دلالات زيارة وزير خارجية مالي إلى روسيا وانعكاساتها على التنظيمات الإرهابية
السبت 11/يونيو/2022 - 08:32 م
محمود البتاكوشي
عكست زيارة عبدالله ديوب وزير خارجية مالي، مؤخرًا إلى روسيا، على رأس وفد حكومي رفيع المستوى، رغبة بلاده في توسيع التعاون الاقتصادي، بين باماكو وموسكو، فضلًا عن تعزيز الحضور العسكري الروسي في مالي، وذلك عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة في البلد الأفريقي، حيث أعلنت الحكومة أن عناصر من الجيش حاولت الانقلاب في 11 مايو 2022، لكن تم إحباط المحاولة، متهمة دولة كبرى بدعم الانقلاب الفاشل.
جاءت الزيارة عقب إعلان مالي الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، وقوتها العسكرية المشتركة لمكافحة الإرهاب، وهو ما يعزى إلى رفض المجموعة تولي مالي رئاستها الدورية، فضلًا عن اعتراض «باماكو» على الضغوطات المفروضة عليها من قبل منظمة الإيكواس، والتزام الأخيرة الصمت حيال الوساطة المقدمة من قبل «توجو»، بناء على طلب من «مالي».
زيادة نشاط المجموعات الإرهابية
وفق المعطيات السابقة يتضح أن مالي تهدف من التقارب مع روسيا التنسيق الأمني مع موسكو، ولاسيما بعد انسحاب القوات الأوروبية من باماكو، ما قد يؤدي إلى زيادة نشاط المجموعات الإرهابية، كما تثار شكوك حول قدرة الجيش المالي على الاحتفاظ بالمناطق الواقعة تحت سيطرته، في ظل العودة السريعة للمجموعات الإرهابية إلى المناطق التي يتم طردهم منها، مع اتجاه هذه المجموعات للانتقام من المدنيين الذين يرون أنهم ساعدوا الحكومة.
وأكبر دليل على ذلك تصاعد حدة الهجمات الإرهابية في منطقة الحدود بين مالي والنيجر، حيث كثف تنظيم «داعش» الإرهابي هجماته في هذه المنطقة لمحاولة فرض سيطرته عليها، ولذا بات التقارب مع روسيا ضروريًّا، لتخفيف حدة الضغوطات التي تواجه السلطات المالية، مع توجيه اهتمامها صوب المجموعات الإرهابية الأخرى.
وتخشى السلطات المالية من احتمالات تكرار محاولات الانقلاب العسكري في البلاد، والتي ألمحت «باماكو» إلى تورط دولة أوروبية فيها، وبالتالي تحتاج لدعم من موسكو لاتخاذ خطوات استباقية ضد أي محاولة مستقبلية لضمان إحباطها بشكل مبكر، فالسلطات المالية تبدو قلقة من احتمالات تغير الموقف الداخلي حال استمرار الضغوطات الاقتصادية المفروضة عليها، فضلًا عن السياسات الصارمة التي تتبناها الحكومة المالية تجاه قوى المعارضة، وهو ما يمكن ملاحظته في الانتقادات الأخيرة التي وجهها الزعيم الديني، الإمام محمود ديكو، للمجلس العسكري الحاكم في باماكو.
الخروج من العزلة الإقليمية
تحاول مالي عبر التقارب مع روسيا الخروج من العزلة الإقليمية، بسبب العقوبات المفروضة عليها وتستهدف التوصل إلى اتفاقات جديدة بشأن زيادة حجم الإمدادات الروسية من الغذاء والحبوب إلى مالي، بما يخفف من حدة تأثير العزلة الاقتصادية المفروضة على باماكو.
وأكبر دليل على ذلك ما أعلنه سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي، عقب الزيارة رفيعة المستوى؛ أن موسكو تواصل تسليم القمح والأسمدة العضوية ومنتجات نفطية لباماكو، الأمر الذي يعكس توصل الطرفين إلى اتفاقات جديدة لتعزيز الدعم الروسي للسلطات المالية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة، توسيع الحضور الروسي في مالي، على حساب الوجود الغربي إذ أعلنت مالي مطلع مايو 2022 إلغاء جميع الاتفاقيات العسكرية التي تحكم الوجود الغربي في باماكو، الأمر الذي يفتح المجال أمام توسيع نطاق الحضور العسكري الروسي هناك، ويمنح موسكو حرية أكبر في الحركة.





