المسلحة، لتنفيذ الأهداف الإيرانية، وهذا ما حدث بالفعل، وقد اهتمت طهران باليمن في توقيت كانت صنعاء تشعر فيه بأنها منبوذة خليجيًّا، وغير مَرْضي عنها عربيًّا، وبسبب موقف علي عبدالله صالح من غزو العراق للكويت، قُدم له جميع أوجه الدعم المدروس، الذي يصب مباشرة في صالح المواطن اليمني، والأخطر إيفاد مئات بل آلاف اليمنيين للدراسة في إيران؛ ما كوّن الكوادر المؤدلجة التي تستند إليها إيران الآن في تحركاتها في اليمن.

_ ما أسباب استمرار الدعم الإيراني للحركة الحوثية في اليمن رغم مرورها بأزمة اقتصادية شديدة؟
يعود ذلك إلى أن الحركة جزء من استراتيجية بناء الدور وتوسيع دائرة النفوذ إقليميًا، بعمل كماشة على السعودية من جميع الاتجاهات، والبدء في استنزاف قدراتها بعنف وتدرج؛ للقضاء على نظامها السياسي، وأدى ذلك الدعم في أحد أسبابه إلى تغير موقف السعودية في سوريا.
أما الهدف الأكبر، فهو تحويل الجزء الشمالي من اليمن إلى قاعدة إيرانية، تقابلها أخرى على الجانب الآخر من القرن الأفريقي كمرحلة أولى، ثم العمل على تماهي الميليشيات الحوثية مع قضايا تشغل المواطن اليمني، التي تتم تغذيتها الآن، مثل استعادة نجران وعسير وجازان من السعودية، رغم الاتفاقيات، ولكنها ستستند إلى الشيعة الإسماعيلية الموجودة في نجران، فضلًا عن أن اليمن يمثل ورقة ضغط إقليمية إضافية يمكن لطهران استخدامها دوليًّا.

_ البعض يُرجع الاهتمام الإيراني باليمن لأنه كان جزءًا من الإمبراطورية الفارسية في الماضي؟
هذا صحيح، لكن التاريخ لم يعد صكًّا لإثبات حقوق جغرافية، هذا كلام تاريخي ومهم ولكنه مجرد مقدمة أو تمهيد، يستند إليه في بناء نقاط تفاهم مشتركة، فالدعم الإيراني لليمن يمثل جزءًا من الاستراتيجية الإيرانية.

_ هل نستطيع اعتبار الحوثيين مُعَبِّرين عن طائفة الشيعة الزيدية في اليمن؟
الطائفة الزيدية هي الأكثر اعتدالًا، والأقرب إلى مذاهب أهل السُّنَّة، ولكن تحول العدد الأكبر من الميليشيات الحوثية إلى الاثني عشرية الراديكالية جعل الحوثيين عملاء لنظام دموي في طهران، فالحوثيون لا يمثلون الزيدية في اليمن منذ أن رفعوا الشعارات الإيرانية الجوفاء، فهم يقتلون أشقاءهم في الوطن، ويهتفون: «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل».

_ هل نستطيع القول إنهم احتكروا الحديث باسم الصوت الزيدي بالقوة؟
في الوقت الحاليّ أقول وبثبات: أجل، احتكروا الصوت الزيدي بالقوة؛ لأنه صوت فقير ضعيف جاهل، يعاني التهميش والازدراء.

_ إيران لم تساعد الحوثيين بميليشيات شيعية كما فعلت في سوريا رغم التراجع الكبير الذي يحدث لهم على جبهات القتال.. هل يعني هذا أن اليمن أقل أهمية من سوريا بالنسبة لطهران؟
لا أعتقد ذلك؛ لأن الأمر في اليمن يختلف عن سوريا، ولا يحتاج إلى ذلك، فالسعودية طردت أكثر من مليون يمني بعد غزو الكويت، فتكونت كتلة بشرية أو قاعدة شعبية عريضة ضد السعودية، ثانيًا: الحوثيون اشتبكوا مع الحكومة عام 2009، وكبدوها خسائر فادحة، فالأمر بالنسبة لإيران كان جاهزًا ومُعدًّا لاستعمال الموقف إقليميًّا، والاشتباك المباشر مع السعودية، فاقتصر الدعم على تزويدهم بالسلاح والخطط فقط.

_ وفيما يخص سوريا.. هل وجود النظام السوري شرطًا لبقاء حزب الله في لبنان؟
سوريا وحزب الله كتلة استراتيجية متكاملة، بَنَت عليها إيران ما سمَّته محور المقاومة، وسوريا جزء من استراتيجية إيران شرق المتوسط، والجزء الثاني حزب الله، ولو تعرضت هذه الجزئية للتفكيك لانهارت أهداف إيران هنا، وهذا في حد ذاته بات أمرًا صعبًا بعد التهام إيران للعراق، وتحوله إلى معبر لجميع أوجه الدعم لمنطقة شرق المتوسط.

_ ما مدى صحة وجود مخطط لتشييع سوريا من خلال توطين وتجنيس الميليشيات الشيعية هناك؟
هذا صحيح بالتأكيد، وقد بدأ هذا المخطط بالفعل، ولكن هناك مبالغة في الأمر بعض الشيء.

_ إلى أي مدى يمكن أن يتراجع الدعم الإيراني للميليشيات بعد الضغوط الداخلية والأزمة الاقتصادية؟
لن يتراجع الدعم الإيراني للميليشيات على الإطلاق، والربط بينه وبين الأوضاع الداخلية من قِبَل معارضي النظام هو اختلاف على ترتيب الأولويات؛ فإيران لديها ثروات هائلة وصناعات كبرى، وهي ثالث أكبر مشترٍ للذهب في العالم بعد الصين وإسرائيل، إضافة إلى ما تدرّه تجارة المخدرات والسلاح، ولن يتراجع الدعم إلا إذا تعرضت طهران لخطر يفوق مخاطر دعمها للميليشيات المسلحة؛ إذ لو أوقفت الدعم لانهارت وفقدت أوراق اللعبة، وتقلص دورها الإقليمي والدولي، حسب قوله.
"