ad a b
ad ad ad

بإرهاب وانفلات أمني.. صبراتة تنضم لقائمة ضحايا الدبيبة في ليبيا

الجمعة 23/ديسمبر/2022 - 01:31 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

في الوقت الذي ما زالت فيه قضية تسليم المواطن الليبي «أبوعجيلة مسعود المريمي»، إلى الولايات المتحدة والتي أثارت جدلًا كبيرًا في الأوساط الليبية، وتصاعد معها الغضب الرسمي والشعبي في الداخل، بسبب موقف حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والتي يترأسها «عبدالحميد الدبيبة»، تستمر حالة الانفلات الأمني لا سيما في مدينة صبراتة الساحلية التي تواجه عودة تنظيم «داعش» وانتشار السلاح والميليشيات وسط غياب سلطة الدولة.

 

داعش في صبراتة


مثلت صبراتة هدفًا رئيسيًّا لتنظيم «داعش» الذي سعى منذ وجوده في ليبيا إلى السيطرة على المدينة في إطار خطط انتشاره وتمدده في البلاد، ففي الثلث الأول من ديسمبر 2015، أعلن التنظيم أن صبراتة إمارة إسلامية وعاصمة له في ليبيا، وكانت المدينة شهدت قبل ذلك بساعات استعراض أرتال عسكرية قوامها 30 آلية مسلحة، ورفع خلالها المسلحون الرايات السوداء، في ديسمبر من العام نفسه، قام عناصر التنظيم بتفجير مبنى الاستخبارات في المدينة ما أدى إلى إصابة شخصين.


وتعد مدينة صبراتة، التابعة في تقسيمات تنظيم «داعش» للبلاد، إلى ما يسمى بـ«ولاية طرابلس»، مركزًا للتجمع والتدريب لدى قادة الدواعش، والانطلاق منها إلى مدن أخرى أهمها العاصمة نفسها، فالمدينة الواقعة بمنتصف الطريق بين طرابلس والحدود التونسية، كانت بمثابة قاعدة إستراتيجية لتنظيم «داعش» في ليبيا عقب سقوط مواقعه في سوريا.


وفي نهاية فبراير 2016، قام ما يقرب من 200 إرهابي من عناصر التنظيم، بالسيطرة على وسط مدينة صبراتة لساعات، احتلوا حينها مركز الشرطة الرئيسي في المدينة، وقتلوا 12 شرطيًّا وقاموا بمراقبة هويات المواطنين في الشوارع، بحثًا عن شرطيين وعسكريين لقتلهم.


ومع بداية 2020، عاد الحديث عن عودة «داعش» للظهور في المدينة تحت غطاء ميليشيات طرابلس، التي سيطرت على مدن الغرب الليبي، بعد انسحاب قوات الجيش الوطني الليبي، وقامت الميليشيات باقتحام السجون وإطلاق سراح الكثير من العناصر الإرهابية من قيادات التنظيم ممن كانوا محتجزين.


وتعني سيطرة «داعش» على صبراتة، سيطرته على الغاز، بينما توسعه أكثر يعني وصوله إلى تونس وتنفيذ عمليات كبرى، أبرزها الغارة الأمريكية التي قتلت 40 شخصًا، معظمهم تونسيون وكانوا يخططون لإقامة إمارة في بنقردان، كما سيسعى التنظيم لاستغلال الخلافات بين الفرقاء للقيام بعمليات إرهابية للسيطرة على المنطقة بكاملها لاحقًا.

 

انفلات أمني


في مدينة صبراتة الساحلية، اندلعت اشتباكات عنيفة، بين قوات جهاز إنفاذ القانون التابع لحكومة الوحدة الوطنية، وكتيبة «البراعم» التابعة لأحمد الدباشي الملقب بـ«العمو»، المطلوب دوليًّا بتهم المتاجرة في البشر، ما أسفر عن سقوط قتيلين وإصابة العشرات، بالإضافة إلى تعذّر إقامة صلاة الجمعة في عدة مساجد، وإجلاء مئات العائلات من المدينة، وإغلاق الطريق الساحلي، وفق ما نشر جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي.


وعلى الرغم من توقف تلك الاشتباكات نتيجة تحركات وجهود مجالس الحكماء والأعيان بمنطقة صبراتة والزاوية، والمجلس البلدي لبلدية صبراتة، والتي توجت بوقف الأعمال والمظاهر المسلحة بالمدينة، فإنها طرحت تساؤلات حول استمرار وجود المجموعات المسلحة في المدينة وتأثيراتها الخطيرة.


وبات الوضع مقلقًا وخطرًا، في ظل وجود الجماعات الإرهابية التي تنتشر في صبراتة، الأمر الذي يؤكد استمرار مسلسل صراع النفوذ الذي عاشت على وقعه المدينة خلال السنوات الماضية، وهو الصراع الذي يهدد بتحالفات قادمة قد تكون مع العناصر الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش»؛ حيث أكد هذا الأمر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، والتي حذّرت من احتمالية عودة الجماعات الإرهابية إلى صبراتة، لا سيما بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة.


ومنذ مطلع العام الجاري، تصاعدت التحذيرات من خطر تنظيم «داعش» في مدينة صبراتة، خصوصًا بعد رصد تحركات علنية لعدد من عناصره بالمدينة، كما شهدت صبراتة سلسلة من عمليات الاغتيال، أبرزها جرت نهاية شهر مايو 2022، حينما أطلق مجهولون النار على المغني الليبي أحمد بحور، لدى وجوده أمام منزله ليردوه قتيلًا، قبل أن يلوذوا بالفرار، واتهمت حينها عناصر «داعش» بارتكاب الجريمة، لمواقف أحمد بحور الداعمة لحرب الجيش الوطني الليبي ضد الإرهاب والتطرف.


وعادت الميليشيات والمجموعات المسلحة للسيطرة على مدينة صبراتة مايو 2020، وحينها بدأت عناصر «داعش» في الظهور مجددًا في المدينة، بعد طردها عدة مرات منذ عام 2014، وارتفعت معدلات الجريمة والسطو المسلح والاغتيالات بالمدينة، وتم رصد نشاط لعناصر التنظيم الإرهابي شديدي الخطورة في صبراتة، على رأسهم عبدالحكيم المشوط، الذي يعد زعيمًا للتنظيم في المدينة.


التحالف بين الميليشيات و«داعش» ليس بجديد، فميليشيا «العمو» أكبر ميليشيا رئيسية في الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين إلى أوروبا، التي يتزعمها «أحمد الدباشي» المعروف بـ«العمو»، دخلت في تحالف مع العناصر الإرهابية في 2017، ضد غرفة عمليات مكافحة ومحاربة تنظيم «داعش» المنطقة الغربية التابعة لحكومة الوفاق حينها.


ويُمثل استمرار وجود المجموعات المسلحة، وتكرار الاشتباكات مزيدًا من التعقيد على المشهد في صبراتة، خاصةً أن العناصر الإرهابية تتعامل مع هذه الصراعات المسلحة، على أنها فرصة حقيقية للحفاظ على وجودها، إذ يسعى عناصر التنظيم الإرهابي لفرض تحالفات مع هذه الجماعات المسلحة ودعمها، ما سيساهم في تقوية شوكتها وعودتها إلى المشهد.

 

للمزيد: عربون البقاء في السلطة.. «الدبيبة» يسلم واشنطن آخر متهم في «لوكربي»

 

 

"