عربون البقاء في السلطة.. «الدبيبة» يسلم واشنطن آخر متهم في «لوكربي»
السبت 17/ديسمبر/2022 - 03:20 م
مصطفى كامل
محاولات عدة تجريها حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والتي يترأسها «عبدالحميد الدبيبة» للبقاء في السلطة قدر الإمكان بتسليمه المتهم الأخير في قضية «لوكربي» إلى الولايات المتحدة، رغم نفي حكومته المتكرر لتسليمه، ما أثار انتقادات لاذعة وجهت للدبيبة، واصفين الخطوة التي تم إجراؤها بأنها علامة سوداء فارقة في تاريخ السياسة الداخلية والخارجية الليبية.
تسليم بوعجيلة
تسليم بوعجيلة
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية رسميًّا ما تم تداوله في ليبيا منذ أسابيع عن تسلمها المتهم الليبي الأخير في قضية لوكربي أبوعجيلة محمد مسعود، من حكومة الوحدة في طرابلس، بعد اختفائه بشكل غامض إثر اقتحام مجموعة مسلحة بيته في العاصمة، في نوفمبر 2022.
ورحب وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند بنقل المتهم إلى الولايات المتحدة لمحاكمته على أراضيها. وقال غارلاند في بيان إن «هذه خطوة مهمة في تحقيق العدالة للضحايا وأحبائهم».
وعقب وصوله إلى الولايات المتحدة، نقل مسعود إلى منشأة تابعة لوزارة العدل في ألكسندريا بولاية فيرجينيا لإتمام المراحل الأولى من معالجة ملفه.
وأعلن مدعون عامون اسكتلنديون أن «بوعجيلة» بات محتجزًا لدى السلطات الأمريكية، لكن من دون أن يوضحوا كيف نقل من ليبيا إلى الولايات المتحدة، حيث اكتفى البيت الأبيض بالقول إن الولايات المتحدة أوقفت المتهم بشكل قانوني.
وكان القضاء الأمريكي وجه الاتهام إلى مسعود غيابيًّا في 21 ديسمبر 2020 حين كان الأخير موقوفًا في بلده. ويومها قالت واشنطن إنها "متفائلة" بإمكانية تسلمه من طرابلس.
لا إعدام
لا إعدام
وعلى الرغم من تسليمه فإن "بوعجيلة" لن يواجه عقوبة الإعدام في التهم الموجهة إليه نظرًا لأن هذه العقوبة لم تكن مطبقة على الصعيد الفيدرالي في الولايات المتحدة في 1998، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأبلغ «أبوعجيلة» فور مثوله أمام قاضية فيدرالية في محكمة بواشنطن في جلسة استماع مقتضبة، بالتهم الموجهة إليه ومن بينها خصوصًا "تدمير طائرة أوقع قتلى". لكن على رغم خطورة هذه التهم فإنه لا يواجه خطر الإعدام، لأن هذه العقوبة لم تكن مطبقة على الصعيد الفيدرالي في الولايات المتحدة في 1998 في ما يتعلق بالتهم الموجهة إليه.
وخلال الجلسة التي تواصل فيها مسعود مع المحكمة، أبلغ المتهم بأنه سيظل موقوفًا حتى موعد الجلسة الثانية في 27 ديسمبر الجاري والتي يمكن خلالها لوكلاء الدفاع عنه أن يقدموا طلبًا لإطلاق سراحه،حيث أكدت النيابة العامة مسبقًا أنها ستعترض على أي طلب لمنح المتهم إطلاق سراح مشروطًا.
موقف مخزٍ
موقف مخزٍ
ومع ظهور الحقيقة شنت أطراف ليبية كثيرة هجومًا لاذعًا على حكومة عبدالحميد الدبيبة، بعد سماحها بفتح هذا الملف من جديد، وهو الذي أقفل باتفاق رسمي بين واشنطن وطرابلس عام 2008، عقب دفع نظام معمر القذافي وقتها تعويضات ضخمة بعشرات المليارات من الدولارات للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أعلن مجلس الأمن القومي الليبي رفضه إعادة فتح قضية لوكربي التي تمت تسويتها بين ليبيا والولايات المتحدة منذ عام 2008، وذلك ردًا على إعلان واشنطن اعتزامها محاكمة أبو عجيلة مسعود المريمي.
