ad a b
ad ad ad

النفوذ السلفي بفرنسا يثير تخوفات صناع القرار

الخميس 12/يوليو/2018 - 06:22 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
نهلة عبدالمنعم
طباعة
يتعاظم النفوذ السلفي بمنهجه الأصولي الصارم داخل أرجاء المجتمع الفرنسي، ما يزيد من تخوفات من اعتادوا على الليبرالية المنفتحة تجاه قيمهم وعاداتهم الأصيلة.

وظهر هذا التخوف في تقرير لجنة مجلس الشيوخ الفرنسي الذي نُشِرَ منذ بضعة أيام عبَّر فيه صناع القرار عن قلقهم المفرط على خلفية تقصير الجهات الأمنية من وجهة نظرهم في وضع خطة محكمة لمكافحة الإرهاب، وبناء عليه قررت اللجنة توجيه السلطات لبعض الإجراءات التي بلغ عددها حوالي 63 من شأنها الحد من التطرف داخل المجتمع.


التيار السلفي في
التيار السلفي في فرنسا
وكانت مناهضة السلفية والفكر الأصولي، اللذين تعتبرهما اللجنة مصدر إلهام وتجنيد للفكر المتطرف والتهديد الإرهابي في فرنسا، من أهم التوصيات التي تم توجيهها للحكومة؛ حيث ذكر السيناتور، «برنار كازو» أن العمليات الإرهابية لاتزال تهدد الدولة كما أن تنظيم داعش لم يتم القضاء عليه بشكل كامل بعد؛ لافتًا إلى خطورة الذئاب المنفردة واعتماد التنظيم على استراتيجية التعاون مع عناصر متعددة منتشرة في العالم.

كما أورد التقرير إحصائية مفادها أن فرنسا تمثل أرضًا خصبة لاحتضان الفكر الداعشي؛ حيث تُظهِر البيانات أن 132 من أصل 2358 من المساجد الفرنسية تخضع لسيطرة «التيار السلفي» كما تشهد تلك المساجد زيادة مضطردة في أعداد مرتاديها.
مانويل فالس
مانويل فالس
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يحذر فيها الساسة من تنامي التيار السلفي في فرنسا، فلقد سبق ودعا رئيس الوزراء، «مانويل فالس» في 20 يوليو عام 2016 إلى ضرورة سن قانون يعتبر الجماعات السلفية تنظيمات غير قانونية تمهيدًا لمحاسبتهم على نشر الراديكالية في فرنسا.

وأشار «فالس»، مسبقًا إلى خطورة السلفيين على أصول المعتقدات والأطروحات للمسلمين بفرنسا، كما حثهم على ضرورة أن يتصدوا بأنفسهم لهذا التيار الذي يستمد أغلب أحكامه من تفسيرات «ابن تيمية» وغيره من الشيوخ الذين يعتمدون على تفسيرات خاصة بهم حول الجهاد. 

وعلى الرغم من عدم وجود قانون أو قرار رسمي ضد هؤلاء فإن الدولة تجتهد بشكل كبير في هذا الملف، ففي سبتمبر 2016 قررت السلطات إغلاق مسجد في بلدية «إيكويفيلي» التابعة لإدارة «إيفلين» بعد اتهام القائمين عليه باستخدامه لنشر السلفية، والدعوة إلى التمييز والكراهية والعنف.

برنار كازينوف
برنار كازينوف
وفي أغسطس 2016، قرر وزير الداخلية، «برنار كازينوف» إغلاق 20 مسجدًا يسيطر عليهم السلفيون، كما قررت السلطات تكثيف المراجعة لكشوف التمويل الخاصة بالمساجد، التي يطال القائمين عليها بعض الشبهات الراديكالية.

الهادي دودي
الهادي دودي
فيما قررت السلطات في فبراير الماضي ترحيل الداعية السلفي «الهادي دودي» إلى موطنه الأصلي الجزائر، بعد تحريات أثبتت استغلاله لمنصبه كإمام لمسجد السنونة في مارسيليا، للدعوة إلى خطب التمييز ضد المرأة التي يتبناها التيار السلفي.

وفي إطار دور الثقافة والتعليم في منهج الدولة لمحاربة السلفية، فقد قامت مدرسة للمستوى المتوسط تدعى «Collège Saint-Chef»، في مايو الماضي بعمل ورش توعوية يتم فيها إلقاء محاضرات للطلبة عن مخاطر الفكر السلفي، وذلك خوفًا على المراهقين الذين يتميزون بحب الاستطلاع من الوقوع فريسة لدعاة التطرف.

 الجماعات السلفية
الجماعات السلفية في فرنسا
كما ذكرت دراسة عن السلفيَّة نشرها مركز «Pew» للأبحاث أن الجماعات المتطرفة تستخدم المواقع والمنتديات الإلكترونية بشكل أساسي لنشر الآراء المتشددة لعلماء الجهاد، فطبقَا للدراسة تستغل التنظيمات شبكة الإنترنت للترويج لنفسها، وتحميل مقاطع الفيديو الخاصة بمؤتمراتها وإنشاء صفحات على فيس بوك مخصصة لروادها الرئيسيين؛ وذلك لتدعيم الولاء لها وتجنيد المزيد من العناصر.

في الوقت نفسه، سمحت شبكة الإنترنت وغيرها من التقنيات الجديدة للجماعات الراديكالية في أوروبا بالوصول إلى المسلمين في جميع أنحاء العالم؛ حيث تقوم بعض المجموعات التي تتخذ من أوروبا مقرًا لها بتصدير الأفكار والأساليب والمال إلى البلدان ذات الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأماكن أخرى. 

واتخذت الدراسة جماعة الإخوان كمثال على الجماعات الراديكالية، التي تستخدم فرعها في أوروبا للدعاية وجمع الأموال، إضافة إلى التوغل في المجتمعات للتأثير على المناقشات والأيديولوجيات حول المشاركة السياسية والديمقراطية في الشرق الأوسط.

كما أشارت دراسة بعنوان «Salafis Movements in France» نشرها المعهد الأوروبي للدراسات إلى خطورة عمليات التجنيد وغسيل المخ الذي تقوم به الجماعات السلفية المنتشرة في فرنسا على سلامة وأمان المجتمع.

فذكرت الدراسة بناء على دراسات الحالة التي قامت بها أن السلفيين يعتمدون على بعض المصطلحات والأفكار المحددة التي يتبعونها أولا لإفقاد العنصر ولاءه لدولته الأم، مثل إقناعه بأن فرنسا بلد الكفار، وإنها لا تحترم المسلمين ويجب قتالها، وبعد ذلك تأتي خطوة إقناعه بأفكار الجهاد الخاصة بهم.
"