اليمين المتطرف في الولايات المتحدة.. مخاطر تفوق إشكاليات التكفيريين
الأحد 12/يونيو/2022 - 10:00 م
نهلة عبدالمنعم
بات خطر اليمين المتطرف على الأمن القومي الأمريكي، يفوق الخطر الذي تشكله الجماعات التكفيرية لأسباب تتعلق بالمجتمع نفسه، ففي 15 مايو 2022 نفذ إرهابي يميني يدعى بايتون جندرون ويبلغ من العمر 18 عامًا هجومًا ضد عدد من الأفارقة الأمريكيين، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين.
وهاجم «بايتون» بعض المواطنين من ذوي الأصول الأفريقية في أحد المتاجر بمدينة بوفالو في ولاية نيويورك مستخدمًا سلاحًا ناريًّا، ما تسبب في سقوط ضحايا من بينهم رجل وامرأة من كبار السن وشرطي سابق، كما بث جريمته مباشرة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ما أعاد إشكاليات اليمين المتطرف بالمجتمع الأمريكي إلى الواجهة مرة أخرى.
وحول الهجوم صرح مسئولون بمدينة «بوفالو» بأن المنفذ خطط للهجوم عبر اعتزامه قتل المواطنين من أصول أفريقية، وهو ما أظهرته الأدلة التي عثر عليها في منزله إذ وجدت السلطات الأمنية وثيقة مكتوبة من 180 صفحة كتبها «جندرون» حول اليمين المتطرف ومعتقداته بتفوق العرق الأبيض، فيما شددت المدعي العام بنيويورك، «ليتيتيا جيمس» على أنها ستسلط الضوء على تداول المحتويات المتطرفة على مواقع الشبكة العنكبوتية، مشيرة إلى ضرورة مواجهة العوامل التي تؤدي إلى نمو اليمين المتطرف.
الإرهاب الأبيض يضرب بقوة
يعتقد أنصار اليمين المتطرف بتفوق العرق الأبيض على غيره من العرقيات الأخرى، وكذلك فهو يمقت أصحاب الديانات الإسلامية واليهودية وذوي الأصول المختلفة والمهاجرين، ويعد أخطر ما في هذا التيار فكريًّا هو اعتقاده بنظرية المؤامرة، وأن هناك من يخطط لتصفية العرق الأبيض، ما يجعلهم مصدرًا للشائعات والقلاقل.
ويعد الهجوم الأخير حلقة جديدة في سلسلة الهجمات الكبرى لليمين المتطرف بالبلاد بعد أحداث الكونجرس الأمريكي في يناير 2021، والتي احتشد خلالها أنصار التيار اليميني المتطرف للاعتراض على خسارة المرشح الجمهوري دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية وتنصيب جو بايدن بدلًا منه، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
ومنذ ذلك الوقت، تتأهب الحكومة الأمريكية الجديدة بقيادة «جو بايدن» لمزيد من الإجراءات الحاسمة لتقويض انتشار أنشطة اليمين المتطرف، إذ أطلقت الحكومة وحدة استخبارية جديدة لتعقب التيار والمتعاطفين معه والمروجين لأفكاره الكترونيًّا.
إشكاليات حول انتشار اليمين المتطرف
وفرت مواقع التواصل الاجتماعي فرصة هائلة لربط المنتمين للايديولوجيا المتطرفة مع بعضهم البعض، مع وسائل مبتكرة لنشر أفكارهم وتحركاتهم التنظيمية، ما ضاعف من انتشار أنشطة وهجمات اليمين.
وتبقى إشكالية الاعتراف بجرائم اليمين المتطرف كهجمات إرهابية نقطة جوهرية في كيفية تعاطي الحكومات مع الملف وتوجهاتهم إزاءه، إذ تعتمد بعض الحكومات الغربية مصطلح جريمة كراهية بدلًا من إرهابية لوصف الحوادث الناتجة عن غير الجماعات التكفيرية، ما يؤخر الأدوار الدولية المشتركة نحو تقويض التيار لتعدد الرؤى السياسية حوله.
وتخلق الصراعات الدولية بعدًا آخر لليمين المتطرف، فهو تيار إرهابي لديه ميول فكرية متطرفة ويشكل خطرًا على المجتمعات، وبالتالي يمكن استغلاله من أحد الأطراف الدولية لحساب مصالح سياسية واستراتيجية تضر بعض الدول، ومن ثم فإن الخطورة التي يشكلها اليمين المتطرف على الغرب في صراعاته مع روسيا وحكومات صاعدة أخرى، ينذر بتهديد للأمن القومي الغربي في ظل أفكار يمينية حول اضطهاد حكوماتهم لهم وتآمرها ضدهم.
وتعد أخطر الإشكاليات الخاصة باليمين المتطرف في الولايات المتحدة هي القوانين الداخلية المتعلقة بحمل السلاح، والتي تجعل من خطورة تنفيذ العمليات الإرهابية وسط أفكار متطرفة أمرًا يصعب التنبؤ به أو السيطرة عليه، إلا إذا حاولت الحكومة تعديل القوانين الخاصة بحمل السلاح واعتبار اليمين المتطرف فصيلًا إرهابيًّا.





