قمع مستمر.. دلالات استهداف المخرجين الإيرانيين في جمهورية الملالي
يومًا بعد يوم، تتزايد جرائم استهداف مخرجي الأفلام والمسلسلات في جميع أنحاء الجمهورية الإيرانية، ما بين القتل والاعتقال والتعذيب وغيرها، وفي أغلب الأوقات يتم توجيه الاتهام إلى نظام الملالي، لرؤيته أن بعض العاملين بالفن بشكل دائم دعمًا للمتظاهرين في حال اندلعت احتجاجات في البلاد، وبعضهم يدشن أعمالًا خارج البلاد تنتقد نظام الوالي الفقيه، ولطالما تعرضت جمهورية المرشد لانتقادات وإدانات من المنظمات الدولية والحقوقية المعنية جراء استمرار قمعه لأي معارض لسياساته، إلا أن النظام الإيراني يضرب بجميع هذه الإدانات عرض الحائط.
مقتل مخرج إيراني
يأتي ما تقدم، في ضوء حادثة غامضة أثارت جدلًا داخل وخارج إيران في 15 أكتوبر 2023، متعلقة بمقتل المخرج الإيراني الشهير «داريوش مهرجوئي» صاحب الـ 83 عامًا وزوجته «وحيدة محمدي فر»، التي تعمل بمجال كتابة السيناريو والسينوغرافيا، وتبلغ من العمر 54 عامًا، في منزلهما قرب العاصمة طهران.
وتجدر الإشارة أن حادثة القتل وقعت بعد أيام قليلة من مقابلة أجرتها «وحيدة محمدي» مع صحيفة اعتماد الإيرانية وقالت فيها إنها تعرضت للتهديد من قبل أحد الأشخاص وأن منزلها تعرض للسرقة، ولكنها لم تكشف أية تفاصيل أخرى وقتها.
وأفادت السلطات الإيرانية بأن المخرج وزوجته قتلا نتيجة تعرضهما لطعنات بالسكين وجروح متعددة في رقبتيهما، وأنها تجري التحقيقات لكشف ملابسات هذه الجريمة، وبعد أربعة أيام، أعلنت الشرطة الإيرانية في 19 أكتوبر الجاري، أنها أوقفت "القاتل الرئيسي" لـ «مهرجوئي» وزوجته، ومع ذلك لم تقدم السلطات الإيرانية أي معلومات أخرى بشأن اسم القاتل أو معلومات عنه أو دوافعه لارتكاب هذه الجريمة، مما دفع عدد من الناشطين الإيرانيين لتوجيه انتقادات إلى النظام الإيراني واتهامه بأنه وراء هذه الحادثة.
انتهاك مستمر
ومن الجدير بالذكر أن هذه الحادثة تأتي بالتزامن مع انتهاكات حرية التعبير التي يتعرض لها الفنانون والسينمائيون والمنتجون والفنيون الإيرانيون، وكان من بينها مؤخرًا، إصدار محكمة بطهران في أغسطس الماضي، قرارًا يقضي بحبس «سعيد روستايي» المخرج الإيراني لفيلم «إخوة ليلى» ومنتجه «جواد نوروز بيكي» بالسجن لمدة ستة أشهر، مع منعهم من العمل السينمائي لمدة خمس سنوات، وقد منع الفيلم الذي عرض بالمهرجان السينمائي في 2022، من العرض في إيران، لأنه يتحدث عن عائلة فقيرة على وشك التفكك في إيران جراء الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وهو الحكم الذي ندد به مهرجان «السينمائي» العالمي.
قتل عمد
وحول الاتهامات الموجهة للنظام الإيراني بشأن واقعة مقتل المخرج «مهرجوئي» وزوجته، فقد قال الدكتور «مسعود إبراهيم حسن» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إن «مهرجوئي» من أبرز السينمائيين الإيرانيين وله أعمال كثيرة وحصل على جوائز عدة داخل إيران، كما أن زوجته سبق وعملت ممثلة ولها عدة أعمال أيضًا، ولذلك فإن واقعة مقتلهم أحدثت مفاجئة داخل الأوساط الفنية الإيرانية.
ولفت «إبراهيم حسن» في تصريح خاص لـ «المرجع»، أنه رغم إعلان السلطات الإيرانية أن الحادثة تمت بسكين وكانت بغرض السرقة، إلا أن جميع الشكوك تحوم حول النظام الإيراني، نظرًا للبيئة الأمنية الإيرانية في الوقت الراهن التي تفرض قيودًا على كل صوت معارض يكشف ما يحدث بالساحة الإيرانية، وهذا ليس بجديد، حيث لطالما تعرض الفنانون لانتهاكات في إيران، وهو ما دفع بعضهم للعمل في المنفي بعيدًا عن بطش النظام وحصلوا على جوائز عالمية ولكنهم ممنوعون من ممارسة عملهم في الداخل.
وأضاف أن هذا الحادث "قتل عن عمد"، وبمعرفة أجهزة الأمن الإيرانية، لأن المخرج «مهرجوئي» كان أحد المحتجين عن فرض الرقابة على السينما في إيران وأخر أعماله تم إلغاء عرضها ورغم حصوله على تصريح للعرض، وبعدها خرج وانتقد أعمال الرقابة على السينما في إيران، وقال في أحد تصريحاته "أنا الآن مستعد للقتال اقتلوني أنا الآن أجلس في منزلي".





