ad a b
ad ad ad

كيف تستفيد القارة الإفريقية من التنافس الأمريكي الروسي؟

السبت 11/فبراير/2023 - 12:50 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

"مصائب قوم عند قوم فوائد"، هذا ما ينطبق بحذافيره على الدول الإفريقية، إذ تحاول استغلال التنافس المحموم بين الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، بين المعسكر الشرقي بزعامة روسيا والصين من جهة أخرى، على إيجاد فرصة للتكسب من خلال مواردها، إذ تضم القارة السمراء نحو خُمس سكان العالم، إضافة إلى امتلاكها احتياطيًّا كبيرًا من الطاقة والمعادن، إضافة لتأثيرها البالغ على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ تمتلك ثلث عدد الأصوات بواقع 54 صوتًا، وظهر ذلك جليًّا عند التصويت على اتخاذ قرار ضد روسيا عقب نشوب الحرب مع أوكرانيا.

كيف تستفيد القارة
رغبة روسية أمريكية في كسب التأييد الإفريقي

وتشهد الفترة الأخيرة، رغبة روسية أمريكية محمومة لكسب التأييد الإفريقي، وتمثل ذلك في الجولات المكوكية التي يقوم بها مسؤولي البلدين في دول القارة، ولعل آخرها جولة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في يناير الماضي، والتي شملت جنوب إفريقيا وأنجولا وإسواتيني وإريتريا، والتي تعد الثانية له في القارة خلال الأشهر الستة الأخيرة، والتي جاءت بالتزامن مع تحركات أمريكية مكثفة، لإنقاذ نفوذ واشنطن في القارة السمراء، خاصة بعد إخفاق حلفائها من دول القارة العجوز، في وسط إفريقيا وغربها.

وتمثل التحرك الأمريكي في قيام وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين بجولة مماثلة في إفريقيا شملت كلًّا من السنغال وجنوب إفريقيا وزامبيا، وذلك عقب القمة الإفريقية الأمريكية التي استضافتها واشنطن في ديسمبر 2022، بحضور 49 زعيمًا أفريقيًّا.

وهدفت جولة وزيرة الخزانة الأمريكية إلى عزل موسكو دوليًّا، بموجب قانون مكافحة الأنشطة الروسية الخبيثة في إفريقيا الذي أصدره الكونجرس الأمريكي في أبريل 2022، حيث تدرك واشنطن أن احتياجات إفريقيا تتمثل في الأمن والتنمية والدبلوماسية، لذا تخطط لإطلاق حزمة مساعدات ضخمة للدول الإفريقية تبلغ 55 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، لتعزيز مكانتها كأكبر مانح لإفريقيا، بمساعدات تتراوح ما بين 6.5 و7.5 مليارات دولار سنويًّا، كما تتواجد عسكريًّا عبر عدد من القواعد الدائمة وغير الدائمة، أبرزها في جيبوتي والنيجر.

ويذكر أن جولة وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف السابقة، كانت في يوليو 2022، واستهدفت كلًّا من أوغندا والكونغو برازفيل وإثيوبيا، ويعكس ذلك رغبة الدب الروسي في تعزيز حضوره في إفريقيا، إذ من المتوقع أن يجري لافروف جولة ثالثة تستهدف كلًّا من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، بالتزامن مع تزايد نفوذ موسكو في الساحل وغرب إفريقيا، إذ ساهمت في القضاء على الجماعات الإرهابية وتحجيم نفوذها لاسيما في الساحل الإفريقي وجمهورية إفريقيا الوسطى، ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، عبر قوات "فاجنر"، مقابل الحصول على حقوق تعدين الذهب والمعادن الثمينة.
كيف تستفيد القارة
فرصة ذهبية

المعطيات السابق ذكرها تؤكد أن أمام إفريقيا فرصة ذهبية لتحقيق العديد من المكاسب من ناتج الصراعات الدولية، وأن تفرض كلمتها؛ مستغلة التحول والاتجاه إلى عالم متعدد الأقطاب وليس القطب الأوحد كما كان في العقود الثلاثة الماضية.

والدليل الأكبر على ذلك قيام الجزائر بفرض عقوبات اقتصادية على إسبانيا وفرنسا في النصف الثاني من عام 2022، حيث تُعد تلك المرة الأولى التي تفرض فيها دولة إفريقية عقوبات على أخرى أوروبية.

كما أن جنوب أفريقيا عضو في مجموعة العشرين، التي تضم الدول الأكثر غنى في العالم، وهي أيضَا عضو في مجموعة "بريكس" إلى جانب روسيا والصين والبرازيل والهند.

ويرى مراقبون أن دول القارة الأفريقية مطالبة بالاستفادة من الصراع الدولي في الحصول على منح واستثمارات وقروض ومساعدات عسكرية وأمنية، ولكن دون الرضوخ لأي شروط أو إملاءات، فالوضع الحالي يحصنها من تقديم تنازلات، وعليها المشاركة بقوة في تشكيل النظام العالمي المستقبلي، وممارسة دورها الصحيح، بما يتناسب مع ثقلها ومساحة أراضيها الشاسعة، وما تملكه من احتياطي طبيعي من الثروات والمعادن، فضلًا عن كتلتها التصويتية داخل الجمعية العمومية، والضغط على واشنطن للحصول على منح القارة مقعد دائم في مجلس الأمن كما وعدتها في وقت سابق.

ويؤكد هؤلاء المراقبون أن دول القارة السمراء مطالبة باستغلال العقوبات الغربية الاقتصادية ضد روسيا، لاسيما المتعلقة بالنفط والغاز، والعمل على تلبية احتياجات الدول الأوروبية من الطاقة.

الكلمات المفتاحية

"