تداعيات إعلان فرنسا انسحاب قوات «تاكوبا» من مالي
الأربعاء 06/يوليو/2022 - 07:18 م
أحمد عادل
عقب تعاون استمر لثماني سنوات بين فرنسا ومالي في ملف مكافحة الإرهاب، تمكنت الأولى فيها من بناء وتعزيز التعاون مع باقي دول الساحل عبر بوابة تعزيز القدرات الأمنية والعسكرية الأفريقية ومكافحة الإرهاب، اتجهت العلاقات الفرنسية - المالية في الآونة الأخيرة إلى مزيد من التوتر والتصعيد، عكسها السجال السياسي وتبادل الاتهامات بين قادة الدولتين.
وفي ذات السياق، أعلنت باريس الجمعة 1 يوليو 2022، انتهاء عمل القوات الخاصة الأوروبية «تاكوبا» في مالي بسبب التوتر مع العسكريين الحاكمين في باماكو، مؤكدة بذلك سيناريو كان متوقعًا.
و«تاكوبا» التي نجحت وزيرة القوات المسلحة السابقة فلورنس بارلي بصعوبة كبيرة في بنائها لإشراك الأوروبيين في جهود مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، انهارت بعد انقلابين في مالي في أغسطس 2020 ومايو 2021، مع التدهور السريع في العلاقات الفرنسية المالية ثم رحيل قوة برخان الفرنسية التي حاربت الإرهابيين خلال عام 2022.
وقال الجنرال باسكال إياني المتحدث باسم هيئة أركان الجيوش الفرنسية إن «إعادة تنظيم القوة العسكرية الفرنسية في منطقة الساحل (... أدت إلى إنهاء عمليات ... تاكوبا في مالي اعتبارًا من 30 يونيو».
وأضاف أن قوتي «برخان» و«تاكوبا» تشهدان على «ما يستطيع الأوروبيون إنجازه معًا في بيئات أمنية معقدة»، مشيدًا بما تم استخلاصه من "عبر" من هذه التجربة العملياتية.
شُكلت «تاكوبا» التي تعد رمزًا للدفاع الأوروبي العزيز على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من جنود من نحو عشر دول أوروبية بلغ عددهم بين 800 و900 من القوات الخاصة.
وكانت مكلفة بمساعدة القوات المالية في الحصول على الاستقلال والسماح لها بالعودة إلى الأراضي التي أخلتها الدولة في مواجهة الجماعات الإرهابية سواء تنظيم القاعدة أو داعش.
تداعيات:
تسعى باريس لإعادة هيكلة انتشارها في منطقة الساحل الأفريقي عقب سحب قواتها من مالي، ورجحت هذه التقديرات إلى أن النيجر ربما تمثل أحد أبرز البدائل المطروحة أمام باريس كبديل في المنطقة، خاصةً أن باريس تمتلك قاعدة في نيامي.
كما أعلنت باريس مواصلة وجودها في منطقة الساحل الأفريقي للمشاركة في عملية مكافحة الإرهاب هناك، مع العمل على توسيع دعمها لدول المنطقة، بما يتضمن الدول المجاورة لخليج غينيا، وهو ما أكدته تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، والذي أكد أن باريس لا ترغب في الانسحاب من المنطقة، لكنها ستعمل على إعادة هيكلة قواتها في المنطقة.
ووفقًا للوضع الأمني في المنطقة، فأن انسحاب «تاكوبا» سيفرز فراغًا كبيرًا يمكن أن تستغله الجماعات الإرهابية في تعزيز حضورها وتوسيع رقعة انتشارها، خاصةً حال قيام القوى الأوروبية بسحب قواتها هي الأخرى من مالي، بل إن هناك بعض التقديرات أشارت إلى أن باريس ربما تعمل على الإسراع في خطوة الانسحاب الكامل من باماكو لمحاولة خلق فراغ متعمد في مالي من أجل إثارة حالة من الاضطرابات الداخلية للضغط على السلطة الحاكمة هناك.
وفي لمقابل، تراهن السلطات في مالي على الوجود الروسي، وأنه بإمكانه ملء هذا الفراغ، بل ومساعدة باماكو على مكافحة الإرهاب بفاعلية أكبر، على نحو قد لا يكفل تحقيق الاستقرار وحسب، بل إنه يمكن أن يقدم نموذجًا بديلًا للدور الفرنسي خصوصًا، والأوروبي عمومًا، وهو ما يهدد الوجود الغربي في الساحل الأفريقي، خاصة إذا اتجهت الدول الأخرى للاقتداء بالتجربة المالية.
وقال خبراء الأمم المتحدة في وثيقة حصلت عليها وكالة فرانس برس إن «إعادة التشكيل العسكري الجارية في المنطقة قد تعرض الجهود التي بذلت لمكافحة الإرهاب للخطر».
واعترف الجنرال ايرفي بيار الذي يشرف من «نيامي» على الشراكات بين الجيوش الفرنسية وجيوش غرب أفريقيا بأن «تحولنا نحو نموذج الشراكة تجسد في مالي من خلال تاكوبا. لكن العملية منيت بضربة أثناء مرحلة صعودها ... لكن روح تاكوبا ستستمر في الشراكة القتالية مع النيجر، في علاقة أكثر توازنًا».
في مايو 2022، دعا رئيس النيجر محمد بازوم الفرنسيين والأوروبيين إلى «القيام بمجازفات أكبر وعدم الاستسلام لهاجس الخسائر» في منطقة الساحل.
وطالب بنشر قواتها «بقدرات جوية كبيرة، وقواعد اشتباك فعالة وتضحيات وإمكانات مالية، مع مزيد من المروحيات والقنابل».
وأكد الجنرال إياني أن «مباحثات جارية» بين باريس وعدد من دول المنطقة حول احتياجاتها من المساعدات العسكرية، بينما يمتد التهديد الجهادي باتجاه خليج غينيا.





