يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

من «نميري» إلى «البشير».. السودان ملجأ للهاربين الإسلاميين

السبت 12/مايو/2018 - 09:55 م
المرجع
عبد الرحمن صقر
طباعة
في الفترة الأخيرة ساعد النظام في السودان، قيادات من الجماعات الإسلاموية على إنشاء مشروعات عديدة، فمنحهم ملكية مصانع ومزارع دون أن يدفعوا أي مقابل يذكر، الأمر الذي يفتح الباب للتعريف بعلاقة الحكومات السودانيَّة المتعاقبة بهذه الجماعات.

عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان في مصر، هرب إلى السودان عدد كبير من شباب التنظيم،  ومن جماعات الإسلام الحركي والتنظيمات الجهاديَّة المختلفة، والمتابع لهذا الملف يجد أن الأمر بدأ منذ أواخر القرن الماضى وتحديدًا في بداية الثمانينيَّات، حيث أصبح السودان ملجأ للجماعات الإسلاموية وتنظيماتها المسلحة.

وبالعودة الى الماضي القريب نجد أن السودان كان دائمًا بوابة هروب الإسلاميين من مصر، فمنذ تسعينيَّات القرن الماضي، هربت عناصر عديدة، أمثال عمر عبدالرحمن، الأب الروحي للجماعة الإسلامية المسلحة وحركة الجهاد، ما جعل السودان أرضًا خصبة للفارين من مصر.

وفي 1990 أبلغت مصر الحكومة السودانيَّة، قلقها البالغ لازدياد أعداد أفراد الجماعات الإسلامية المصرية، الهاربين من أحكام صدرت ضدهم إلى السودان، وأشارت إلى تلقيهم تدريبات في معسكرات الجبهة القومية الإسلامية، بزعامة حسن الترابى، القيادى البارز والمؤسس الثانى للإخوان فى السودان، مع وجود «عبدالرحمن» في السودان، في ذلك الوقت.

جاء رد إبراهيم آدم، عضو المجلس العسكري الحاكم بالسودان آنذاك، في لقاء له على شاشة التليفزيون الرسمي، قائلا، إن استضافة الخرطوم لــ«عبد الرحمن» كاستضافة القاهرة للمعارضة السودانية. وظهر «عبدالرحمن» على شاشة التليفزيون السودانى في ذلك الوقت، متحدثا عن مشروع الدولة الدينية في مصر والسودان، كما سمحت له السلطات السودانيَّة بإلقاء عدد من المحاضرات العامة والأحاديث التليفزيونية، ومساعدته في الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت محللون في شأن الجماعات الإسلاموية، إلى أن المواقف المعادية التي اتخذتها حكومة السودان ضد مصر، عقب الإطاحة بحكم الإخوان 2013، جعلت الجماعات الإسلاموية تنظر إلى السودان على أنه ملجأ قوى وآمن لهم.

يقول أنور عكاشة، الجهادي السابق وشرعي التنظيمات الجهادية سابقًا، فى تصريح خاص لـــ«المرجع»: «النظام السودانى من منذ أيام جعفر نميرى، الرئيس الخامس للجمهورية من 25 من مايو 1969 إلى 6 من أبريل 1985، منح الإسلاميين قدرًا كبيرًا من الحرية ما شجعهم على الهروب إلى السودان، وكانت مصر مأوى المعارضة السودانيَّة طوال عهد مبارك أيضًا بالإضافة للجغرافيا والحدود المفتوحة الوعرة التى يصعب السيطرة عليها».

وأضاف «عكاشة»: «إن فكرة طرد قيادات الجماعات الإسلامية، التى يروج لها السودان كل فترة غير صحيحة بالمرة، لأن وجود هذه الجماعات على هوى المخابرات السودانية».

في السياق ذاته اختلف محيي عيسي، القيادي الإخواني السابق، في تصريحات خاصة لـ«المرجع» مع ما سبق واعتبر أن الأمر توجه حكومي سوداني، وإيمان بالتيار الإسلامى وجماعاته.

كما أضاف «عيسي»، أن السودان يستخدم الجماعات الإسلامية المصرية أداة ضغط، وورقة من أجل مكاسب للحكومة السودانية، وتابع قائلا، إن الدليل هو إبلاغ الحكومات السودانية المتعاقبة لبعض القيادات الإخوانية المصرية وقيادات الجماعات الأخرى بمغادرة السودان، حال إجراء أى تفاوض مع الأنظمة الحاكمة فى مصر.

ورجح هشام العلي، الباحث العراقي في شؤون الحركات الإسلامية، فى تصريح خاص لـــ«المرجع» أن جغرافية مصر وحدودها المفتوحة مع السودان كان لها عامل مهم، في نقل مفاهيم جماعات الإسلام الحركي، من بلد متعدد الثقافات السياسية والروحية مثل مصر، إلى بلد يعتنق العقيدة الصوفية، ثقافة متجذرة في مجتمعه في وقت ليس لمصر حدود مفتوحة على البر غير السودانية والليبية.

وأشار «العلي»، إلى جانب عامل آخر هو الفقر، الذي يعاني منه الشعب السوداني، ما يدفع الشباب إلى اعتناق أي حركات سياسية تلبي طموحاتهم في العيش، وأن الصراع مع الجنوب المسيحي كان محفزًا لأهل الشمال، للتمسك بالحركات الإسلامية العنيفة في رد فعل معاكس.
وأضاف «العلي» أن دعم حكومة «البشير» للحركات الإسلامية، ساعد على انتشارهم في السودان وهو ما يعد أقوى عوامل وجودهم.
"