واعتبر عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، أن تسليم المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي إلى أمريكا، بدعوى تورطه في قضية لوكربي، موقف يندى له الجبين، واصفًا تلك الخطوة بأنها علامة سوداء فارقة في تاريخ السياسة الداخلية والخارجية الليبية، مشيرًا إلى أن هذه القضية أقفلت، بعد أن دفع فيها الشعب الليبي ثمنًا باهظًا بعد وساطة وشهادة دول كبرى وعظمى في المنطقة وعلى المستوى الدولي، ودفعت فيها مليارات الدولارات من ليبيا لطي صفحتها.
وزير الداخلية الليبي السابق "إبراهيم بوشناف"، علق على عملية تسليم المتهم الليبي مسعود إلى واشنطن، قائلًا: «أعلن وبشكل مفاجئ وخلافًا لكل التوقعات أن المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي أضحى أسيرًا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وليس لنا في هذا المقام إلا تذكير المسؤولين الأمريكيين بتعهداتهم وتشريعاتهم الصادرة بالخصوص».
وخلال سلسلة تدوينات عبر موقع التواصل الاجتماعي" تويتر"، أكد بوشناف، أن نص الاتفاق الموقع بين ليبيا وأمريكا عام 2008 في المادة 3 على (قبول الطرفين للتسوية المادية في مقابل تلك القضايا وتعتبر هذه الأموال المدفوعة تسوية كاملة ونهائية تمامًا، ولا يجوز بعدها فتح أية مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 يونيو 2006)".
دفاع مستميت
دفاع مستميت
في المقابل، واصلت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التزام الصمت وعدم التعليق على إعلان واشنطن تسلمها أبوعجيلة محمد مسعود منها، بينما دافع المحلل السياسي الأميركي ذو الأصول الليبية محمد بويصير عن العملية، معتبراً أن المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود سيحاكم بعدالة أميركية لا يعرفها في بلده.
وقال بويصير، إن "بوعجيلة"، الذي يبدو أنه جلب في عملية خاصة، والمولود في تونس ويحمل الجنسية الليبية، سيمثل أمام القاضي في العاصمة واشنطن، وسيتمتع بعدالة لا يعرفها في بلده، وسيكون على الادعاء إثبات اتهاماته أمام المحلفين وفي وجود هيئة للدفاع، ولكن إذا دين فهو الإعدام.
ويرجع ملف هذه القضية إلى عام 1988 عندما اتهمت ليبيا بإسقاط طائرة ركاب أمريكية تابعة لشركة طيران «بان أميركان» أثناء تحليقها فوق قرية «لوكربي» في اسكتلندا، وتم تحميل ليبيا المسؤولية عن تفجير الطائرة واتهام دبلوماسيين ليبيين بتدبير الحادث بشكل رئيس، هما الأمين خليفة فحيمة وعبدالباسط علي محمد المقرحي وطاول الاتهام بوعجيلة مسعود أيضًا بالمشاركة في التخطيط له، عقب إجراء تحقيق مشترك مدته ثلاث سنوات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «أف بي آي».
ويرجع ملف هذه القضية إلى عام 1988 عندما اتهمت ليبيا بإسقاط طائرة ركاب أمريكية تابعة لشركة طيران «بان أميركان» أثناء تحليقها فوق قرية «لوكربي» في اسكتلندا، وتم تحميل ليبيا المسؤولية عن تفجير الطائرة واتهام دبلوماسيين ليبيين بتدبير الحادث بشكل رئيس، هما الأمين خليفة فحيمة وعبدالباسط علي محمد المقرحي وطاول الاتهام بوعجيلة مسعود أيضًا بالمشاركة في التخطيط له، عقب إجراء تحقيق مشترك مدته ثلاث سنوات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «أف بي آي».
وبناءً على هذه التهم فرضت عقوبات اقتصادية وسياسية قاسية على ليبيا لمدة 10 سنوات، قبل أن تضطر إلى دفع تعويضات كبيرة لعائلات الضحايا لإغلاق هذا الملف بشكل نهائي في عام 2008.
وكان نظام الرئيس معمر القذافي قد أقر عام 2003 بالمسؤولية عن حادث تفجير طائرة أمريكية أثناء تحليقها فوق منطقة لوكربي في اسكتلندا، التي قُتل جميع ركابها وعددهم 259 راكبًا، علاوة على 11 شخصًا كانوا موجودين على الأرض في موقع سقوط الطائرة، والتزمت ليبيا بموجب هذا الإقرار بدفع تعويضات مالية لأسر ضحايا الحادث.
للمزيد: لوكربي.. ليبيا في مأزق جديد بعد تعهد الدبيبة لواشنطن بتسليم المتهم الأخير





