قبل الانسحاب.. فرنسا تعتقل الرجل الثاني لداعش في مالي بدلًا من تصفيته
أعلنت فرنسا في 12 يونيو 2022 اعتقال الرجل
الثاني بقيادة تنظيم داعش في مالي، وذلك ضمن هجوم عسكري لعملية برخان قبل الاستعداد
للانسحاب من البلاد، وقالت السلطات الفرنسية إن المعتقل الداعشي هو أمية ولد البقاعي.
وأمية ولد البقاعي هو أحد المسؤولين
الخطيرين في تنظيم داعش بالصحراء الكبرى، إذ كان مسؤولا عن صنع المتفجرات والتخطيط
للعمليات الإرهابية الكبرى بما فيها استهداف القواعد العسكرية، وفقًا للسلطات
الفرنسية التي أضافت أن أمية كان مسؤول داعش بالصحراء الكبرى في مالي وفي منطقة
أودالان بشمال بوركينا فاسو، ما يؤثر على قدرات التنظيم في المنطقة، وبالأخص وهو
يعتمد على هجماته وعناصره في بناء دعاية إعلامية قوية عن وجوده.
الاعتقال بدلا من التصفية
تمثل العملية الفرنسية الأخيرة تقدمًا نوعيًّا
للهجمات العسكرية النظامية ضد جماعات الإرهاب، فالاعتقال يشكل أداة ضغط لدى الحكومات
تمكنها من انتزاع اعترافات هامة عن تحركات المجموعات المتطرفة.
كما يعكس قدرات هجومية متطورة قطعت الطريق
على العنصر الإرهابي لتنفيذ عملية انتحارية لتصفية نفسه ومرافقيه لتفادي الاعتقال،
وذلك وفقًا للمفاهيم الأيديولوجية الحاكمة لتلك المجموعات، وهو ما ظهر في تفجير زعيم
داعش أبي إبراهيم الهاشمي القرشي لنفسه عند سيطرة القوات الأمريكية على المنطقة.
تأثير العملية الأخيرة على انسحاب
فرنسا من مالي
قررت فرنسا الانسحاب عسكريا من مالي وإنهاء
عملية برخان، ما عرضها لانتقادات واسعة من الإدارة المالية متهمة إياها بالتخلي عنها
قبل القضاء نهائيا على جماعات التطرف المنتشرة بالبلاد، في حين ارتأت باريس أن مصلحتها
تكمن في الانسحاب، وذلك ضمن انسحابات غربية متعددة خلال المرحلة الأخيرة وأشهرها انسحاب
الولايات المتحدة من أفغانستان.
ومن ثم تطرح عملية الاعتقال تساؤلات مختلفة
حول الدور الفرنسي في مالي، وإلى أي مدى ستتأثر مكافحة الإرهاب بهذا الانسحاب، تبدو
عملية اعتقال القيادي الداعشي بمثابة إنهاء دبلوماسي لوجود فرنسا في البلاد، ولكنه
في الوقت ذاته يشير إلى أبعاد أخرى حول القدرات الاستخباراتية والتنفيذية التي ستحرم
منها مالي بعد انسحاب فرنسا.
وحول انسحاب فرنسا من مالي وعلاقته بأولويات
باريس يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق إن قرارات الانسحاب
تتعلق أولا بمصالح حكومة باريس في المنطقة، إذ ترى الدول الغربية أن مصلحتها الأمنية
تقتضي محاربة الإرهاب من موقعه قبل انتشاره جغرافيا، مشيرا في تصريح للمرجع إلى أن
فرنسا لديها مصالح اقتصادية متعددة بأفريقيا تسعى لتأمينها ولكن وفقا لأولوياتها الاستراتيجية.
الإرهاب في مالي وأمن
الصحراء
أشار مؤشر الإرهاب الدولي لعام 2022
إلى أن مالي تقع في المرتبة السابعة عالميًا من حيث نسب الضحايا الناجمين عن
العمليات الإرهابية، ما يدفع بوجود تراجع أمني يؤثر على قدرات القوات العسكرية نحو
احتواء الأزمات المتصاعدة في البلاد.
كما أضاف المؤشر الصادر عن معهد
الاقتصاد والسلام بسيدني الإسترالية أن مالي تقع ضمن إطار الدول المتأثرة بالترهل
السياسي، أي أن التحديات السياسية التي تواجهها تؤثر على استقطاب الإرهاب بداخلها،
إذ منيت البلاد بانقلابات عسكرية متكررة خلال الفترة الأخيرة، ففي 18 أغسطس 2020
وقع انقلاب عسكري على السلطة أدى إلى استقالة الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، وفي
مايو 2021 وقع انقلاب آخر.





