العودة الخامسة لإخوان السودان بـ«التيار الإسلامي العريض»
الإثنين 16/مايو/2022 - 06:05 م
مصطفى كامل
تاريخ أسود تتكسر عنده سهام التجديد التي يطلقها إخوان السودان من وقت لآخر في سعيهم لإيجاد موطئ قدم في الملعب السياسي بالبلاد، إذ وقع جدل داخل الأوساط السياسية عقب إعلان توقيع وثيقة تحالف جديد يحمل اسم «التيار الإسلامي العريض» بمشاركة الجماعة، التي لم تتوقف محاولات قادتها الرامية لتسويق أنفسهم مجددًا منذ عزلهم بثورة ملهمة قبل ثلاثة سنوات.
التيار الإسلامي العريض
تفجرت
خلافات واسعة داخل أوساط أحزاب الإسلام السياسي في السودان بعد الإعلان في
18 أبريل الماضي عن توقيع نحو ثمانية كيانات، على وثيقة تأسيس تحالفٍ جديد
يحمل اسم «التيار الإسلامي العريض».
ومن
أبرز الموقعين على إنشاء هذا التحالف حركة «الإصلاح الآن» بقيادة غازي
صلاح الدين، وحزب «دولة القانون» بقيادة محمد علي الجزولي، الذي أطلق سراحه
قبل أيام، كما ضم «منبر السلام العادل» الذي كان يترأسه الراحل الطيب
مصطفى، إلى جانب الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان وآخرين، وتخلف عن التوقيع
حزب المؤتمر الشعبي لمؤسسه الراحل حسن الترابي.
وجاءت
تلك الخطوة بعد أيام قليلة من إفراج السلطات في السودان عن 13 قياديًّا
إخوانيًّا بينهم رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور، والإخوانيان
المتشددان محمد علي الجزولي، وأنس عمر، بعدما اعتقلتهما عدة أشهر بتهمة
الإرهاب وإثارة العنف.
ويمر
السودان بحالة انسداد أفق سياسي وفراغ دستوري وحكومي منذ ما يقرب من ستة
أشهر، بعد الإجراءات التي أعلن عنها رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد
الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021، بحل الحكومة، وإعلان حالة الطوارئ، ومنذ
ذلك الوقت يشهد السودان احتجاجات مستمرة تقودها لجان المقاومة الشعبية
للمطالبة بالحكم المدني.
عودة إخوانية
وفي
لحظة انشغال باضطراب سياسي حاد في السودان، حاولت جماعة الإخوان الاكتساء
بثوب جديد يغطي عورة التنظيم، وخلع عباءة الماضي الملطخة بجرائم القتل
والفساد.
ويرى
خبراء أن الظروف خدمت الإخوان في تجديد جلدهم أربع مرات سابقة منذ تأسيس
التنظيم في خمسينيات القرن الماضي، لكن تجربة الحكم التي خاضوها في السودان
وامتدت لـثلاثة عقود تجعل من الصعب أن يسوق التنظيم نفسه مجددًا، نظرًا لحالة الكراهية المجتمعية والسياسية لهذه الجماعة.
وأبرز
تلك التنظيمات، هو الحركة الإسلامية والتي مثلها في فعاليات ميثاق وحدة
الإسلاميين الذي جرت فعالياته بالخرطوم، الإخواني أمين حسن عمر، والذي كان
مستشارًا بالقصر الرئاسي خلال فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير، بجانب
حزب دولة العدالة والقانون الذي يتزعمه الإخواني المتشدد محمد علي الجزولي
المعروف بولائه لتنظيم داعش الإرهابي.
ووقع
أيضًا على التيار العريض، حزب حركة «الإصلاح الآن» التي يقودها غازي صالح
الدين، والذي كان مستشارًا للرئيس المعزول عمر البشير في القصر الرئاسي،
وشغل عدة مناصب منها وزير الإعلام، قبل أن ينفصل ويؤسس تنظيمًا بمعية آخرين
العام 2013، بدعوى رغبته في الإصلاح.
ويضم
التيار العريض أيضًا حزب «منبر السلام العادل» الذي أسسه الإخواني الراحل
الطيب مصطفى الذي اشتهر بمعاداته لشعب جنوب السودان، بجانب جماعة النهضة
والتجديد التي يتزعمها الإخواني محمد المجذوب، فضلًا عن حزب جماعة الإخوان
المسلمين بفصيليه.
العودة الخامسة
وهذه
هي المرة الخامسة التي تعود فيها جماعة الإخوان إلى المشهد السوداني بمسمى
جديد على مرِّ تاريخها، حيث دخل الملعب السياسي في خمسينيات القرن الماضي
بالحزب الاشتراكي الإسلامي، وانتقل في الستينيات إلى جبهة الميثاق
الإسلامي، ومن ثم الجبهة الإسلامية القومية في الثمانينيات، والتي تمكنت من
الصعود إلى السلطة بانقلاب عسكري قاده المعزول عمر البشير، قبل أن يتخلق
الإخوان، ويتحولوا للحركة الإسلامية وحزبين سياسيين هما «المؤتمر الشعبي
والوطني».
ويؤكد
مراقبون أن الإخوان في السودان لديهم تركة ثقيلة في السودان يصعب عليهم
تخطيها وتصدر المشهد السياسي من جديد، إذ ارتكبت جرائم قتل، ومارست أبشع
أنواع الفساد، وهو ما يجعل مستقبلها مظلمًا للغاية، منوهين إلى أن الإخوان
يواجهون هذه التركة أمامهم عند أقرب استحقاق انتخابي ستشهده البلاد، وليس
من السهل أن يجدوا أرضية قبل أن يعترفوا بأخطاء تجاربهم، ويصححوا منهجهم.
وأشار
المراقبون إلى أن الظروف الحالية كسابقاتها بالنسبة للجماعات الإخوانية
فإن كانت الظروف قد خدمتها في العقود الماضية فإن تجربة الحكم التي خاضتها
تجعل من المستحيل أن يجد هذا التنظيم أدنى درجة من القبول، نظرًا للجرائم
التي ارتكبها والتي مست كل سوداني وما يزال الجميع يدفع ثمنها.





