ad a b
ad ad ad

الصين تتمدد في كوت ديفوار.. والوجود الغربي في أفريقيا على المحك

الخميس 06/أبريل/2023 - 09:05 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
دأب التنين الصيني مؤخرًا على الانخراط والتوسع خارج حدوده الإقليمية، والتمدد شرقًا وغربًا، وظهر ذلك مؤخرًا بصورة لافتة وأصبحت بكين حريصة على تعزيز حضورها في القارة الأفريقية على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، وظهر ذلك جليًا من خلال تسارع التقارب بين الصين وكوت ديفوار في جميع المجالات.

تقارب متنام

قال عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، والباحث المتخصص في الشأن الصيني، إن الفترة الماضية شهدت تقاربًا متناميًا بين الصين وكوت ديفوار، يؤكد ذلك العديد من المؤشرات والخطوات، ففي الشأن الاقتصادي زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين بصورة كبيرة، إذ ارتفع حجم واردات كوت ديفوار من التنين الصيني إلى نحو 1.57 مليار دولار في عام 2020، بعد أن كان 100 مليون دولار في عام 2002، كما تقدر الاستثمارات الصينية في البلد الأفريقي الغني بالموارد الطبيعية، 7.5 مليار دولار.

وأضاف الخبير في الشأن الصيني أن السنوات الأخيرة الماضية شهدت تعاونًا عسكريًّا بين الصين وكوت ديفوار، وظهر ذلك جليًا في تسليح الجيش الإيفواري بـ 50 مركبة قتال صينية لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة، فضلًا عن زيادة الاتصالات الدبلوماسية بين بكين وياموسوكرو، وذلك عقب زيارة الحسن واتارا، رئيس كوت ديفوار، إلى الصين في عام 2018 وتلاها العديد من المباحثات الهاتفية لتطوير التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات.

وأكد الأزرق أن كوت ديفوار تحاول الاستفادة من الدعم الصيني وتعزيز شراكتها الخارجية معها لتنشيط اقتصادها، ولا سيما عقب أزمة فيروس كورونا المستجد الطاحنة، واستقطاب شركات صينية إضافية للاستثمار في الداخل الإيفواري، لاسيما في مجال الاقتصاد الرقمي والطاقة، فضلًا عن حاجة البلد الأفريقي الذي يعاني ظروفًا اقتصادية صعبة في الحصول على تمويل صيني لكثير من مشروعاته، لاسيما تلك المتعلقة بالبنية التحتية الإستراتيجية، والحصول على قروض صينية بشروط ميسرة والتي تبلغ 3.1 مليار دولار، موضحًا أن بكين تضع استثناءات لأنماط الإقراض للدول الإفريقية التي تشكل أهمية إستراتيجية لها، على غرار كوت ديفوار، من أجل تحفيزها على الاقتراض وتعزيز التقارب معها.

وعن الدوافع الصينية للتقارب مع كوت ديفوار، قال رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، إن الأخيرة تعد بوابة إستراتيجية لبكين نحو دول غرب إفريقيا، لاسيما بعد تحديث ميناء أبيدجان، حيث تم افتتاح محطة حاويات ثانية للشحن في هذا الميناء، في مارس 2022، بتكلفة نحو مليار دولار، مما يساعدها في أن تصبح مركزًا إقليميًّا للشحن، مشيرًا إلى أن الصين مولت هذا المشروع العملاق بنسبة 85%، بالإضافة إلى مواجهة النفوذ التايواني في ياموسوكرو، لذا تسعى لمحاصرته، فضلًا عن حاجتها لتأمين الوصول إلى الثروات المعدنية والنفطية التي تزخر بها دول المنطقة، لتأمين مصالحها الاقتصادية والتجارية.

وبحسب خبراء ومراقبون يحاول التنين الصيني ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع الكاكاو في كوت ديفوار، إذ تعد أكبر منتج للكاكاو في العالم بنحو 2.2 مليون طن سنويًّا، وذلك لتعزيز حضورها في الداخل الإيفواري، تمهيدًا للتمدد شرقًا وغربًا في دول القارة المختلفة إذ شهد مطلع يناير 2023، جولة تشين جانغ، وزير الخارجية الصيني، إلى القارة الإفريقية، شملت إثيوبيا وبنين وأنجولا والجابون، وذلك عقب توليه الوزارة بأسبوع واحد فقط مما يعكس رغبة بكين في تعزيز حضورها في القارة الإفريقية.

وأكد الخبراء أن الجانب الصيني يسعى إلى استغلال الأوضاع الأمنية في كوت ديفوار للتدخل أمنيًّا وعسكريًّا في دول منطقة غرب إفريقيا، وعلى رأسها كوت ديفوار، وخاصة في ظل انتشار التنظيمات والجماعات الإرهابية، مما يعد تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، مما ينذر بصراع محتمل بين التنين الصيني والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من دول القارة العجوز، لمواجهة توسع بكين في غرب إفريقيا.
"