اختبار صعب واختيار أصعب.. الحرب الروسية الأوكرانية تضع أفريقيا في مأزق بين موسكو وواشنطن
الأربعاء 09/مارس/2022 - 04:04 م
محمود البتاكوشي
لا صوت يعلو فوق الأزمة الروسية الأوكرانية، التي تتسارع أحداثها لتؤثر على دول العالم أجمع، إذ يتجرع آثارها جميع دول العالم، لا سيما القارة السمراء، التي تعد محط صراع بين الدول الغربية، خاصةً في ظل العقوبات الأمريكية والغربية، ما يجعل أفريقيا أكثر المناطق تأثرًا بالحرب الراهنة في أوكرانيا، لاعتماد دول القارة في غالبية استهلاكهم على الاستيراد من الخارج، ما يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار هذه السلع، خاصةً السلع الغذائية كالقمح الذي يتم الاعتماد فيه بشكل مباشر على روسيا وأوكرانيا، فضلًا عن الانعكاسات السياسية والأمنية المحتملة على الدول الأفريقية.
آثار سلبية
ولعل أبرز الآثار السلبية التي تتجرعها دول القارة الأفريقية، ارتفاع أسعار النفط العالمية خلال الأيام الأخيرة، حيث تجاوز سعر برميل النفط حاجز الـ 100 دولار للبرميل، ووصل إلى 115 دولارًا في أعلى ارتفاع له منذ 2014، الأمر الذي يؤكد تعرض الدول الأفريقية لموجة من غلاء الأسعار خاصةً بالنسبة للدول التي تعتمد على استيراد الغاز والنفط من الخارج.
وقد لا يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للدول الأفريقية المنتجة للنفط أو الغاز، والتي يمكن أن يؤدي الارتفاع الراهن في الأسعار إلى تحقيقها مكتسبات اقتصادية، خاصةً أن الدول الأوروبية ربما تعمل على إيجاد بديل سريع للغاز الروسي، كما أن الزيادة الحالية في أسعار النفط والغاز تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الواردات الأفريقية من السلع المختلفة، الأمر الذي سيزيد من تفاقم الأزمات الداخلية في مختلف الدول الأفريقية.
تهدد الحرب الروسية الأوكرانية، القارة الأفريقية بالمجاعة، نظرًا لكون روسيا وأوكرانيا تمثلان نحو 30% من إجمالي الصادرات العالمية من القمح، بالإضافة إلى نحو 14% من إجمالي صادرات الذرة، وأكثر من 58% من صادرات زيت عباد الشمس العالمية، وتعد المصدر الرئيسي للدول الأفريقية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار هذه السلع على المدى القريب، ومن ثم يمكنها التأثير على حالة الاستقرار في هذه الدول.
ويشار إلى أن حجم تجارة المنتجات الزراعية بين القارة الأفريقية وكل من روسيا وأوكرانيا يحظى بأهمية خاصة، فقد أستوردت الدول الأفريقية خلال عام 2020 منتجات زراعية من روسيا بنحو 4 مليارات دولار، 90% منها كان يتمثل في القمح، و6% زيت عباد الشمس، وتعد مصر أبرز الدول الأفريقية المستوردة من روسيا، بنحو نصف إجمالي الإيرادات الأفريقية، بالإضافة إلى السودان ونيجيريا والجزائر وكينيا وجنوب أفريقيا وتنزانيا.
كذلك، بلغ إجمالي الصادرات الأوكرانية من المنتجات الزراعية للقارة الأفريقية نحو 2.9 مليار دولار خلال عام 2020، مثل القمح نحو 48% منها، و31% للذرة.
اختبار صعب
تمثل الحرب الروسية الأوكرانية، اختبارًا صعبًا للدول الأفريقية، إذ باتت مجبرة على الاختيار بين روسيا وأمريكا ولاسيما بعد توسع النفوذ الروسي في دول القارة بهدف تقليص النفوذ الأمريكي خلال الفترة المقبلة.
وأكدت بعض التقديرات أن الحرب الراهنة في أوكرانيا تؤثر كثيرًا على مدى الاهتمام الدولي بالأوضاع الأمنية في القارة الأفريقية، مع تصاعد احتمالات أن تؤثر هذه الأزمة على حجم التمويل والمساعدات الغربية التي يتم بها دعم عمليات مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية، خاصةً في منطقة الساحل والصحراء، وهو ما يمثل تهديدًا لعمليات الدعم العسكري للقوى الدولية في القارة وجهود حفظ السلام في أفريقيا.
