ad a b
ad ad ad

أبعاد التحالف المشبوه لإخضاع ليبيا لهيمنة الغرب

الجمعة 08/سبتمبر/2023 - 03:56 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

تتعرض ليبيا منذ أحداث عام 2011، إلى مؤامرة تهدف إلى تركيعها وجعلها خاضعة للهيمنة الغربية، بهدف السيطرة على ثرواتها، فالغرب يعتبر ليبيا محطة الوقود الخاصة به، ويتآمر مع المبعوث الدولي لتقنين ذلك الوضع.

والدليل الأكبر على ذلك الموافقة السريعة من مجلس الأمن على مبادرة المبعوث الدولي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، في منتصف مارس 2023، حيث أعطى مهلة لمجلسي النواب والأعلى للدولة للتوافق على «خارطة طريق» تفضي للانتخابات في موعد غايته منتصف يونيو، وهدد بتولي زمام المبادرة بعدها، وتشكيل فريق ليبي رفيع المستوى للإعداد وتنظيم العملية الانتخابية، وذلك بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، لكن مصر وروسيا رفضتا تلك المبادرة؛ لأنها تقوض دور المؤسسات الليبية الشرعية.

المبادرة المشبوهة

في هذا السياق، أكد اللواء جمال طه، الخبير الاستراتيجي المصري، أن التخوف من نتائج المبادرة المشبوهة عجل بتحرك مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، فانتهيا من تشكيل لجنة «6+6»، لوضع القوانين الانتخابية بنهاية مارس، وتوافقت اللجنة بالفعل في 11 يوليو الماضي على خارطة طريق، تقضي بتشكيل حكومة مصغرة مهمتها الإشراف على تنظيم الانتخابات بعد 240 يومًا من اعتماد القوانين الانتخابية.

وأضاف في تصريحات لـ"المرجع" أن تنفيذ خارطة الطريق وبدء العد التنازلي حتى موعد الانتخابات، كان رهنًا بتوقيع رئيس مجلس النواب على قوانينها ونشرها بالجريدة الرسمية، وهي العملية التي تعثرت نتيجة رفض لجنة «6+6» إجراء أي تعديلات عليها، ما سمح للمبعوث الدولي بالتعلل بأن اعتراض عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي على الخارطة وقوانين الانتخابات يعني استحالة إجرائها، وربما عودة الصراع، ما يفرض تعديلهما، واقترح تشكيل لجنة عليا لتسيير الانتخابات للتحايل على تشكيل حكومة جديدة تطيح بالدبيبة، لكن ذلك قوبل بمعارضة شديدة من المجلسين.

تضليل الرأي العام

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أنه عقب موافقة مجلس النواب الليبي على خارطة الطريق، حذرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من الإجراءات الأحادية التي تقوض فرصة إجراء الانتخابات، وهو ما رد عليه 60 نائبًا بمجلس النواب باستنكار بيان البعثة الأممية، والتأكيد أنه يضلل الرأي العام ويسعى لتفريغ التوافق بين مجلسي النواب والدولة من مضمونه، والحد من أهميته بوصفه بـ«الإجراء الأحادي»، رغم أنه يمثل أساسًا لتوافق عريض بين الليبيين للوصول للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو الهدف الذي كان مطلبًا أساسيًّا لكل المبعوثين الدوليين الذين سبقوا المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، كما استنكرت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي بيان بعثة الأمم المتحدة واعتبرته تجاوزًا لصلاحيات المبعوث الخاص للأمين العام، وشددت على أن ولاية البعثة تقتصر على تقديم المشورة إذا طلب منها ذلك، وتسهيل اجتماعات الأطراف الليبية، وتقديم الدعم اللوجستي المطلوب.. ودعمت موقفها الخارجية المصرية.

ويشير إلى أن المريب في الأمر أنه في مواجهة الهجوم الذي تعرضت له البعثة الدولية، أصدرت سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في ليبيا بيانًا مشتركًا يوم 27 يوليو، أكدت فيه دعمها لموقف «باتيلي» ومساعيه للدفع بأطراف ليبية جديدة، لمعالجة النقاط المختلف عليها في القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة «6+6».

دعم غربي لباتيلي

وأكد الخبير الاستراتيجي، أن دعم العواصم الغربية للمبعوث الدولي ضد توجه مجلسي النواب والأعلى للدولة، لا يعنى إنهاء التوافقات التي تمت بين عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، وخالد المشري رئيس المجلس الأعلى الليبي، سابقًا فحسب، بل إنه يعكس رغبتهم في التخلص من المجلسين، والدفع بمجموعة جديدة من القيادات تلتزم بأجندة للتسوية، وتعزز توافق المصالح بين القوى الغربية والغرب الليبي، من خلال منتدى سياسي جديد يتم تشكيله من أطياف سياسية ومجتمعية وعسكرية، لإنتاج اتفاق يُجبر المجلسين والحكومتين على مغادرة المشهد، وإفراز مشهد سياسي جديد، حتى ولو كان ضمن فترات الانتقال السياسي.

ويكمل: "لعل دعم «باتيلي» للجنة «5+5» العسكرية المشتركة، وتوسيع أعمالها بضم عدد من القادة العسكريين والأمنيين اليها، محاولة لإيجاد مركز قوى جديد يوازن القوى الرئيسية على الساحة، ويمهد لبلورة الكيان السياسي الجديد".

وأكد اللواء جمال طه فى ختام تصريحه لـ"المرجع" أن بعض القادة الليبيين أدركوا مخاطر المؤامرة الغربية الجديدة على مستقبل ليبيا، ما يفسر لقاء محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وخليفة حفتر قائد الجيش الوطني يوم 19 أغسطس 2023 في بنغازي، واتفاقهم على تولي مجلس النواب كافة الإجراءات المحالة إليه من لجنة «6+6»، وتنسيق رئاسته مع رئاسة الأعلى للدولة لاستكمال المسار السياسي وتحقيق التوافق لإنجاز القوانين الانتخابية، ودعوة المبعوث الأممي لعدم اتخاذ أية خطوات منفردة في المسار السياسي.

"